طرابلس تتهيأ لمعارك جديدة في ظل احتشاد مسلح
تستعد العاصمة الليبية طرابلس على ما يبدو لمعارك جديدة بين الميلشيات المسلحة المولية للحكومتين المتنازعتين على السلطة في البلاد، على الرغم من انضمام إيطاليا إلى مساعي الوساطة الأميركية بين رئيسيهما.
وبعد يوم واحد فقط من إعلان السفير الأميركي عن جهود وساطة للتهدئة، دخلت إيطاليا على الخط، بإعلان نيكولا أورلاندو المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا، اتفاقه في اتصال هاتفي مساء أول من أمس، مع فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المدعومة من مجلس النواب، على أنه يجب تجنب جميع الإجراءات التي من الممكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وإلى العنف، لافتاً إلى أنه شدد على أولوية الانتخابات والحاجة الملحة إلى وجود سلطة تنفيذية موحدة وشمولية للوصول إلى ذلك، ودعا جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين لوضع ليبيا قبل مصالحهم الخاصة.
وتابع: «أعدتُ التأكيد من جديد على أنه يجب الحفاظ على حياد المؤسسة الوطنية للنفط والمناصب السيادية، وعلى استخدام الموارد الوطنية بطريقة شفافة وعادلة».
وكان السفير الإيطالي قد حذر في لقائه مساء أول من أمس مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» من أن «الوضع الراهن لا يمكن أن يدوم ويبقى، وقد يعيد البلاد إلى المواجهات الخطيرة».
وشدد في بيان عبر «تويتر» وزّعته السفارة الإيطالية على أهمية الانتخابات، ضمن الإطار الدستوري المناسب، للاستجابة لمطالب الاستقرار والازدهار التي يناشد بها الشعب الليبي، لافتاً إلى أن ليبيا بحاجة عاجلة إلى هيئة تنفيذية موحدة وشمولية للحفاظ على حياد المؤسسة الوطنية للنفط والمناصب السيادية، وكذلك ضمان الاستخدام الشفاف والمنصف للموارد الوطنية تُعد من العناصر الرئيسية لهذه العملية.
وأظهرت لقطات فيديو بثّتها وسائل إعلام محلية مساء أول من أمس، إطلاق نار لمسلحين تابعين لحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على طائرة مسيّرة من دون طيار «درون» في ضواحي العاصمة، تزامناً مع مغادرة الميليشيات المسلحة مطار طرابلس للانتشار بمناطق جنوب العاصمة لصد أي تحرك لقوات أسامة الجويلي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق المحسوب على باشاغا.
وشوهدت تحشيدات لكتائب طرابلس في محيط المطار بعد انتهاء اجتماع لقادتها، مقابل انتشار عناصر الجويلي على طريق الكريمية.
وقال العميد محسن الزويك، آمر «قوة دعم الدستور والانتخابات» في تصريحات، نقلتها وسائل إعلام محلية، إن بياناً مرتقباً للقوات المجتمعة سيتضمن تحذيراً واضحاً لكل من يريد المساس بأمن العاصمة وسلامة المواطنين، لافتاً إلى استعدادات تُجريها القوات العسكرية التابعة لحكومة الوحدة لإحياء الذكرى الـ82 لتأسيس الجيش الليبي باستعراض عسكري في العاصمة طرابلس وبدء توافد الوحدات العسكرية على مطار طرابلس الدولي.
وقالت تقارير محلية إن بعض قادة قوة «دعم الدستور» اتفقوا خلال اجتماعهم بمطار طرابلس على نشر قواتهم في مناطق جنوب طرابلس تحسباً لأي تحرك من قوات الجويلي ومواجهتها بالقوة في حال تحركها تجاه وسط العاصمة، أو الاستمرار في استفزازهم بالاستعراضات المسلحة، مشيرةً إلى أنه تم إغلاق عدة طرق فرعية في طريق المطار ومحيطه وطريق السواني بسواتر ترابية وسيارات مسلحة.
وكان أعضاء في مجلس النواب قد توقعوا دخول باشاغا طرابلس قريباً، وأبلغوا وسائل إعلام محلية أنه بصدد وضع الترتيبات الأخيرة لذلك، بعد أيام فقط من الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المدينة.
كما ترددت معلومات عن اتفاق عدد من قيادات مصراتة الداعمين لحكومة باشاغا على تشكيل لواء عسكري جديد برئاسة سالم جحا، لتمكينها من ممارسة أعمالها بطرابلس.
في المقابل، قدم محمد الحداد رئيس الأركان العامة لقوات حكومة «الوحدة»، لدى اجتماعه مساء أول من أمس، مع محمد المنفى رئيس المجلس الرئاسي ونائبيه بوصفهم نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي، إحاطة كاملة حول الإجراءات التي اتخذها بعد قرار تكليفه بالمتابعة والإشراف على وقف إطلاق النار في طرابلس، عقب الأحداث التي شهدتها العاصمة فجر الجمعة الماضية، مع تأكيد عدم تعريض حياة المدنيين والممتلكات العامة والخاصة للخطر.
بدوره، استغل الدبيبة اجتماعه مساء أول من أمس، مع عمداء بلديات المناطق الغربية والجنوبية والوسطى، لتجديد تأكيده أن الإجراءات التي اتخذتها حكومته بشأن تسمية مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط؛ تمت من أجل تصحيح الأوضاع القانونية للمؤسسة والعمل على فتح النفط والغاز، مشيراً إلى أن «التغيير لم يكن صفقة سياسية أو بالتنسيق مع دولة معينة، كما يحاول الترويج له من أطراف سياسية هدفها إرباك المشهد الليبي الذي استقر خلال المدة الماضية».
وقالت حكومة الدبيبة إن الاجتماع ناقش عدداً من الملفات الخدمية والخطوات المتخَذة من وزارة الحكم المحلي بشأن نقل الاختصاصات وتفعيل الإدارة المحلية، ونقل عن عمداء البلديات أن الانتخابات تعد هدفاً للشعب الليبي، ورفضهم أي مراحل انتقالية وإنشاء حكومات موازية بهدف إرباك المشهد.
من جهته، جدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في اجتماعه مع علي القطراني نائب باشاغا، دعمه الكامل لحكومة الأخير، وثقته التامة بقدرتها على تحقيق آمال الليبيين وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وشفافة في أقرب الآجال.
وقال صالح في بيان وزّعه مكتبه، إن اللقاء الذي عُقد في مدينة القبة، تناول عدداً من الملفات الخدمية التي تصبّ في مصلحة الوطن والمواطن، على رأسها قانون الميزانية، بالإضافة إلى التشديد على ضرورة توفير لغذاء والدواء والكهرباء.
إلى ذلك، نقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن محمد عون وزير النفط، وفرحات بن قدارة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، أن الإنتاج النفطي في ليبيا تجاوز مليون برميل ليبلغ 1.025 مليون برميل يومياً، مقارنةً مع متوسط 870 ألفاً قبل نحو أسبوع، وتوقع ارتفاعه إلى 1.2 مليون برميل خلال 10 أيام.
المصدر: الشرق الأوسط