الجزائر.. هل يتحول الـ”أفلان” لحزب معارض؟
تحمل التشريعيات الجزائرية معها الكثير من المفاجآت السياسية، وسط إجماع لدى الخبراء على أن مهمة قادة الأحزاب في الحصول على الأغلبية البرلمانية تبدو مستحيلة، بالنظر للمتغيرات التي تشهدها الساحة، بعد حراك 22 فبراير 2019.
يحمل خطاب المترشحين الأحرار نوعا من الزهد في الجلوس على مقاعد المعارضة التي ظلت محجوزة دائما لأحزاب قررت هذه المرة خيار المقاطعة، ويتعلّق الأمر أساسا بحزب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية واتحاد جبهة القوى الاشتراكية، وهي الأحزاب التي تعيش عدة أزمات داخلية.
في مقابل ذلك تتبني عدة أحزاب أخرى الرؤية الرسمية للسياسية التي يحملها خطاب السلطة، وقد أعلنت عن دعمها الغير مشروط لخارطة الطريق التي يقترحها الرئيس عبد المجيد تبون.
الأفلان ومحاولة تبيض الوجه
ووسط هذا المشهد السياسي المتشعب، يستعد المواطنين للتصويت يوم السبت المقبل في أول انتخابات تشريعية بعد عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وكما هو معلوم فهناك اليوم حوالى 1400 قائمة مترشحة، موزعة بين أحزاب وأحرار، ويقع حزب جبهة التحرير الوطني، (الملقب سابقاً بالحزب العتيد) في خانة أضعف الأحزاب هذه المرة.
وقد تراجعت مكانة الأفلان، وبعد يوصف بأقل الأحزاب حظا مقارنة بباقي القوائم، وذلك بعدما سيطر على المشهد السياسي منذ استقلال الجزائر عام 1962، وسط تهم ثقيلة بالفساد حاصرت عدد من قادته خلال عهد بوتفليقة.
وهي أسباب جعلت المواطن ينظر للأفلان بعين الريبة، رغم محاولاته قادته الجدد تبيض صورتهم بعدة أشكال شملت حتى الاعتذار للشعب.
ويشير خطاب قادة الأحزاب المشاركة إلى أن البرلمان القادم، سيكون نافذة لتعرف الجزائر حلقة من التحالفات الجديدة، يكون فيها حزب جبهة التحرير الوطني الحلقة الأضعف، مما قد يضطره بقبول الدخول في اللعبة الجديدة أو التوجه نحو المعارضة داخل البرلمان.
مع تبون ظالم أو مظلوم
ويستبعد القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني عبد الرحمن بلعياط أن يتجه حزبه نحو الجلوس في مقاعد المعارضة، رغم كل ما شهدته الساحة من تغييرات جذرية، منها الأحكام القضائية التي لاحقت عدد من قادة الحرب بعد الحراك.
وقال بلعياط لموقع سكاي نيوز عربية إن إغراق الساحة السياسية بالقوائم الحرة هو أمر يحمل رسالة واحدة فحواها أن السياسية لا تنحصر في الأحزاب.
وأكد المناضل أن حزب جبهة التحرير الوطني سيكون إلى جانب الرئيس تبون، مهما كان شكل البرلمان وقال :”إذا حصل تبون على الأغلبية سنكون معه وإن لم يحصل أيضا”.
وعلل القيادي الأفلاني كلامه قائلاً :”لن نذهب للمعارضة إلا إذا حاربنا الرئيس، ولكننا لن نتركه وحده إن لم يحقق الأغلبية”.
ويتَواجد الأفلان في كل ولايات الوطن بما فيها الولايات التي تم استحداثها مؤخرا، حيث يشارك بقوائم حزبية مقدما للساحة وجوها شابة عبر كامل الوطن، إلا في ولاية باتنة التي عرفت تشنجات بين مناضلين الحزب في المنطقة مما دفع بالسلطة لإلغاء القائمة الأفلانية هناك.
ويسود الأحزاب المشاركة في الانتخابات حالة من الشك حول شكل المعارضة في البرلمان، وقال القيادي في حزب جبهة المستقبل سمير مفتاح لموقع “سكاي نيوز عربية” أن هذه الانتخابات ستحدد الوزن الحقيقي لكل حزب.
وأوضح مفتاح أن منطق التحالفات هو الذي سيتغلب في النهاية، مرجحا تفوق أنصار التيار الوطني، وقال: “ندعم التيار الوطني الذي سيقوم الرئيس باستشارتهم لاختيار رئيس الحكومة”.
من جهته، أكد القيادي في حزب جيل جديد حبيب براهيمية، أن حزبه الذي قرر هذه المرة الدخول في الانتخابات بعدما قاطعها عام 2017، يسعى كغيره من الأحزاب ليكون شريكا في الحكومة.
لا وزن للمعارضة
وبشكل عام يوجد اتفاق في الجزائر بين الخبراء على أن تسمية المعارضة في الفعل السياسي الجزائري هي تسمية مجازية.
وقال استاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر نور الدين حاروش لموقع سكاي نيوز عربية:” كان من يطلق عليهم لقب معارضة هم أطراف في السلطة ام يحاولون التقرب والتودد لها”.
وقال الباحث في العلوم السياسية :”أظن أن المعارضة الحقيقية في الجزائر تكمن داخل الأحزاب السياسية ذاتها وليس المعارضة في الفكر والرؤى، وفي المصالح وهو ما جعل هذه الأحزاب تنشطر وتنقسم وتتشتت وأرجع إلى عدد الأحزاب الموجودة حاليا لمعرفة أصلها”.
وعن ملمح البرلمان المقبل قال حاروش: “سيكون شبيها بسابقيه، لا يوجد أي مؤشر على التغيير لأن الوجوه التقليدية لا تزال في غييها وهزالها وبالتالي فالتغيير مستبعد، والمعارضة هي الفكر والطرح وتقديم البدائل والحلول لأمهات المشاكل التي تنغص المواطن وليست مجرد تأسيس حزب”.
ووسط هذه التجاذبات قررت أحزاب البديل الديمقراطي مقاطعة الانتخاب، وراهنت على ذلك بعد الحراك، لكن الغالبة مالت في الأخير لكفة التوجه للانتخابات باعتباره الخيار الأمثل والآلية الوحيدة لتجسيد الممارسة الديمقراطية رغم ما يشوبها من نقائص أو انتقادات.
وقالت الأستاذ بكلية العلوم السياسية نجوى عابر لموقع سكاي نيوز عربية أن الموقف الداعي إلى المقاطعة وتحت أي ذريعة هو موقف سلبي تم تحييده بصورة تلقائية للمحافظة على بقاء واستمرار مؤسسات الدولة.
وخلصت الباحث في علم السياسية إلى أن مصداقية البرلمان مرهون بمستوى قدرته على بناء مؤسسات الدولة وليس بمقاعد المعارضة.
المصدر: سكاي نيوز عربية