بوادر تمرد على نتنياهو في اليمين الإسرائيلي
كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن بوادر تمرد على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بدأت تظهر في حزب الليكود وكذلك في بعض أحزاب اليمين، مع تسريب تصريحات ومواقف تدينه وتتهمه بالفشل والأنانية.
ووصف أحد قادة الحزب ما يدور على أنه «أشبه بثورة»، وأن «هناك كثيراً من الغضب والإحباط». ويشعر قياديون في حزب الليكود أن حكم حزبهم بات في خطر، وهم لا يستوعبون بأن يائير لبيد، رئيس حزب «يوجد مستقبل»، ونفتالي بنيت، رئيس حزب «يمينا»، سيستبدلان نتنياهو فعلاً. وهم يتهمون نتنياهو بالتصرف بأنانية وتركيز كل الصلاحيات بيديه بحيث لم يعد مكان لأحد أن يدلي برأيه. ونقلت «القناة 13» على لسان أحد هؤلاء القادة قوله «ها نحن خسرنا الحكم بطريقة عجيبة. فأحزاب اليمين في إسرائيل حصلت على 76 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، لكن نتنياهو فشل في توحيد المعسكر وأدخلنا في صدامات مع أقرب حلفائنا».
لكن هناك من يدير المعركة ضد نتنياهو بحدة أقل. وأعلن وزير الصحة الإسرائيلية يولي إدلشتاين، أمس، عن رغبته في التنافس على رئاسة حزب الليكود. ونقلت «القناة 12» على لسانه القول «لم يعد بد من استبدال نتنياهو. فالمهمة المشتركة لنا جميعاً الآن هي إفشال الحكومة التي تعتمد على أصوات الحركة الإسلامية». وكشفت عن أن إدلشتاين قد اجتمع خلال الأيام الماضية مع نشطاء بارزين في الليكود بهدف الحصول على دعمهم لخطوته هذه.
ونقلت مصادر أخرى عن وزير المالية يسرائيل كاتس أيضاً نيته المنافسة على رئاسة الحكومة، علماً بأنه كان قد نصح نتنياهو بالاستقالة قبل شهر «حتى لا يخسر حزبنا السلطة».
لكن رئيس الائتلاف الحكومي الحالي ميكي زوهار المقرب من نتنياهو رفض هذه التقديرات. وقال، إنه «لا يوجد موعد زمني لإجراء انتخابات تمهيدية في الحزب، وبالتالي فإن استبدال بنيامين نتنياهو في رئاسة الليكود ليس وارداً وسيبقى رئيساً للحزب حتى الانتخابات المقبلة».
من جهة ثانية، يبدو أن الصدمة من خسارة الحكم تبدو أقوى في صفوف الأحزاب الدينية. ومع أن بعض قادة هذه الأحزاب هاجم نتنياهو واتهمه بالفشل، إلا أن رؤساء هذه الأحزاب عقدوا، أمس، اجتماعاً لهم ضم نواب كتلتي «شاس» و«يهدوت هتوراة» وقرروا تركيز هجومهم على نفتالي بنيت الذي يتوقع أن يصبح رئيساً للحكومة الإسرائيلية الجديدة بالتناوب مع رئيس حزب «ييش عتيد» يائير لبيد، في حال حصلت على تأييد أغلبية لتنصيبها يوم الأحد المقبل.
وحمّلوا بنيت شخصياً وكذلك رئيس حزب «تيكفا حداشا» غدعون ساعر، المنشق عن الليكود، مسؤولية الفشل في تشكيل حكومة يمينية، بقيادة نتنياهو. فقال رئيس «يهدوت هتوراة» ووزير الصحة يعقوب ليتسمان، مخاطباً بنيت، إنه «لا ينبغي أن تخفي القلنسوة، وبإمكانك أن تزيلها، مثل شريكك وصديقك يائير لبيد». وألقى على قادة الحكومة الجديدة تهمة الكفر قائلاً «ما نراه أمام أعيننا هو حكومة يسار متطرفة ضلت الطريق وفقدت القيم والضمير. والصبغة اليهودية كلها في الدولة في خطر. وتراث إسرائيل والقيم الدينية وأسس اليهودية ألقي في سلة المهملات. وجرى خرق التهوّد، أبناء الييشيفوت (المدارس الدينية)، عالم التوراة، السبت المقدس، حائط المبكى، الاعتراف بالتيار اليهودي الإصلاحي (الذي لا يعترف اليهود الأرثوذكس بيهوديته)، كل هذا انتقل إلى أيدي كارهي الدين، ليبرمان وبنيت ولبيد».
ودعا رئيس كتلة «يهدوت هتوراة» موشيه غفني «كل متدين حقيقي» إلى «أن يقاطع هؤلاء المنحرفين». وشبّههم باليهودي القديم كورح الذي ورد ذكره في التوراة باعتباره تمرد على النبي موسى.
أما رئيس حزب «شاس» أريه درعي، فقال إن «هذه الحكومة تبين أن أمراً جللاً قد حصل للشعب اليهودي ودولته. دولة إسرائيل تغير وجهها وطبيعتها وهويتها. ولا يدور الحديث عن فصل الدين عن السياسة فقط، وإنما عن اقتلاع الدين من الدولة. الحكومة برئاسة بنيت ستهدم وتدمر كل ما حافظنا عليه معاً طوال 73 عاماً، وحتى في أصعب الأوقات. الحكومة برئاسة بنيت ستدمر السبت المقدس، التهود، الحاخامية الرئيسية والكوشير (الحلال وفق الشريعة اليهودية)، والأخطر من ذلك أنها ستمزق شعب إسرائيل إرباً وتضطره إلى العودة للعيش كما في الشتات. إنها حكومة شريرين».
ورد بنيت، وهو أيضاً متدين بأن «أعضاء الكنيست الحريديين لن يعلمونا ما هي اليهودية وبالتأكيد ليس ما هي الصهيونية. وكرئيس للحكومة، سأهتم بالجمهور الحريدي وعالم التوراة. ليس ثمة ما تقلقون منه. بالعكس، أظهرت السنة الأخيرة أنكم أنتم الذين تدفعون الثمن، بحياتكم، وبسبب ثقافة سياسية من الإهمال وتفضيل المقربين وتخليد المشاكل».
وأضاف «أسفت جداً لسماع التعابير القاسية التي استخدمها أعضاء الكنيست غفني ودرعي وليتسمان. وهذه تعابير لا تضيف احتراماً إليهم وتعكس فقدان التعقل. وقبل سنة فقط، عندما تشكلت حكومة الوحدة الحالية، بقي يمينا خارجها، وجلس الحريديون فيها. ولم تروني أدعو غفني إلى إزالة القلنسوة. وكانت الحكومة، ولم نكن جزءاً منها، والشمس أشرقت في الصباح».
المصدر: الشرق الأوسط