النازحون الإيزيديون وبؤس المخيمات.. مأساة عمرها 7 أعوام
أعاد الحريق الضخم الذي شب في مخيم شاريا للنازحين في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، مأساة الإيزيديين الذي تعرضوا للإبادة على أيدي عناصر تنظيم داعش الإرهابي قبل سنوات في منطقة سنجار.
وأعادت هذا الحريق ملف اللاجئين والنازحين في العراق، سواء من النازحين والمهجرين العراقيين، أو من اللاجئين السوريين والإيرانيين، الذين لم يعدوا إلى ديارهم حتى بعد أن تحسنت الأوضاع في بعضها.
ويعاني اللاجئون في المخيمات أوضاعا مزرية، حيث باتت بيئات خصبة لتفشي الأمراض والأوبئة، فضلا عن المشاكل الاجتماعية والأمنية والأخلاقية، التي تعتمل داخلها.
وكان هؤلاء فروا من ديارهم هربا من نيران الإرهاب والحرب والدمار، لكن حياتهم في هذه المخيمات تبدو جحيما لا يطاق.
ملف معقد
ويقول في هذا المضمار، عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية والهجرة والمهجرين، في مجلس النواب العراقي النائب حسين نرمو، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية” :”ملف النازحين العراقيين خاصة نازحي سنجار، ملف معقد وشائك حيث غالبيتهم لم يعودوا لديارهم، رغم مضي سنوات عديدة على نزوحه”.
وتابع: “رغم وجود اتفاقية موقعة بين حكومتي بغداد وأربيل منذ شهر أكتوبر الماضي، بشأن عودتهم لكنها للأسف ولدت ميتة، كونه لم يكن ثمة سقف زمني لتطبيقها، والمكونة من ثلاثة بنود، تتضمن تشكيل ادارة مستقلة وتعيين قائمقام في قضاء سنجار ومدراء النواحي التابعة لها، بعيدا عن تدخل الأحزاب، ومعالجة كل من الملف الأمني وملف الخدمات واعادة تأهيل المنطقة وبنائها، لا سيما وأن هناك أكثر من 150 ألف من أهالي سنجار عادوا لديارهم”.
ويضيف :”الحسابات السياسية هي التي تقف خلف عرقلة تنفيذ الاتفاق، فبعض الأطراف تسعى لبقاء النازحين في المخيمات، لاستغلال قضيتهم والمتاجرة بها وتوظيفهم انتخابيا لصالحها، لا سيما وأننا في سنة انتخابية، والسبب الآخر والمهم جدا هو منظومات الفساد المعتاشة على قضيتهم ومخيماتهم، وبتورط منظمات دولية ومحلية للأسف، حيث هناك ملفات فساد عديدة في هذا المضمار، والمستفيدون معروفون ولا حاجة لذكرهم”.
ويتابع البرلماني العراقي: “السبب الآخر غير ظاهر للكثيرين، حيث هناك الآلاف من الموظفين العاملين في المخيمات في محافظة دهوك التي تحتضن 16 مخيما، منها 15 مخيم للأيزبديين، ومخيم واحد خاص باللاجئين السوريين، حيث جل أولئك الموظفين من غير الأيزيديين وهم ليسوا من سنجار، إن من العاملين في المخيمات أو في المنظمات الناشطة في هذا المجال الاغاثي، وهؤلاء سيتضررون بالتأكيد حين يعود النازحون لديارهم سيما السنجاريين، وتنتفي الحاجة لهذه المخيمات آنذاك، حيث هناك ضغوطات للابقاء على هذه المخيمات عبر عرقلة عودة الناس لمناطقهم الأصلية، وابقاء أوضاعهم معلقة”.
ويردف نرمو وهو من المكون الكردي الأيزيدي :”وقد التقينا كلجنة هجرة ومهجرين برلمانية، بوزيرة الهجرة والمهجرين في الحكومة الاتحادية، إيفان فائق جابرو، وهي من المكون المسيحي، وبحثنا معها هذه القضايا، مؤكدة لنا أنهم كوزارة على استعداد تام لاغلاق ما لا يقل عن 10 مخيمات للأيزيديين في دهوك، لكن هناك عرقلة من قبل حكومة إقليم كردستان العراق، وخاصة من وزارة داخلية الإقليم حسب كلام الوزيرة”.
وبالفعل ثمة بيان منشور على الصفحة الرسمية لتلك الوزارة حول الموضوع، مفاده أنه لا يجوز البت في ملف النازحين واعادتهم لمناطقهم، إلا بحلول نهاية عام 2021.
وقال نرمو: “برأينا فإن هذه المماطلة وعرقلة العودة، ترجع لاعتبارات مصلحية لمراكز قوى متنفذة في الإقليم، وبالشراكة مع منظمات عاملة في مجال الاغاثة ورعاية وادارة المخيمات”.
مذكرة تفاهم
ويضيف “تصور هناك مذكرة تفاهم بين وزارة داخلية الإقليم والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبدون علم وزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية، وهي الجهة المعنية بادارة ملف النازحين في الإقليم والعراق ككل، والتي خصص بموجبها مبالغ هائلة من قبل المفوضية، للصرف على مخيمات النزوح وتحسين بناها التحتية، وخاصة تلك الواقعة في محافظة دهوك، لكن مع الأسف لم تصرف هذه المبالغ في خدمة النازحين، ولتحسين شروط وجودهم داخل المخيمات، ولو صرفت تلك المبالغ في محلها، لربما ما كنا لنشاهد كارثة احتراق مخيم شاريا، حيث التهمت النيران نحو 400 خيمة، وهذا معناه أن العوائل المتضررة هي بالمئات”.
ويختم عضو البرلمان العراقي حديثه بالقول :”لا بد من اعادة النظر في ملف النازحين هذا في بغداد وأربيل، ومن ناحية إنسانية بحتة دون اعتبارات مصلحية، وعدم عرقلة عودة من يرغب من نازحي سنجار لديارهم، حيث هناك إجراءات مشددة من قبل سلطات الإقليم، تمنع الراغبين من هؤلاء النازحين للعودة لمناطقهم، التي نزحوا منها قبل نحو 7 سنوات”.
ورغم عودة قسم منهم، لكن نازحي سنجار وهم بمئات الآلاف، لا يزالون يتوزعون على عشرات المخيمات خاصة في إقليم كردستان العراق، ومعظمها يقع في محافظة دهوك، حيث تستمر مأساتهم منذ العام 2014، حينما اجتاح تنظيم داعش الإرهابي قضاء سنجار والنواحي التابعة له .
المصدر: سكاي نيوز عربية