السوداني: الضربة الإيرانية في أربيل “عدوان صريح”
استدعت بغداد اليوم الثلاثاء سفيرها في طهران للتشاور وندّدت بضربات إيرانية بصواريخ باليستية استهدفت إقليم كردستان العراق وسوريا المجاورة، وضعتها إيران في إطار “الحق المشروع” في الدفاع عن أمنها بعد هجمات طالتها في الآونة الأخيرة.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قوله اليوم الثلاثاء إن الضربة الإيرانية في أربيل “عدوان صريح” على العراق وتطور خطير يقوض العلاقات الثنائية القوية.
وأضاف السوداني أن العراق يحتفظ بحقه في اتخاذ أي إجراءات دبلوماسية أو قانونية.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني أنه قصف بصواريخ بالستية، ليل الإثنين – الثلاثاء، أهدافاً “إرهابية” في كل من سوريا وإقليم كردستان – العراق.
ونقلت وكالة “إيرنا” عن الحرس الثوري قوله، في بيان، إنه “دمر مقر تجسس” و”تجمعاً لمجموعات إرهابية معادية لإيران” في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
وأعلن متحدث الخارجية الإيرانية أن طهران تحترم سلامة أراضي الدول لكنها تستخدم حقها المشروع لردع التهديدات لأمنها القومي.
بغداد تدين العدوان الإيراني
من جانبها دانت وزارة الخارجية العراقية، في بيان الثلاثاء، “العدوان” الإيراني على أربيل الذي أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين في مناطق سكنية.
وجاء في البيان أن الحكومة العراقية ستتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد هذا السلوك الذي تعتبره انتهاكاً لسيادة العراق وأمن شعبه بما يشمل تقديم شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كما أعلنت الخارجية العراقية تشكيل لجنة تحقيق لإطلاع “الرأي العام العراقي والدولي على الحقائق وإثبات زيف ادعاءات الجهات التي تقف وراء هذه الأفعال المدانة”.
واستدعى العراق، الثلاثاء، القائم بالأعمال الإيراني في بغداد للاحتجاج على شن بلاده هجمات على عدد من المناطق في أربيل بإقليم كردستان العراق أمس الاثنين.
كما قالت الخارجية العراقية إنها استدعت سفيرها “لدى طهران نصير عبد المحسن، لغرض التشاور على خلفية الاعتداءات الإيرانية الأخيرة على أربيل”.
مقتل “أربعة مدنيين”
وأكدت سلطات كردستان مقتل “أربعة مدنيين” على الأقل وإصابة ستة آخرين بجروح، “حالة بعضهم غير مستقرة”.
وذكرت مصادر أمنية أن مطار أربيل أوقف حركة الملاحة الجوية.
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن مصدر أمني قوله إن الهجمات التي تعرضت لها أربيل تمت بطائرات مسيرة وصواريخ بعيدة المدى.
واتهم رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور برزاني الثلاثاء إيران بقتل مدنيين أبرياء خلال الضربات التي شنتها، وفي تصريحات على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قال برزاني إن المزاعم الإيرانية لا أساس لها من الصحة، مضيفاً أن الوقت الحالي ليس مناسباً لانسحاب القوات الأميركية من البلاد.
وأضاف للصحافيين، “الأمر المثير للدهشة هو أننا لسنا جزءاً من هذا الصراع ولا نفهم لماذا تنتقم إيران من المدنيين في كردستان وخصوصاً في أربيل”.
وعند سؤال برزاني حول الدعوات الأخيرة في العراق إلى إخراج التحالف العسكري الدولي بقيادة الولايات المتحدة من البلاد، رد قائلاً إن “الولايات المتحدة موجودة في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية ومهمتها مكافحة الإرهاب”، مضيفاً “لا نعتقد أن الإرهاب انتهى، وأحداث الليلة الماضية دليل على أن الاستقرار في المنطقة لا يزال على المحك”.
مراكز تجسس
وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية في وقت متأخر أمس الإثنين أن الحرس الثوري الإيراني أعلن أنه هاجم “مراكز تجسس” لإسرائيل في إقليم كردستان العراقي، فضلاً عن استهداف تنظيم “داعش” في سوريا.
وقال الحرس الثوري الإيراني في بيان ذكر فيه جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، “تم استخدام الصواريخ الباليستية لتدمير مراكز تجسس وتجمعات للجماعات الإرهابية المناهضة لإيران في المنطقة في وقت متأخر من الليلة”. وأضاف أنه شن الهجمات صاروخية بالقرب من مدينة أربيل بشمال العراق، بينما استهدف “مرتكبي العمليات الإرهابية في الجمهورية الإسلامية، وبخاصة تنظيم (داعش)” في سوريا. وتوعدت إيران بالانتقام لمقتل ثلاثة من عناصر الحرس الثوري في سوريا الشهر الماضي، من بينهم قائد كبير، والذين كانوا يعملون مستشارين عسكريين هناك.
