الأزمة الطبية في غزة وصلت لمستوى لا يصدق…جروح مفتوحة دون علاج ونقض مزمن في الشاش ومواد تثبيت الكسور والتخدير
قالت منظمات إغاثة إن الأزمة الطبية في مستشفيات قطاع غزة وصلت لمستوى “لا يمكن تصوره”، في وقت يستمر فيه الجيش الإسرائيلي بعمليته في مجمع الشفاء الطبي شمال قطاع غزة الأسبوع الماضي، وحصاره لمستشفى الأمل ومستشفى ناصر في خان يونس جنوباً، لليوم الثاني.
وقال بيان صدر عن منظمات الإغاثة التي تضم لجنة الإنقاذ الدولية ومنظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين، إن الوضع الطبي في مستشفيات غزة، وصل لحالة “لا يمكن تصورها”، إذ تترك جروح كبيرة مفتوحة دون علاج، كما يواجه الطاقم الطبي نقصاً مزمناً في المواد الطبية الأساسية، بما في ذلك الشاش الجراحي ومواد تثبيت الكسور.
وعادة ما يصرح الجيش الإسرائيلي بأن عملياته في مستشفيات قطاع غزة، ضد مقاتلين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي أو بحثاً عن الأنفاق تحتها، وهو ما تنفيه الحركة وكوادر طبية. وأعلن الجيش الإسرائيلي قتل عشرين فلسطينيا قال إنهم مقاتلون في محيط مستشفى الأمل.
وكان الجيش الإسرائيلي صرح عبر موقعه الرسمي إنه يواصل قتاله “الدقيق في منطقة مستشفى الشفاء” وأن العملية مستمرة حتى القبض على آخر مسلح، معلناً عن استجواب 850 فلسطينياً واعتقال 480 آخرين يتهمهم بالانتماء لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية كبيرة مستمرة منذ الإثنين الماضي داخل وحول مستشفى الشفاء، وهو من أقدم وأكبر مستشفيات غزة، وبحسبه فإن العملية أسفرت عن مقتل نحو 170 مسلحاً.
يعد مستشفى الشفاء من مرافق الرعاية الصحية القليلة التي تعمل في شمال غزة.
وفي بيان صدر عن حركة حماس الأحد ونشرته عبر حسابها على تطبيق تلغرام، وصفت الحركة الحصار الإسرائيلي لمستشفى الأمل، و”توغل الآليات باتجاه مستشفى ناصر وسط غارات جوية كثيفة، بالتوازي مع استمرار الجرائم الصهيونية في مجمع الشفاء الطبي، ضد المدنيين العزل من المرضى والجرحى”، بالـ “جريمة”.
كما اتهمت حماس إسرائيل بالإصرار على ارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، “عبر تدمير كل سبل الحياة في قطاع غزة وعلى رأسها المستشفيات”، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل.
وصرح الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان تداولته وكالات الأنباء، بإغلاق قوات مدرعة إسرائيلية لمستشفى الأمل، وتنفيذ عمليات تجريف واسعة في محيطه.
وفي وقت يقول فيه الجيش الإسرائيلي إنه بدأ تنفيذ حملة عسكرية في حي الأمل غربي خان يونس، معلناً أن الهدف “الاستمرار في تفكيك البنى التحتية الإرهابية”، قال الهلال الأحمر الفلسطيني “جميع فرقنا في خطر شديد في الوقت الحالي وهي مشلولة تماماً”.
وأعلن الهلال الأحمر مقتل أحد موظفيه خلال التوغل المفاجئ للدبابات الإسرائيلية والقصف العنيف وإطلاق النار، في المناطق المحيطة بمستشفى الأمل والناصر.
كما نقلت رويترز عن سكان في خان يونس قولهم إن الدبابات الإسرائيلية تقدمت قرب مستشفى حي ناصر “تحت غطاء نيران كثيفة من الجو والأرض”.
