أشتية يطالب بفتح «مطار القدس» وليس «رامون» للفلسطينيين

طالب رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بفتح «مطار قلنديا» في القدس للفلسطينيين، في رفض مباشر لمقترح فتح مطار «رامون» البعيد، في ظل أزمة خانقة ومذلة يعاني منها المسافرون الفلسطينيون عبر المعابر الثلاثة: الفلسطيني والإسرائيلي والأردني. وقال اشتية في مستهل كلمته بجلسة مجلس الوزراء، التي عقدت اليوم (الاثنين)، في رام الله، إن سلطات الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عما يتعرض له المسافرون عبر معبر «الكرامة» من تضييق، وتعطيل لتنقلاتهم. وأضاف: «نطالبهم بفتح (مطار القدس) في منطقة قلنديا، وإزالة العراقيل أمام حركة الأفراد، والبضائع، من وإلى فلسطين». وتابع: «نحن والأردن الشقيق على ذات المسافة في كل ما هو ممكن لرفع المعاناة التي تتسبب فيها إجراءات الاحتلال على الجسر، ونعمل سوياً لإنهاء ذلك».
ويعاني الفلسطينيون من أزمة خانقة منذ بداية فترة الصيف، ويتعرضون لرحلة مذلة عبر المعابر الثلاثة تستغرق ساعات عدة تحت حر الصيف، واضطر بعضهم للعودة مرات عدة من الحدود أو النوم على أحد المعابر، بسبب الإغلاقات التي خلقتها الاكتظاظات الشديدة. ويجبر الفلسطينيون على المرور عبر معبر «الكرامة» الفلسطيني وختم جوازاتهم هناك ثم دفع مبلغ ضريبي للمغادرة، قبل أن ينتقلوا في حافلات إلى معبر «اللنبي» الإسرائيلي ليخضعوا لتدقيق ثان وتفتيش، ثم عبر حافلات إلى «جسر الملك حسين» من أجل تدقيق ثالث قبل الولوج إلى الأردن. أما الذين سيسافرون إلى خارج الأردن؛ فعليهم الذهاب إلى «مطار الملكة علياء». وتأخذ الرحلة ساعات عدة مع صفوف انتظار طويلة، وتكلفهم دفع ضرائب مغادرة ودخول وبدل تنقل ونقل حقائب.
وسط هذه المعاناة، اقترحت إسرائيل في خطوة عدّتها بادرة حسن نية للفلسطينيين والأميركيين، فتح مطار «رامون» البعيد لسكان الضفة. وتستعد إسرائيل عملياً لتشغيل مطار «رامون» القريب من مدينة إيلات جنوب إسرائيل، من أجل بدء أولى الرحلات للفلسطينيين من هناك إلى إسطنبول في تركيا الشهر المقبل. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن شركة الطيران التي تتجهز لتسيير الرحلات المباشرة للفلسطينيين من مطار «رامون» هي شركة «بيغاسوس» التركية، التي تسير حالياً رحلات مباشرة إلى تركيا من «مطار بن غوريون» في تل أبيب. ويمنع على الفلسطينيين السفر من «مطار بن غوريون» إلا في حال حصولهم على تصريح خاص، وهو أمر نادر الحدوث ومعقد. ويفترض أن تنظم عملية نقل الفلسطينيين إلى مطار «رامون» في إطار خاص؛ حيث يحصل الركاب على تصريح كذلك، ويتنقلون في حافلات يستغرق وصولها للمطار نحو 4 ساعات من رام الله، مع إجراءات أمنية بطبيعة الحال.
وقال «المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)»، إن «مطار رامون الدولي» على بعد نحو 18 كيلومتراً شمال مدينة إيلات (جنوباً)، ويبعد نحو 340 كيلومتراً عن مدينة القدس المحتلة، وقد أنشئ في عام 2019، وكلف نحو 1.7 مليار شيقل، على مساحة تصل إلى نحو 14 ألف دونم قابلة للتوسيع، هو مشروع فاشل. فعند احتساب عدد المسافرين في سفريات دولية، سافر في عام 2019 من مطار «رامون» 348 ألف مسافر، وفي عام 2020 هبط العدد إلى 126 ألفاً، ثم في عام 2021 هبط عدد المسافرين دولياً إلى 4800 فقط، أما في عام 2022، فقد وصل عدد المسافرين في الربع الأول من العام، إلى 20 مسافراً فقط على متن 9 طائرات مختلفة. وتتعدد أسباب عزوف الإسرائيلي عن مطار «رامون» البعيد جداً، وقد تشمل انتشار وباء «كورونا» وإغلاق المطارات، أو ارتفاع الأسعار، أو بعد المسافة. لكن إسرائيل تدرك أن ثمة حاجة ملحة لإنقاذ المطار من خلال تحويله إلى مطار فعال، وهذا ما يرجح الاعتقاد بأن السماح للفلسطينيين بالسفر من هذا المطار قد يوفر عامل إنقاذ فورياً. ويرى «مدار» أن فتح مطار «رامون» للفلسطينيين يقوم على فكرة مفهوم تقليص الصراع القائم بالحفاظ على الاحتلال الإسرائيلي، والمستوطنات، وتوسيعها. وفي المقابل، تقليل، أو تقليص، كل الأسباب التي تدفع إلى الاحتكاك بين الفلسطيني والإسرائيلي، وتسهيل حياة الفلسطينيين، وتقديم «إغراءات» لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، وإنما تشكل أموراً حيوية مثل السماح للفلسطينيين باستخدام مطارات إسرائيلية.
ولكل هذه الأسباب؛ فإن الفلسطينيين يرفضون مطار «رامون» ويركزون على «مطار القدس»؛ لأنه يحمل رمزاً سياسياً كذلك. و«مطار القدس»، الذي يعرف أيضاً باسم «مطار قلنديا»؛ لقربه من بلدة ومخيم لاجئين يحملان الاسم نفسه، هو الأقدم في فلسطين، وأُنشئ عام 1920 خلال فترة الانتداب البريطاني على أرض مساحتها 650 دونماً، واستخدم لأغراض عسكرية آنذاك. ثم حوله الأردن إلى مطار مدني، قبل أن تحتل إسرائيل المنطقة عام 1967 وتحوله لأغراض سياحية وتجارية ثم تغلقه.
وقال موسى رحال، المتحدث الرسمي باسم وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية، إن المقترح الإسرائيلي حديث «من طرف واحد، وموقف دولة فلسطين واضح تماماً؛ إذ يجب تنفيذ ما تنص عليه الاتفاقيات الموقعة قبل التوجه لأي خيار». وتابع: «بموجب الاتفاقيات؛ هناك (مطار القدس الدولي – قلنديا) الذي يجب تسليمه لدولة فلسطين ليتم ترميمه والعمل به واستخدامه لسفر الفلسطينيين، وهناك (مطار غزة الدولي) الذي تم تدميره ويرفض الاحتلال ترميمه وتشغيله».

المصدر: الشرق الأوسط