الاتفاق الليبي بشأن «المناصب السيادية» يثير الجدل

وسط ترحيب أممي باتفاق رئيسي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» المستشار عقيلة صالح، وخالد المشري، على تقاسم «المناصب السيادية»، وتوحيد السلطة التنفيذية «في أقرب الآجال»، انقسم سياسيون في ليبيا بين مؤيد للاتفاق الذي وُقّع في المغرب، ومعارض له.

ودافع عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء، عن نتائج اللقاء، وقال إنه «تضمن البحث في (القاعدة الدستورية) والقوانين المنظِّمة لإجراء الانتخابات في البلاد»، مشيراً إلى أنه «سيتم تشكيل لجنة من المجلسين خلال الفترة المقبلة لاستئناف الحوار، في ظل توقعات كبيرة بإمكان التوصل إلى اتفاق».

واستبعد الزرقاء حدوث خلافات بين المجلسين حول تسمية شاغلي المناصب السيادية، «قد تقود لإجهاض الاتفاق»، ورأى أنه «لا توجد مؤشرات على حدوث ذلك، وهناك توقعات إيجابية لنجاحه».

ونفى صحة ما يتردد من أن صالح والمشري لم يقبلا بالاجتماع معاً إلا بعد حصولهما على ضمانات بحصولهما على مناصب أخرى سيادية في المرحلة المقبلة، مرجعاً معارضة الدبيبة الاتفاق لكونه «أكبر المتضررين منه»، على اعتبار أن تغيير شاغلي المناصب السيادية يعني الإطاحة بحليفه محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، وبالتالي قطع التمويل عن حكومته».

في مقابل ذلك، رأى المحلل السياسي الليبي صلاح البكوش، أن «هدف صالح، والمشري، من وراء هذا الاتفاق، هو تقاسم المناصب السيادية، ومن ثم تقاسم الوزارات بحكومة انتقالية جديدة»، وقال إنهما «يسعيان لاستبدال محافظ المصرف المركزي الحالي، وإزاحة الدبيبة، بهدف تحقيق تلك الأهداف».

ودافع البكوش على وجهة نظره قائلاً: «مجلسا النواب و(الأعلى للدولة) فشلا من قبل في استكمال لقاءات رعتها البعثة الأممية ما بين القاهرة وجنيف حول (القاعدة الدستورية) المنظِّمة للانتخابات، لكنهما انتقلا إلى المغرب وتغاضيا عن الهدف الرئيسي، بالتوافق حول تقاسم المناصب التنفيذية»، لكن المجلسين نفيا ذلك في تصريحات إعلامية.

والمناصب السيادية السبعة التي يجري الاتفاق حولها، هي: محافظ المصرف المركزي، ورؤساء ديوان المحاسبة، وجهاز الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، والمفوضية العليا للانتخابات، والمحكمة العليا، والنائب العام.

أما عضو مجلس النواب الليبي عبد السلام نصية، فأشار إلى أن «انقسام المؤسسات السيادية، وانتهاء مدة من يشغلها شكّل عاملاً فعالاً في تأزيم الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد».

ورأى نصية في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «توحيد هذه المؤسسات في الوقت الراهن سيؤدي لتفعيل دورها الرقابي المفقود منذ سنوات، وأيضاً التوافق حول سلطة تنفيذية واحدة وبالتالي استعادة الدولة والوصول للانتخابات».

ودعا نصية لضرورة أن «يكون اختيار شاغلي المناصب السيادية من خلال آلية شفافة تضمن الوصول لأصحاب الكفاءات».

في السياق ذاته، شكَّك عضو مجلس النواب علي التكبالي، في «صمود التوافق الراهن بين المجلسين، وقدرته على الوصول إلى أي نتيجة»، ورأى أن رغبة «الأعلى للدولة» في حصد مزيد من النقاط لصالحه ستجهض أي محاولة للوصول لتوافقات نهائية مع البرلمان حول أي شيء، هذا ما حدث في أغلب المفاوضات التي جرت بين المجلسين خلال السنوات الماضية».

وأضاف التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن البرلمان «قدم الكثير ولم يعد لديه المزيد ليفاوض عليه، والمشري يريد أكثر، بل إنه يسعى لكي يكون رئيس الحكومة الجديدة التي ستأتي بعد إزاحة الحكومتين المتصارعتين حالياً على السلطة التنفيذية».

وأشار التكبالي إلى «الاعتراضات على هذا الاتفاق، وفي مقدمتها الدبيبة وما يتبعه من تشكيلات مسلحة بالمنطقة الغربية»، معتبراً أن صمت باشاغا عن التعليق على هذا الاتفاق مرجعه «عدم وجود علاقة مباشرة له به، خصوصاً في ظل عدم اعتراف المجتمع الدولي بحكومته، فضلاً عمّا أعلنه المشري من ضرورة وجود حكومة جديدة».

وفي الإطار، تساءل بشير زعبية، رئيس تحرير موقع وصحيفة «بوابة الوسط» حول إذا ما كانت «المناصب السيادية هي عقدة الأزمة الليبية»، مضيفاً: «نعم، هي نوع من الهروب إلى الأمام وجزء من التلاعب بعقول العامة».

وأضاف في إدراج عبر حسابه على «فيسبوك»: «إذا كانت هناك رغبة في التغيير فيجب تطبيقها على الكل»، وهو ما جعل كثيراً من النشطاء يؤكدون ضرورة تغيير كل الذي يشغلون المناصب في البلاد.

وفي تغريدة له على موقع «توتير»، رأى الدبيبة أن الحديث عن مسارات موازية، مثل تقاسم المناصب السيادية، لم يعد مقبولاً، مجدداً مطالبته المشري وصالح بـ«الإسراع في اعتماد قاعدة دستورية عادلة، تُنهي المشكل القانوني، الذي يمنع إجراء الانتخابات».

المصدر: الشرق الأوسط