وينزح العديد من سكان القطاع للمستشفيات والمدارس والمباني التابعة للأمم المتحدة.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن الجيش قصف العديد من مباني مستشفى الشفاء، بما في ذلك قسم أمراض الشرايين الذي اشتعلت فيه النيران. كما تحدث الإعلام الحكومي السبت عن “حرق عدة مباني في المجمع واحتجاز نحو 240 من المرضى ومرافقيهم، والعشرات من الكوادر الطبية”، بحسب ما ورد في وكالة الأنباء الفرنسية.
تقول طبيبة التخدير الدكتورة كونستانتينا إيليا كاردي، إن أطباء أجروا عدداً من العمليات الجراحية المعقدة، لكن بعض مرضاهم توفوا بسبب الالتهابات، وعدم القدرة على توفير الرعاية بعد الجراحة، وفق بيان منظمات الإغاثة.
وقال الطبيب المختص في جراحة العظام الدكتور حسام بشير، إن المستشفيات كانت تدير شؤونها بالحد الأدنى من الموارد، بل وتفتقر في بعض الأحيان إلى الضروريات الأساسية مثل الشاش.
وبحسب بيان الصادر عن الهلال الأحمر طالبت الطائرات الإسرائيلية المسيرة “جميع المتواجدين في المستشفى [الأمل] بالخروج منه عراة [وسط] إطلاق قنابل دخانية على المستشفى …”.
وأعلن الهلال الأحمر “استشهاد أمير صبحي أبو عيشة، أحد كوادر غرفة عمليات الطوارئ في الهلال الأحمر الفلسطيني، برصاص الاحتلال أثناء عمله في مستشفى الأمل في خان يونس”.
أما في مجمع الشفاء الطبي الذي سبق للجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية فيه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طالتها انتقادات دولية، فقد قالت وكالة فرانس برس إن مئات الأشخاص فروا بعد اقتحام عشرات الدبابات والمركبات المدرعة للأحياء المحيطة بمجمع الشفاء.
وأضافت أن الجيش الإسرائيلي ألقى منشورات طلب فيها من السكان إخلاء المنطقة والتوجه غرباً، ثم سلوك شارع الرشيد الساحلي إلى المواصي، على بعد نحو 30 كيلومتراً في الجنوب.
وكانت آلاء أبو الكاس، شاهدة عيان على ما يجري في مجمع الشفاء الطبي قالت لبي بي سي قبل أيام، إن النازحين للمجمع تعرضوا لانتهاكات مثل “التجويع والتعطيش، والتخويف، والرعب”.
وأضافت: “عندما كانوا يخرجوننا كانت فوهات البنادق فوق رؤوسنا والدبابات أمامنا. كانوا يطلقون الرصاص في الهواء حولنا وعلى رؤوسنا لتخويف الصغار والمسنين”.
وتابعت: “أخرجونا عشرة عشرة.. وكانت معهم أجهزة وكاميرات. وكلما اشتبهوا في أحد استدعوه ووضعوا أغراضه على جهاز، فإذا أصدر الجهاز ضوءا أحمر أخذوه إلى مكان غير معلوم وإذا أصدر ضوءا أخضر تركوه يمر”.
وتنقل وكالة الأنباء الفرنسية عن الجيش الإسرائيلي قوله إنه يطلق سراح المعتقلين غير المتورطين “في أنشطة إرهابية”، وإن “المحتجزين يعاملون وفقا للقانون الدولي”.
لكن وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية أيضا، قال محمود أبو عمرة (50 عاما)، وهو من سكان حي الرمال، إن “قوات الاحتلال اقتحمت فجر الجمعة، جميع المنازل والعمارات السكنية في محيط منطقة الكتيبة ودوار الأمم المتحدة غرب غزة”.
وقال إنهم “أخرجوا جميع السكان من المنازل وأجبروا كل الشباب الذكور فوق سن 16 عاما على خلع ملابسهم بالكامل، إلا الملابس الداخلية السفلية، وقاموا بتقييدهم وضربهم بأعقاب البنادق وشتمهم بشتائم نابية، ثم أخذوهم إلى مدرسة بجانب مستشفى الشفاء للاستجواب”.
أما النساء والأطفال، فقال أبو عمرة “إنهم يرغمونهم على التوجه غرباً باتجاه الساحل ومن ثم إلى الجنوب”.
المصدر: وكالات