تجدد أزمة الكهرباء في لبنان بعد تأخر سداد المستحقات العراقية
تجددت أزمة الكهرباء في لبنان، وسط تحذيرات من مسؤولين من انخفاض ساعات التغذية المتوفرة للمنازل والمؤسسات، وذلك تزامنا مع دخول الموسم السياحي ومخاوف من اتساع رقعة الحرب بين جماعة حزب الله وإسرائيل.
وأصدرت مؤسسة كهرباء لبنان يوم الاثنين بيانا أوضح أنه يتم إنتاج الكهرباء حاليا من معمليّ الزهراني ودير عمار فقط، من بين سبعة إجمالا تعمل المحروقات، حيث تعتمد على الوقود الذي يتم توريده، بموجب اتفاقية المبادلة المبرمة بين العراق ولبنان.
وتأخر لبنان في سداد مستحقات شركة سومو العراقية، مما دفع الشركة لتأخير تسليم الوقود الذي وصلت شحنات منه بالفعل إلى بيروت.
وذكرت مؤسسة كهرباء لبنان في بيانها أنها عمدت احترازيا لإبقاء أولوية التغذية بالتيار الكهربائي “للمرافق الحيوية الأساسية في لبنان (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، سجون، جامعة لبنانية، المرافق الأساسية في الدولة…)”.
ويوجد في لبنان سبعة معامل لتوليد الكهرباء تعمل على المحروقات، يعمل منها حاليا بحسب شركة كهرباء لبنان اثنان فقط، إضافة لوجود ثلاثة معامل تعمل على الطاقة المائية.
وقال النائب سجيع عطية، رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه بمجلس النواب، إنه كان يجب أن تتوفر خطة استباقية لدفع ديون الدولة اللبنانية فيما يتعلق بملف الكهرباء.
وأضاف “على الحكومة اللبنانية دين لشركة (سومو) العراقية، بسبب تأخر الدولة في سداد الأقساط المترتبة عليها، مما دفع الشركة العراقية لتأخير التسليم”.
وتابع “عدم السداد، كون مصرف لبنان لم يعط للشركة المبالغ المستحقة، كونه بحاجة إلى قانون يصدر من المجلس النيابي حتى يتمكن من فتح حساب للشركة لسداد الأموال المطلوبة، ولكن هناك إشكالية لدى القوى السياسية في الملفات التي يجب فتحها والأولوية في قوانين المجلس”.
وأضاف “من أسباب الأزمة التأخر حوالي عشرة أشهر في جباية اشتراكات شركة كهرباء لبنان، مما خفض من قيمة السيولة المتوافرة”، نعتبرا أن الأزمة سببها “سوء في الإدارة بتنظيم الدفعات والجبايات والمشتريات”.
وأوضح قائلا “لدينا مستحقات مثلا من أصحاب الأملاك البحرية في لبنان، وعليهم تأخير في سدادها، وخلال الأسبوع الحالي سيكون لنا اجتماع معهم لإمكانية سدادها بأقرب وقت”.
وحول نتائج التأخير في سداد الديون، أوضح عطية “هناك باخرتان راسيتان في بيروت وباخرة في العراق، وكل يوم تأخير يترتب علينا دفع 50 ألف دولار، أي في عشرة أيام نصف مليون دولار، ونحن بحاجة لتوفير دولار واحد على خزينة الدولة”.
الحلول الممكنة
وفي عام 2021 وقع الجانبان العراقي واللبناني اتفاقية لتزويد بيروت بالوقود، مقابل خدمات من بينها تقديم الرعاية الصحية للمواطنين العراقيين.
وفي يونيو 2023، قالت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية إنها أبرمت اتفاقا يضاف للسابق مع العراق، لتزويد لبنان بكمية تصل إلى مليوني طن من النفط الخام سنويا، ليصل حجم الوقود الإجمالي المورد من بغداد إلى بيروت إلى نحو 3.5 مليون طن سنويا.
ويقول المحامي أحمد نادر، المختص في قوانين الطاقة، إن هناك إشكالية في الاتفاقيات المبرمة بين لبنان والعراق، خاصة من الطرف اللبناني نتيجة التأخر في توفير المستحقات المالية والخدمات.
وأضاف “لم تحصل بغداد حتى اليوم على المبالغ المطلوبة بعد ثلاث سنوات من توقيع الاتفاقية، فيما كان من المفترض فتح حساب في مصرف لبنان المركزي يمكّن العراق من سحب الأموال منه للاستفادة منها لتقديم الخدمات لمواطنيه في بلدهم”.
وأشار إلى أن لبنان يعاني من أزمة سياسية بغياب رئيس الجمهورية ووجود حكومة تصريف أعمال، لتنعكس على المجلس النيابي في انعقاد الجلسات التشريعية، “كونه بسبب غياب الرئيس (الجمهورية) يصبح هيئة ناخبة وليس للتشريع”.
وتابع أن “أزمة الكهرباء بدأت مع نهاية الحرب الأهلية عام 1990 مع عجز الحكومات عن الوصول إلى ساعات تغذية طويلة والفشل بتحقيق خطة كهربائية، حتى وصلت قيمة عجز الكهرباء إلى حوالي 43 مليار دولار”.
وأوضح أن “كل ما تم تنفيذه خلال السنوات السابقة كان عبارة عن حلول مؤقته، حتى استيراد الوقود العراقي لا يحل الأزمة بشكل كامل، لأن ساعات التغذية من قبل الدولة للمنازل والمؤسسات ستكون حوالي 10 ساعات فيما باقي اليوم يكون الاعتماد على مولدات الكهرباء الخاصة”.
ويرى نادر أن الحلول الممكنة حاليا للأزمة مع العراق تكون “عبر صيغة قانونية يتم الاتفاق عليها مع مصرف لبنان لفتح حساب للشركة العراقية دون المرور بتشريع من مجلس النواب أو عبر تأمين جزء من الأموال المطلوبة”.
وقال النائب اللبناني عطية إن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يسعى لحل المشكلة عبر التواصل مع رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني.
وفي السياق نفسه، قال تلفزيون “الجديد” اللبناني إن وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال، علي حمية، أجرى اتصالا مع وزير الطاقة والمياه، وليد فياض، بهدف تأمين الكهرباء لمطار بيروت الدولي الذي يعمل حاليا على المولدات.
وقال فياض في مقابلة تلفزيونية إنه قام “بالتدخل مع العراقيين على مدى الشهر الماضي وخاصة في الأيام القليلة الماضية للقيام بعمل استثناء بينما يقوم مجلس النواب وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري باستكمال النهج للسماح بنقل المستحقات العراقية إلى الحساب العراقي في مصرف لبنان”.
وتعود أزمة الكهرباء في لبنان إلى أكثر من ثلاثة عقود لكنها استفحلت إثر الانهيار الاقتصادي قبل أربع سنوات، والذي أدى إلى شح في الوقود المخصص لتوليد الطاقة، الأمر الذي تسبب في انقطاعها لفترات طويلة عن المؤسسات والمنازل.
المصدر: وكالة أنباء العالم العربي