الأمم المتحدة تحذر من احتمال “توقف” عمليات الإغاثة في غزة
حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) من أنها ستضطر إلى وقف عملياتها الإغاثية الأربعاء في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مركز، بسبب نقص إمدادات الوقود في وقت تتصاعد الدعوات إلى “وقف إطلاق نار” إنساني في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وبعد 18 يوما من قصف إسرائيلي مدمر وحصار شبه كامل برا وبحرا وجوا للجيب الفلسطيني، حذرت الوكالة التابعة للأمم المتحدة من أن عملياتها وصلت حد الانهيار.
وقالت الوكالة التي تقدم المساعدة لـ600 ألف نازح في غزة “إذا لم نحصل على الوقود بشكل عاجل، سنضطر إلى وقف عملياتنا في قطاع غزة”.
في السابع من تشرين الأول/أكتوبر تسلل مئات من مقاتلي حماس إلى إسرائيل من غزة، في هجوم غير مسبوق ردت عليه إسرائيل بقصف جوي ومدفعي مكثف على غزة، أسفر عن مقتل 6546 فلسطينيا، بينهم 2704 طفلا، وفق آخر حصيلة أصدرتها وزارة الصحة في حكومة حماس الأربعاء.
ومن الجانب الإسرائيلي، قتل أكثر من 1400 شخص معظمهم من المدنيين سقطوا في اليوم الأول من هجوم حماس، فضلا عن احتجاز حماس أكثر من 200 رهينة، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وتشهد مستشفيات قطاع غزة اكتظاظا كبيرا بالمرضى والجرحى والنازحين، دفع بالطواقم الطبية إلى علاج الجرحى في الممرات وعلى الأرض.
يقول أحمد عبد الهادي وهو طبيب جراحة عظام في قسم الطوارئ في مستشفى خانيونس “اجرينا العديد من العمليات الجراحية لمصابين دون تخدير”. وأضاف “التخدير غير متوفر بشكل كاف في المستشفى”.
وأكد مدير مستشفى الشفاء الطبيب محمد أبو سلمية ذلك قائلا إن “المستشفيات في حالة انهيار تام، عشرة مستشفيات خرجت عن الخدمة”.
وأضاف أن “أكثر من 90 في المئة من الأدوية والأدوات الطبية نفدت (…) وصلت مساعدات طبية لا تكفي ليوم واحد”.
وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ”القضاء على حماس” وضمان ألا تشكل تهديدا للمدنيين الإسرائيليين.
لكن يتزايد القلق الدولي بشأن تبعات “عملية السيوف الحديدية” التي تشنها إسرائيل.
وتجاوزت حصيلة القتلى في غزة الثلاثاء 700 بحسب وزارة الصحة، وقالت الأمم المتحدة إن الرقم هو الأعلى في يوم واحد منذ اندلاع الحرب.
وليل الثلاثاء الأربعاء قتل ثمانون شخصا على الأقل كما أعلنت حكومة حركة حماس الأربعاء.
وتقول وكالات الإغاثة إن المستشفيات تعمل فوق طاقتها ومولدات الكهرباء تفتقر للوقود فيما نزح نحو 1,4 مليون فلسطيني، هم أكثر من نصف سكان القطاع، من شماله هربا من القصف أو بعد إنذار وجهته إسرائيل بإخلاء مدينة غزة.
ومنذ اندلاع الحرب سُمح لبضع عشرات من الشاحنات المحملة بمواد أساسية بالدخول من الجانب المصري للحدود مع غزة، لا تكفي لتلبية الاحتياجات بحسب وكالات إغاثة.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني الثلاثاء إنه تسلم الدفعة الرابعة من المساعدات الإنسانية تضم ثماني شاحنات.
وتضمنت المساعدات أدوية ومواد غذائية وماء لكن ليس الوقود في وقت أعلن مارك ريغيف مستشار رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لشبكة سي إن “ليس لدينا أي مصلحة في الوقت الحاضر في أن تتلقى الآلة العسكرية لحماس المزيد من الوقود، ولم نسمح بالوقود”.
– معاناة هائلة –
الأربعاء، ألغى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خططه لزيارة أسرائيل بسبب حربها “اللاإنسانية” على حركة حماس في غزة.
أما الأمم المتحدة فقالت إنها تعتبر أن قطاع غزة شهد “16 سنة من تراجع التنمية”.
وأكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا أمام منتدى للاستثمار في الرياض أن الحرب المتواصلة منذ 19 يوما بين إسرائيل وحماس بدأت تؤثر بشكل سلبي على اقتصادات الدول المجاورة في المنطقة. ووفقا لغورغييفا فإن تأثير الحرب “واضح بالفعل” في كل من “مصر ولبنان والأردن”.
من جانبه، وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة وسيبحث مع نظيره عبد الفتاح السيسي الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء إن غزة تشهد الآن “معاناة هائلة” ودعا إسرائيل في نفس الوقت إلى حماية المدنيين.
وقال أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك إن “القصف المتواصل لغزة من جانب القوات الإسرائيلية، ومستوى الخسائر في صفوف المدنيين، والتدمير الشامل للأحياء ما زال يتصاعد، وهو أمر مثير لقلق بالغ”.
