طرفا النزاع في السودان يتعهدان بمواصلة القتال حتى النصر
تتزايد مخاوف السودانيين من اتجاه الحرب لمرحلة فاصلة خلال الأيام المقبلة في أعقاب تعهد قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان بأن جيشه سيقاتل حتى تحقيق النصر، بينما أكد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) انتهاء الحرب قريبا لصالح قواته.
وقال قائد قوات الدعم السريع إن قواته ستحسم الحرب في الأيام القادمة لصالحها، وذلك بعد تعنت الطرف الآخر ورفضه للسلام.
وأكد في تسجيل صوتي نشره مساء الأحد على منصة إكس أن بإمكان قواته السيطرة على كل المناطق في السودان لكنها اختارت السلام بينما اختار الطرف الآخر الحرب”.
وأعلن حمديتي عن تحقيق انتصارات في أم درمان وبابنوسة بولاية غرب كردفان. وبهذه المناسبة قدم التهنئة لقواته بـ”النصر العظيم في المهندسين شمال أم درمان”، وحياً قواته في بابنوسة على انتصارات لافتا إلى أنه ينتظر مزيدا من الانتصارات في الأيام المقبلة.
وأوضح حميدتي أن قواته خرجت من الخرطوم لأنهم صادقون في التوصل إلى السلام، قائلاً “لقد اخترنا السلام ولسنا ضعفاء، وإذا اختار الجيش الحرب نحن مستعدون لحسمها لأنها فرضت علينا”.
وأضاف مخاطباً الجيش السوداني “إن طائراتكم ومسيراتكم التي أتيتم بها أسقطناها وستنتهي”، مشدداً على قواته بضرورة حماية المواطن الذي فقد كل شيء.
وأكد قائد الدعم السريع بأنه سيكون قريباً في الميدان وأن الأمر سيكون مختلفاً في المستقبل وأن النصر قريب، لافتاً إلى أنه سيتم محاسبة كل فرد من قواته ارتكب جرماً.
وفي وقت سابق الأحد، قال البرهان، أمام ضباط وجنود “الفرقة 19 مشاة” التابعة للجيش السوداني بمدينة الدبة بالولاية الشمالية (شمال)، إن “الجيش السوداني يتقدم في كل المحاور ويعمل جاهداً من أجل النصر ودحر العدو (الدعم السريع) في القريب، مؤكداً أن الجيش لم ولن ينهزم، وأن ما يجري من قتال هو معركة كرامة”.
وأشار إلى أن القوات المسلحة لا تقاتل وحدها وأن الشعب السوداني يقاتل معها ويساندها ويلتف حولها، لأن هذه الميليشيات نهبت أمواله وممتلكاته واغتصبت حرائره وقتلت أبناءه، مبيناً أن الشعب السوداني لن يقبل بهؤلاء المتمردين بل سيحاسبهم حساباً عسيراً.
وعلق البرهان على ما تردد عن إحباط محاولة انقلابية وسط الجيش، قائلا إن “كل من يدعي ذلك فهو كاذب وواهم”. وذلك بعد خمسة أيام من نقل صحيفة “السوداني” (القريبة من الجيش)، عن مصادر عسكرية لم تسمها، أن “استخبارات الجيش اعتقلت عددا من الضباط الفاعلين بمنطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان غربي العاصمة الخرطوم، بتهمة الإعداد لانقلاب”.
وأغلق البرهان الباب أمام إيصال المساعدات للمناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، قائلاً إن “المتمردين يقتلون وينهبون ويطلبون من المنظمات الدعم والإغاثة، وهذا لن يكون إلا بعد وقف هذه الحرب ودحر هؤلاء المتمردين المجرمين من بيوت المواطنين والمؤسسات الحكومية والخدمية ومن كل المدن التي نهبوها واحتلوها في نيالا والجنينة ومدني والخرطوم وإرجاع كل المنهوبات التي سرقوها”.
والاسبوع الماضي أطلق قائد الدعم السريع نداء للمنظمات الدولية حاثا على تدخلها لإنقاذ المدنيين في المواقع الخاضعة لسيطرته قائلا إنها تشهد أوضاعا إنسانية سيئة.
وأعلن استعداده لإبرام اتفاقيات ثنائية مع المنظمات الإنسانية الدولية للتمكن من إيصال المساعدات، مشككا في احتمالات قبول الجيش بالاتفاق.
كما أعلن رئيس الجبهة الثورية الهادي ادريس السبت، بدء حملة بولاية شمال دارفور لفتح المسارات الإنسانية في دارفور لضمان انسياب المساعدات الإنسانية. ووصف الوضع الإنساني في الاقليم بالكارثي.
وتأتي هذه الرسائل المتبادلة بين الجنرالين في وقت أصاب فيه الشلل حياة المواطنين السودانيين في كل أنحاء البلاد بسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بصورة كاملة لليوم السابع على التوالي، وخصوصا أولئك الموجودين في مناطق القتال الدائر قرابة الـ10 أشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع لناحية اعتمادهم على التطبيقات البنكية في شراء مستلزماتهم المعيشية.
وأدى تعطل خدمة الاتصالات والإنترنت، إلى وقف كل المعاملات الحكومية المتعلقة بأجهزة التحصيل والإيرادات، مثل السجل المدني واستخراج جوازات السفر وتوثيق الأوراق الرسمية والشهادات، فضلاً عن توقف التحويلات النقدية عبر تطبيقات البنوك في ظل شح السيولة لدى المواطنين بخاصة الموجودين في مناطق النزاع كالخرطوم ومدن دارفور وولاية الجزيرة وأجزاء من إقليم كردفان، حيث يتبادل طرفا الصراع في السودان الاتهامات بقطع الاتصالات في مناطق عدة بالبلاد.
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء إن قطع الاتصالات يعوق قدرة الأطباء على تقديم الاستشارات الطبية والمتابعة الصحية للمرضى عن بعد.
وطالب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، جميع المعنيين في السودان العمل على إعادة خدمات الاتصالات في أنحاء البلاد فوراً.
وقال غريفيث، عبر حسابه على منصة إكس، إن “انقطاع الاتصالات بالسودان يحول دون حصول الناس على الخدمات الأساسية ويعرقل الاستجابة الإنسانية”، مؤكداً أن هذه الممارسات غير مقبولة.
وتتواصل، منذ حوالي 10 أشهر، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتسبب النزاع بكارثة إنسانية، اذ يحتاج حوالي 25 مليون شخص، أي ما يعادل أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات، بينهم نحو 18 مليونا يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن الحرب الدائرة في السودان قد تتسبب بسوء التغذية الشديد بالنسبة الى أكثر من 700 ألف طفل هذا العام، محذّرة من أن عشرات الآلاف قد يموتون في غياب مساعدات إضافية كبيرة.
وحضّت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) العالم على التوقف عن غض النظر عن الكارثة التي أحدثتها الحرب الأهلية الدائرة منذ عشرة شهور.
وظهرت الخلافات بين البرهان وحميدت، للعلن بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في 5 ديسمبر 2022، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
واتهم الجيش بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
المصدر: صحيفة العرب