وندد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي بالادعاء “الباطل وغير الصحيح حول وجود مقر للـ ’موساد‘ الإسرائيلي” في أربيل بعد تفقده المنزل الذي اُستهدف بقصف صاروخي إيراني داخل إقليم كردستان العراق، وقال الأعرجي لقناة “كردستان 24” المحلية “تجولنا في كل زاوية من هذا البيت وكل شي يدل على أنه بيت عائلي، وبالتالي فهذا الادعاء باطل وغير صحيح”.
القوات الأميركية والدولية
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ دويّ انفجارات عنيفة سُمع في مدينة حلب وريفها، مشيراً إلى سقوط “ما لا يقل عن 4 صواريخ جاءت من اتجاه البحر الأبيض المتوسط” وسقطت في ريف حلب.
في السياق قال جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق إنه جرى إسقاط ثلاث طائرات مسيرة، الثلاثاء، فوق مطار أربيل حيث تتمركز قوات أميركية ودولية أخرى.
ولم يذكر الجهاز في بيان أصدره ما إذا كان الهجوم قد أسفر عن خسائر بشرية أو أضرار في البنية التحتية.
وقالت ثلاثة مصادر أمنية إن دوي انفجارات سمع في منطقة تبعد نحو 40 كيلومتراً عن أربيل التابعة لإقليم كردستان في منطقة قريبة من القنصلية الأميركية ومن مساكن مدنية.
وأكد مسؤولان أميركيان لـ”رويترز” أن المنشآت الأميركية لم تتأثر بالضربات الصاروخية.
“جريمة ضد الشعب الكردي”
وفي بيان صادر عن مكتبه، ندد رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني بالهجوم على أربيل ووصفه بأنه “جريمة ضد الشعب الكردي”. ودعا الحكومة الاتحادية إلى اتخاذ “موقف صارم ضد هذا الانتهاك للسيادة العراقية”، مطالباً أيضاً المجتمع الدولي “وضع حد لهذه الهجمات الوحشية على شعب كردستان الأبرياء”.
وقال مجلس الأمن التابع لحكومة إقليم كردستان في بيان إن أربعة مدنيين في الأقل قتلوا وأصيب ستة آخرون في الهجمات على أربيل، واصفاً الهجوم بأنه “جريمة”.
وذكرت مصادر أمنية وطبية عراقية أن رجل الأعمال الكردي الكبير بيشرو دزيي وعدد من أفراد أسرته كانوا من بين القتلى عندما سقط صاروخ واحد على الأقل على منزلهم.
ويمتلك دزيي، المقرب من عشيرة بارزاني الحاكمة، شركات قادت مشاريع عقارية كبرى في كردستان.
وقالت مصادر أمنية عراقية أيضاً إن صاروخاً سقط على منزل مسؤول كبير في الاستخبارات الكردية وآخر استهدف مركز استخبارات كردياً.
واشنطن تندد بالهجمات الإيرانية
نددت وزارة الخارجية الأميركية بالهجمات الإيرانية على منطقة قريبة من مدينة أربيل بشمال العراق أمس الإثنين.
وقال المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر “نعارض الضربات الصاروخية المتهورة التي تقوم بها إيران، والتي تقوض استقرار العراق”. وأضاف في بيان “ندعم جهود حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان لتلبية تطلعات الشعب العراقي”.
“ضربات متهورة”
ونددت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أدريان واتسون بـ”سلسلة ضربات متهوّرة وغير دقيقة”، مؤكدة أنه “لم يتمّ استهداف أي طواقم أو منشآت أميركية” في كردستان – العراق.
ونفذت إيران في الماضي ضربات في منطقة كردستان بشمال العراق قائلة إن المنطقة تستخدم كنقطة انطلاق للجماعات الانفصالية الإيرانية، وكذلك عملاء إسرائيل.
وحاولت بغداد معالجة المخاوف الإيرانية في شأن الجماعات الانفصالية في المنطقة الحدودية الجبلية، وتحركت لنقل بعض أعضائها في إطار اتفاق أمني تم التوصل إليه مع طهران في عام 2023.
وفي وقت سابق من هذا الشهر أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن انفجارين في مدينة كرمان بجنوب شرقي إيران خلال مراسم إحياء الذكرى السنوية لمقتل القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني في يناير (كانون الثاني) 2020 بغارة أميركية في العراق.
وأوقع التفجيران اللذان تبناهما تنظيم “داعش” نحو 90 قتيلاً وعشرات الجرحى.
باريس ترفض انتهاكات إيران
في السياق، نددت فرنسا، الثلاثاء، بالضربات التي نفذها الحرس الثوري الإيراني في كردستان العراق ليل الإثنين الثلاثاء، ووصفتها بأنها “انتهاكات غير مقبولة” لسيادة العراق.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، “مثل هذه الأعمال تمثل انتهاكاً صارخاً وغير مقبول ومثيراً للقلق لسيادة العراق واعتداء على استقراره وأمنه وكذلك على استقرار كردستان داخله. إنها تسهم في تصعيد التوترات الإقليمية ويجب أن تتوقف”.
المصدر: اندبندنت عربية