الدبيبة أمام اختبار إخلاء طرابلس من معسكرات الميليشيات
رغم تكليف عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، وزارة دفاعه، وضع خطة شاملة لإخراج المعسكرات التابعة للميليشيات المسلحة من وسط مدينة طرابلس، فإن بعض السياسيين يرون، أن «هذا هو التحدي الأول في علاقته بتلك التشكيلات الداعمة له»، في حين ذهب آخرون إلى أن هذا الإجراء «مجرد محاولة لامتصاص غضب الشارع الطرابلسي بسبب تكرار اندلاع الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة بالقرب من المناطق السكنية».
واستبعد عضو مجلس النواب الليبي جلال الشويهدي، إمكانية تطبيق قرار الدبيبة في الوقت الراهن، وقال، إن «كل ميليشيا ومجموعة مسلحة تتمترس في مربع أمني داخل العاصمة وتعتبره منطقة نفوذها، بعدما أسست فيه مقرات ومعسكرات، وبالتالي ليس من السهل التنازل عنه».
وأضاف الشويهدي لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه المجموعات المسلحة «لا تريد أن تفقد تواصلها مع ما يقع في محيطها من وزارات وهيئات وشركات وبنوك».
في المقابل، رأت مصادر سياسية وأمنية قريبة من قيادة بعض التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية، أن قرار الدبيبة بإخلاء هذه المعسكرات «قابل للتطبيق، ولكن بشكل تدريجي».
وأشارت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، إلى أن «رغبة قيادات التشكيلات بعدم تنامي الغضب في الشارع الطرابلسي ومحاولة كسب وده قد يدفعها لتنفيذ القرار».
واستبعدوا «تأثر أمن العاصمة بتنفيذ عملية إخلاء التشكيلات الداعم لليبية، حيث إن معسكرات عناصر (جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة) بالقاعدة العسكرية بمطار معيتيقة شرق العاصمة، في حين تتواجد معسكرات ومقار (جهاز دعم الاستقرار) جنوب العاصمة، باستثناء معسكرهم الرئيسي في حي أبو سليم القريب نسبياً وسط العاصمة».
ويعتقد جلال الحرشاوي، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، أن «قرار الدبيبة، قابل للتطبيق مع استثناء التشكيلات الكبيرة، مثل (دعم الاستقرار) بقيادة عبد الغني الككلي، و(الردع) بقيادة عبد الرؤوف كاره، وأيضاً قوات عماد الطرابلسي».
وقال الحرشاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية الإخلاء هذه ليس لها علاقة لها بإنفاذ القانون أو العدالة، فـ(الردع) و(دعم الاستقرار) باتا أكثر قوة عما كانا عليه في الماضي القريب، وسيفعلان ما يريدان».
ويرى الحرشاوي، أن وسط طرابلس «بات غير معرّض لتهديد أي ميليشيا مسلحة، وأن المخاطر التي قد تواجهها حكومة الدبيبة، من قِبل قيادات مسلحة موالية لباشاغا، بات منحصراً في أماكن محددة مثل ورشفانة لوجود الكتيبة (55) بقيادة معمر الضاوي، والزنتان، حيث تتواجد قوات آمر المنطقة العسكرية الغربية سابقاً، أسامة الجويلي، ومصراتة، حيث قوات سالم حجا وآخرون، بالإضافة إلى الزاوية لوجود قوات حسن أبو زريبة».
ولفت الحرشاوي، إلى وجود «حالة انزعاج وتخوف من قِبل بعض القادة الموالين للدبيبة مثل رئيس جهاز الاستخبارات الليبية حسين العايب، وآمر كتيبة (الدروع) بشير خلف الله المعروف بـ(البقرة) من تنامي (قوة الردع)».
وقلل الحرشاوي، مما يُطرح حول إن قرار نقل المعسكرات قد تم بناءً على مطالبات أميركية – بريطانية، وما يتردد أيضاً حول دعم واشنطن لقوات (الردع)، متابعاً «واشنطن لا تدير التفاصيل الصغيرة، و(النواصي) كانت مقربة من الاستخبارات المركزية، فصناع القرار بالمشهد الراهن هم تركيا والعايب».
واستبعد الباحث «حدوث تطور مفاجئ في المشهد السياسي أو الميداني يؤثر على تنفيذ قرار إخراج المعسكرات بعد الاجتماعات الأخيرة التي عُقدت بالعاصمة التركية»، وقال «تركيا تريد تجنب الحرب».
واعتبر عضو «ملتقي الحوار السياسي الليبي»، أحمد الشركسي، أن السيناريو الأقرب للتطبيق، «هو نقل أو هدم بعض المعسكرات التي كانت تتبع هيثم التاجوري ومصطفى قدرو، مع عدم المساس إطلاقاً بمعسكرات ومقرات الميلشيات المسلحة الموالية للدبيبة، والتي لا يستطيع إغضابها كونها من تحمي سلطته».
وأوضح الشركسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «سيتم الاحتفاظ بالمقرات والمعسكرات ذات المواقع المهمة لصالح (دعم الاستقرار) و(الردع)، ويتم تسليم الباقي للدولة».
ويرى الشركسي، أن «مسارعة (الردع) بإزالة مصيف الليدو وتسليمه لبلدية كطرابلس لا يرجع لحرص تلك القوات على الالتزام بتطبيق قرار الحكومة بإزالة المقرات الأمنية بمصيف طرابلس وتحويلها لشاطئ عمومي، وإنما يعود لأسباب آيديولوجية بحتة؛ كون أن (الردع) ميليشيا سلفية ولطالما عارضت إقامة الحفلات الغنائية الليلة التي كانت تقام بمجموعة الكافيهات الموجود بالليدو، والذي كان أيضاً واقعاً تحت سيطرة (النواصي)».
المصدر: الشرق الأوسط