تركيا لتمديد بقاء قواتها في ليبيا

تعتزم تركيا تمديد بقاء قواتها العسكرية في ليبيا، على الرغم من المطالبات والضغوط الدولية لسحب جميع القوات والمرتزقة الأجانب من البلاد، بهدف إفساح المجال أمام جهود تحقيق الاستقرار، وترسيخ مؤسسات الدولة السياسية وتوحيد الحكومة.
وتقدمت الحكومة التركية إلى البرلمان أمس، بمذكرة تطلب فيها تمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهراً إضافياً، تبدأ من الثاني من يوليو (تموز) المقبل. وأشارت المذكرة، التي حملت توقيع الرئيس رجب طيب إردوغان، إلى أن «الجهود التي بدأتها ليبيا عقب أحداث فبراير (شباط) 2011 لبناء مؤسسات ديمقراطية ذهبت سدى، بسبب النزاعات المسلحة التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزأة في البلاد».
وجاء في المذكرة أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا كان بهدف «حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية، التي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا، والحفاظ على الأمن ضدّ المخاطر المحتملة الأخرى، مثل موجات الهجرة الجماعية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا»، في إشارة إلى حكومة الوفاق السابقة برئاسة فائز السراج، ثم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي أقالها مجلس النواب والتي لا تزال تركيا تدعمها. كما أبرزت المذكرة أن تركيا أرسلت قواتها إلى ليبيا، بموجب المادة 92 من الدستور، داعية البرلمان للموافقة على تمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهراً.
وأرسلت تركيا آلافاً من قواتها، إلى جانب آلاف المرتزقة من الفصائل السورية الموالية لها في سوريا للقتال إلى جانب قوات غرب ليبيا، التابعة لحكومة السراج، بموجب مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني، التي وقعها مع إردوغان في إسطنبول في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وتحتفظ تركيا حتى الآن بآلاف من قواتها في ليبيا، إلى جانب نحو سبعة آلاف من المرتزقة السوريين من عناصر فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لها، على الرغم من المطالبات الدولية بسحب المرتزقة والقوات الأجنبية، حيث تتمسك تركيا بأن وجودها العسكري في ليبيا «شرعي»، وأنه لا يجب النظر إلى قواتها «كقوات أجنبية».
وقدّمت تركيا الدعم العسكري والتدريب لميليشيات حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة، وتمكنت من تثبيت وجود عسكري راسخ، عبر قواعد برية وبحرية وجوية في غرب ليبيا، مستغلة مذكرة التفاهم في مجال التعاون الأمني والعسكري، إضافة إلى مذكرة أخرى في مجال تحديد مناطق الصلاحية في البحر المتوسط، وقعت جنباً إلى جنب مع مذكرة التعاون العسكري والأمني في 27 نوفمبر 2019 في إسطنبول. وقد رفضت تركيا إجراء أي محادثات مع أطراف أخرى بشأن وجودها العسكري في ليبيا، باستثناء الحكومة الليبية. فيما أكد رئيسا المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المقالة عبد الحميد الدبيبة، خلال مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا العام الماضي تأييدهما لمذكرتي التفاهم الموقعتين مع تركيا منذ 2019.
وتقول تركيا إنها تسعى لمساعدة ليبيا في إنشاء جيش موحد، يجمع كل القوات بشرق وغرب البلاد تحت مظلة واحدة، نظراً لأهمية ذلك لمستقبل ليبيا وأمنها، مبرزة أنها تواصل دعم ليبيا لمواجهة الإرهاب المتمثل في تنظيم «داعش»، ومواجهة الجماعات المسلحة. ورغم أن تركيا دعمت عملية السلام في ليبيا، فإنها التزمت موقف الترقب منذ الاضطرابات الأخيرة في ليبيا، بعد تشكيل حكومتين متنافستين عقب فشل الانتخابات، التي كانت مقررة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وإن كانت لا تزال تؤكد دعمها لحكومة الوحدة الوطنية المقالة.
وسعت أنقرة إلى الجمع بين الدبيبة وباشاغا على هامش منتدى دبلوماسي، أقيم في مدينة أنطاليا جنوب البلاد في مارس (آذار) الماضي، لكن لم يتحقق ذلك. وشارك الدبيبة في المنتدى بوفد من حكومته، بينما لم يحضر باشاغا، الذي كان مقرباً من أنقرة خلال توليه حقيبة الداخلية في حكومة السراج، إلا أنها غيرت موقفها منه، واعتبرت أنه أصبح ضمن معسكر شرق ليبيا، الذي يضم قائد الجيش خليفة خفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

المصدر: الشرق الأوسط