أذرع إيران في المنطقة العربية والهدف من الخوض في حروب مستمرة وعدم الإستقرار
في الوقت الذي ينشغل فيه العالم اﻹسلامي بالواقع المرير الذي تعيشه غزة، والقضية الفلسطينية بشكل عام، خاصة بعد مفاجأة حماس للعالم بهجمتها الكاسحة في الداخل اﻹسرائيلي بجنوده والياته وتكنولوجياته، وتصاعد الاتهامات ضد الرد الإسرائيلي على قتل حماس لحوالي 1400 رجل وامرأة وطفل، واختطاف ما لا يقل عن 200 شخصًا، أظن أنه من المنطقي والواجب ان نسأل السؤال التالي:
لو أنه كان بإمكان حماس أن تعلم حجم الخسائر اﻹنسانية التي ستنتج عن هجومها في الداخل اﻹسرائيلي، ولو رأت المحنة اﻷليمة، رؤية العين، كما يراها أهل غزة، فهل كانت ستقوم بما قامت به؟
ومن خلال اجتهادي فأنه لم يعد خاف على أحد، وأهل غزة وفلسطين يستلهمون أشد صبرهم ﻹجتياح محنة أخرى في طريق كثرت محنه، أن أهداف حماس من صراعها مع إسرائيل قد تجاوزت بعدها الفلسطيني وحتى العربي، لتصبح في الواقع تحقيقا لحرب بالوكالة في وقت كثرت فيه هكذا حروب. ولدينا معطيات على أرض الواقع أفادنا بها من هو في عين العاصفة. ومن واجبنا أن نمررها إلى الرأي العام.
إيران لها أجندتها الخاصة في كل من الشرق الأوسط والخليج العربي وبعض الدول العربية في شمال إفريقيا. أهداف إيران الأساسية تتمثل في زعزعة استقرار وأمن الأنظمة في المنطقة العربية من خلال تغيير الأنظمة وجعلها مرهونة بطهران وإيران على أتم الإستعداد لإستخدام أي مخطط أو أداة خطيرة مفيدة في الوقت ذاته لتحقيق أهدافها الحالية. والدليل أنها تستضيف كبار قادة القاعدة بالرغم من أن أهدافهم بعيدة المدى متعارضة مع بعضها الآخر. وازدادت وتيرة نشاطهم العسكري حينما انطلق مسلسل التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.
الحضور الإيراني في هذه الحرب واضح للعيان على المستوى اللوجيستيكي وعلى مستوى العتاد. إطلاق خمسة آلاف صاروخ في ليلة واحدة هو ضرب من الجنون يفوق قدرات الدول فبالأحرى أن يملكه تنظيم من مستوى “حماس”. العتاد الذي يتزود به هذا التنظيم الفلسطيني جنوب غرب إسرائيل هو ذاته، كما ونوعا، يملكه حزب الله في الحدود المتاخمة لشمال إسرائيل. ومن هنا، تتأكد خطورة ضلوع إيران في الحرب الجارية؛ كما لو لم يكن هناك ناظم واحد على إيقاع هذه الحروب ألا وهو الطرف الإيراني.
واليوم، كما يبدو أن هذه الحرب إنهاؤها لم يعد ملكا لهما ومن دخلها لن يعرف متى وكيف سيخرج منها. وهي حرب ستطول، وستأتي على الأخضر واليابس، وأن الذي سيدفع الثمن غاليا هم الأبرياء من الشعب الفلسطيني، أطفالا ونساء وشيوخا. أناس عزل لا حول ولا قوة لهم. أما المقاتلون كما يسمونهم فهم وذووهم في مأمن مدججين بالسلاح. بينما قيادتهم السياسية وذووهم فهم بعيدون كل البعد عن أزيز الرصاص وهدير المدافع وانفجارات الصواريخ؛ بل إنهم ينعمون، خارج قطاع غزة، في بحبوحة من العيش الرغيد في فنادق خارج التصنيف.
يجب على الجميع أن يدرك أن تداعيات هذه الحرب قد يتجاوز مداها حدود الأطراف المتنازعة لحسابات واعتبارات استراتيجية كما تفهمها وتريدها إيران. قراءة طهران للتحركات الدبلوماسية في المنطقة العربية تثير لديها مخاوف من أن تتغير الموازين بشكل قد يؤثر سلبا على مصالحها في المنطقة. وما يؤكد ذلك أن التوقيت الذي شنت فيه هذه الحرب يفسر هواجس إيران من عمليات التطبيع الجارية على قدم وساق بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.
المصدر: وكالات