وعبر الأمين العام عن “القلق البالغ بشأن الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني في غزة”، وأكد أنه “ليس هناك أي طرف في النزاع المسلح فوق هذا القانون”، من دون الإشارة صراحة إلى إسرائيل.
وأثارت تصريحات غوتيريش رد فعل شديدا من وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الذي سأله “في أي عالم تعيشون؟” مذكّرا بالمدنيين وبينهم أطفال الذين قتلوا في هجوم حماس على إسرائيل.
ورفضت إسرائيل وحلفاؤها حتى الآن الدعوات المطالبة بوقف لإطلاق النار الذي يقول البيت الأبيض إنه لن يفيد سوى حماس.
غير أن مسؤولين أميركيين أشاروا إلى احتمال طرح “هدنة إنسانية” محدودة في مناطق معينة للسماح بدخول المساعدات وحماية المدنيين.
وأكّد الرئيس الأميركي جو بايدن أنّه لا يمكن الحديث عن أيّ مباحثات حول وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس قبل الإفراج عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم الحركة في قطاع غزة.
بدوره قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “يجب أن يكون بالإمكان إدخال المواد الغذائية والماء والأدوية وغيرها من المساعدات الإنسانية الضرورية إلى غزة”. وأضاف “هذا يعني أنه يجب أن يتمكن المدنيون من الابتعاد عن الخطر. ويعني أنه يجب النظر في هدنات إنسانية لهذا الغرض”.
وفي الأثناء تواصل إسرائيل حشد عشرات آلاف الجنود عند حدود قطاع غزة تمهيدا لهجوم بري محتمل.
ويبدو أن العملية البرية تأخرت بسبب ضغوط دولية وخلافات بين المسؤولين السياسيين والعسكريين وإلى ملف الرهائن الحساس، وصعوبة القتال في منطقة شديدة الاكتظاظ وتنتشر فيها شبكة أنفاق.
وقال جندي إسرائيلي من وحدة 601 في سلاح الهندسة لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه “ثمة عوائق كثيرة، فالعدو يمطرنا بالصواريخ وبأمور أخرى لا يمكنني تفصيلها، لمنعنا من التقدم”.
– الهدف الأول –
أفرجت حماس حتى الآن عن أربع رهائن من بينهم الإسرائيلية يوشيفيد ليفشيتز البالغة 85 عاما.
وقالت ليفشيتز للصحافيين غداة الافراج عنها بعدما أمضت أكثر من أسبوعين في الأسر، إنها خبرت “الجحيم” وتعرضت “للضرب” بعد خطفها، لكنها تلقت أيضا “معاملة جيدة” من مقاتلي الحركة واقتيدت في “شبكة عنكبوتية” من الأنفاق.
وإلى جانب ليفشيتز أفرجت حماس أيضا عن نوريت كوبر لـ”أسباب إنسانية” بوساطة من قطر ومصر.
ولا يزال زوجاهما الثمانينيان ضمن أكثر من 200 رهينة بينهم أجانب خطفتهم حماس خلال هجومها داخل الدولة العبرية.
ووصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الأردن الأربعاء بعد زيارة إلى إسرائيل والاراضي الفلسطينية الثلاثاء أكد خلالها أن الإفراج عن الرهائن يجب أن يكون “الهدف الأول” للحملة العسكرية الإسرائيلية.
ومع اشتداد الضربات الإسرائيلية، تواصل حماس قصفها الصاروخي على الدولة العبرية.
ودوت صفارات الإنذار في وسط إسرائيل بعد ظهر الثلاثاء، واعترضت منظومة “القبة الحديدية”صواريخ قرب تل أبيب، بحسب مراسلي فرانس برس.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه “استهدف خلية لغواصي (حماس)” حاولت “التسلل داخل إسرائيل من البحر في قطاع كبيوتس زيكيم” على بعد ثلاثة كيلومترات شمال الحدود مع قطاع غزة.
ووسط مخاوف من توسع رقعة النزاع إلى الشرق الأوسط، وجه بلينكن الثلاثاء تحذيرا إلى إيران، مؤكدا أن الولايات المتحدة سترد “في شكل حاسم” على أي هجوم تشنه طهران أو “وكلاؤها”.
وفي سوريا، قتل ثمانية جنود سوريين في قصف جوي إسرائيلي استهدف عدة نقاط عسكرية في محافظة درعا (جنوب) وفق ما أفادت وزارة الدفاع.
واستهدف قصف إسرائيلي آخر مطار حلب الدولي بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال بلينكن خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي إن “الولايات المتحدة لا تسعى الى نزاع مع إيران. لا نريد لهذه الحرب أن تتسع. ولكن إذا هاجمت إيران أو وكلاؤها القوات الأميركية في أي مكان (…) فسندافع عن مواطنينا، سندافع عن أمننا، في شكل سريع وحاسم”.
وفي الضفة الغربية، قتل ستة فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في كل من جنين وقلقيلية في شمال الضفة الغربية ومخيم قلنديا شمال القدس.
وبمقتل الستة يرتفع عدد القتلى في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ اعلام 1967 إلى أكثر من 100 منذ الحرب بين إسرائيل وحماس.
المصدر: فرانس 24