إسبانيا تحصي خسائرها جراء وقف التجارة مع الجزائر

كشفت الحكومة الإسبانية عن خسائر مالية تكبدتها، جراء قرار الجزائر وقف التجارة معها منذ 7 أشهر، كرد فعل على تخلي مدريد عن حيادها إزاء نزاع الصحراء، وانحيازها إلى خطة الحكم الذاتي المغربية في الإقليم.

وجرت محاولات محتشمة لإنهاء «القطيعة الاقتصادية» بين البلدين المتوسطيين، لكن لا شيء تغيَّر بسبب التمسك بالمواقف السياسية لكل طرف، بما يرجح استمرار حدة التوتر إلى أجل غير معلوم.

وأكدت وزارة التجارة الإسبانية، أمس، أن أصحاب المؤسسات الاقتصادية في البلاد الذين يتعاملون مع الجزائر بيعاً وشراءً، أحصوا خسائر بـ4.4 مليون يورو يومياً، منذ مارس (آذار) الماضي. وفاقت الخسائر في شهر يوليو (تموز) 127 مليون يورو، في حين بلغت 234.6 مليون يورو في يونيو (حزيران)، بحسب الوزارة. ولم تكن الإحصائيات في مجال التجارة جيدة، عام 2021، لكن ليس لأسباب سياسية كما هو الحال عام 2022، وإنما بسبب الإجراءات الاحترازية من وباء كورونا.

ومست الخسائر، حسب صحف إسبانيا، قطاعات كثيرة منها الصناعة الغذائية ولحوم المواشي، التي تمثل نسباً مهمة من رقم أعمال الشركات الإسبانية مع السوق الجزائرية.

وباستثناء إمدادات الغاز المرتبطة بعقود طويلة المدى، أوقفت الجزائر كل المبادلات الاقتصادية مع إسبانيا، التي كانت قيمة بضائعها المصدرة إلى الجزائر تصل إلى 3 مليارات يورو، قبل الأزمة السياسية الحادة غير المسبوقة بين البلدين. وتشير مصادر سياسية إلى أن شركة «سوناطراك» الجزائرية للمحروقات، خفضت من حصة إسبانيا من الطاقة، في المدة الأخيرة. وفي الأسبوع الماضي، أعلن رئيسها توفيق حكار عن مراجعة الأسعار مع شركائها الإسبان والإيطاليين، وفق أسعار الطاقة الجديدة في الأسواق الدولية.

وكانت إسبانيا قد صدرت إلى الجزائر في 2021 منتجات بقيمة 1.88 مليار يورو، واستوردت منها ما قيمته 4.7 مليار يورو، علماً بأن منتجات قطاع الطاقة شكلت أكثر من 90 في المائة، مما استوردته المملكة من الجزائر، وخصوصاً الغاز.

وبنهاية يونيو الماضي، اتهمت مدريد الجزائر، بـ«الإخلال بتعهداتها» الواردة في اتفاق الشراكة المبرم مع الاتحاد الأوروبي عام 2002، والتي تتعلق بحركة التجارة مع البلدان الأعضاء في الاتحاد. وأُطلقت مساعٍ لدى المفوضية الأوروبية لدفعها إلى التشدد مع الجزائر. وصرَح وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، يومها، بأنه سيدافع «بحزم» عن مصالح إسبانيا في هذا الملف. وأشار إلى أن بلاده ستحيل كل التعاملات المتوقفة على المفوضية الأوروبية، لطلب تفسيرات من جانب الجزائر.

في المقابل، نفت البعثة الدبلوماسية الجزائرية في بروكسل، «المزاعم» الخاصة بوقف التجارة مع إسبانيا، مؤكدة أن «ذلك موجود فقط في أذهان من يدعونه ومن سارعوا إلى استنكاره».

والأسبوع الماضي، نقلت مصادر سياسية جزائرية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، ارتياح السلطات لما وصفته «إشارات إيجابية تفيد بأن إسبانيا بصدد مراجعة سوء تقديرها بشأن قضية الصحراء، وأنها ستعود إلى حيادها إزاء النزاع».

جاء ذلك عقب تصريحات لرئيس الحكومة بيدرو سانشيز في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد فيها أن بلاده «تؤيد حلاً سياسياً مقبولاً للطرفين فيما يتعلق بالصحراء». وعدَّ ذلك، من جانب الجزائر، «تراجعاً عن الموقف الداعم للمغرب بشأن الصحراء». وكتبت صحيفة «جان إندبندنت» الفرنكفونية الجزائرية، أن تصريحات سانشيز في نيويورك «تتعارض مع الموقف الذي عُدّ مؤيداً للمغرب، عندما قدم دعماً لخطة الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط».

المصدر: الشرق الأوسط