عسكريو ليبيا يبحثون إخراج «المرتزقة» واستمرار وقف النار

تمسك الاجتماع العسكري، الذي شهدته العاصمة الليبية طرابلس أمس لليوم الثاني، والذي ضم الفريق أول عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان «الجيش الوطني» الليبي، والفريق أول محمد الحداد، رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» المؤقتة، بضرورة «استمرار وقف إطلاق النار بالبلاد، والنأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية»، والتأكيد على «حرمة الدم الليبي، وإخراج كافة المرتزقة والقوات الأجنبية».

وأوضح اللواء خالد المحجوب، مدير التوجيه المعنوي بالجيش «الوطني»، أن الاجتماع الذي حضره أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، تناول مجموعة من النقاط المهمة، وثمن ما حققته لجنة (5+5)، وعبر عن دعمها والعمل معها على تنفيذ قرارات «جنيف»، وعلى رأسها إخراج القوات الأجنبية و«المرتزقة»، والمضي قدما في توحيد المؤسسة العسكرية من الكوادر العاملة المحترفة، التي ينطبق عليها الشروط المعروفة للعسكريين.

كما شدد المحجوب على أنه تم التأكيد على نأي المؤسسة العسكرية بنفسها عن التجاذبات السياسية، والعمل على توحيد وتقنين القيادات والإدارات، والعمل على صون الوطن بتأمين حدوده وتحقيق سيادته، كما تطرق إلى قضية المهجرين وعودتهم، ومتابعة ملفات المحتجزين والمفقودين، وإعداد برنامج متكامل لدمج المسلحين ومعالجة أوضاعهم.

في سياق ذلك، كشف المحجوب أن الاجتماع أكد أيضاً المحافظة على وقف إطلاق النار، ورفض أي تجديد للاقتتال، بالإضافة إلى العمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، والمساهمة في خلق المناخ له، ودعم قيام الدولة المدنية، دولة المؤسسات، وفي مقدمتها الجيش والأجهزة الأمنية.

في غضون ذلك، نفى أمس عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، ضمنياً إبرامه صفقة سرية مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، للبقاء في السلطة، وقال إن حكومته جاهزة لتنفيذ الانتخابات فور إعلان المفوضية العليا للانتخابات ذلك.

وسعى الدبيبة في كلمة وجهها للشعب الليبي، ظهر أمس، للدفاع عن قراره بإقالة مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط، واحتواء تداعيات الزيارة التي قام بها الفريق الناظوري رفقة وفد «الجيش الوطني» باللجنة العسكرية المشتركة (5 5) إلى العاصمة، وقال موضحا: «لم ندخل في أي عمليات لتقاسم السلطة، أو تراجع عن حقوق أبناء الشعب»، لافتا إلى أنه لم يتوقع أن حدثا معتادا بالحكومة، كتغيير مجلس إدارة مؤسسة النفط، سوف يحرك أطرافا دولية. مشددا على أن «الحديث عن تراجعي أو مشاركتي في تقاسم السلطة، مجرد أوهام، يحاول من خسر أو اندحر الترويج لها لإثارة الفوضى، أو يحفظ ماء وجهه بعدما تنازل عن كل شيء، ولم يتحصل على أي شيء». ومؤكدا أنه لن يقبل بمشروع التمديد للأجسام السياسية المدعومة من الخارج.

في المقابل، سجل فرحات بن قدارة، الرئيس الجديد لمؤسسة النفط، تراجعا عن تأكيده وجود اتفاق بين الدبيبة وحفتر على تغيير مجلس إدارة المؤسسة واستئناف تصدير النفط. وقال في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، سرعان ما تراجع عنها إن «هناك تعهدات صريحة من الطرفين بألا يتم اللجوء لإيقاف النفط»، موضحا أن الاتفاق يتطلب توافقا بين سلطات الشرق وحكومة طرابلس وهذا ما حدث». وفي سياق ذلك، أعلنت مؤسسة النفط، مساء أول من أمس، بدء الاستعدادات لتصدير كميات النفط الخام، بعد رفع حالة القوة القاهرة على الموانئ والحقول النفطية، مشيرة إلى إتمام الترتيبات من أجل استئناف عمليات الإنتاج.

بدوره، قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار»، إنه شدد خلال اتصال هاتفي مع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند، مساء أول من أمس، على ضرورة تجنيب المؤسسات السيادية أي شكل من أشكال الصراع السياسي، وأهمية الحفاظ على الحياد والشفافية في إدارة الثروة النفطية، لافتا إلى اتفاقهما على نبذ العنف، وعلى أن استئناف إنتاج النفط يصب في مصلحة الشعب الليبي، وهو ما يتطلب آليات واضحة لإدارة عائدات النفط مع السيادة الوطنية الليبية البحتة. وأضاف باشاغا موضحاً «أكدت دعمنا لكافة المسارات، التي تضمن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وأهمها تنفيذ كافة مهام ومخرجات اللجنة العسكرية المشتركة».

في شأن آخر، انتشرت مجدداً مساء أول من أمس أرتال سيارات مسلحة، ومصفحات تابعة للميليشيات في عدة مناطق العاصمة، وذلك على خلفية شائعة لتوجه باشاغا لدخول طرابلس. ورصدت لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام محلية دخول أرتال عسكرية، مدعومة بالمدرعات والأسلحة الثقيلة، تابعة لمدير إدارة الاستخبارات العسكرية المُقال أسامة الجويلي إلى طرابلس.

وفي المقابل تحركت أرتال «قوة دعم الدستور»، التابعة لوزارة الدفاع بحكومة الدبيبة، من معسكراتها شرق طرابلس، رداً على تحركات القوات المنتشرة في غربها.

وتزامنت هذه التطورات مع تأكيد «وكالة الأنباء الليبية» غلق الطريق الساحلي، الرابط بين شرق وغرب ليبيا عند نقطة الـ(60) كيلومترا غرب سرت، وقالت إن الإغلاق تم من قبل مجموعة من مدينة مصراتة، دون أن تتضح أسبابه، وهو ما تسبب في وقف حركة المسافرين في الاتجاهين، وتوقف شاحنات الوقود وغاز الطهي المتجهة لمدينة سرت، وكذلك سيارات الإسعاف لنقل المرضى.

ولفتت الوكالة إلى ما وصفته بتضارب الأنباء حول أسباب غلق الطريق، بين المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في المنطقة الشرقية، وبين المطالبة بمستحقات مالية للمجموعة التي قامت بإغلاق الطريق الساحلي.

وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام محلية قيام مجموعة مسلحة من مصراتة بإغلاق الطريق الساحلي غرب سرت للمطالبة بإطلاق عدد من الأسرى المحتجزين بالمنطقة الشرقية. لكن أهالي هؤلاء نفوا صلتهم بهذا الإغلاق.

المصدر: الشرق الأوسط