قطع الإنترنت لحماية امتحان البكالوريا في الجزائر من الغش
تعمد السلطات الجزائرية إلى قطع الإنترنت خلال توقيت إجراء امتحان البكالوريا في الجزائر كإجراء وقائي، للحماية من كل أشكال الغش والتلاعب، خاصةً مع تطور استخدام وسائل الاتصال والتواصل والتكنولوجيات الحديثة. لكن ذلك يثير في المقابل قلقاً في الشارع الجزائري، خاصةً بسبب تعطل بعض المصالح والمعاملات نتيجة لذلك.
منذ الأحد الماضي، لم تتمكّن محال بيع رصيد المكالمات الهاتفية والإنترنت سبيلاً إلى بيع الأرصدة، بسبب قطع الإنترنت في الجزائر على فترتين يومياً، والمستمر حتّى الخميس. قال جمال، وهو صاحب كشك للخدمات في بلدة عين العسل بولاية الطارف، شرقي البلاد، لـ”العربي الجديد”: “للأسف هذه الخدمة وخدمات أخرى تتعطل خلال فترة قطع الإنترنت، بحيث لا نستطيع تحويل أرصدة إلى الزبائن إلى ما بعد الساعة الخامسة مساء”، ممّا يسبب خسائر مادية للباعة.
وتبرر السلطات قطع الإنترنت وتعطيل عمل وسائل التواصل الاجتماعي بمنع نشر أو تسريب امتحانات البكالوريا، وتراه ضرورة تقنية تفرضها حماية هذا الاستحقاق التربوي. مع ذلك، لم يحل قطع الإنترنت المشكلة بالكامل، فقد ضبطت السلطات التربوية الأربعاء حالتي غش باستعمال التكنولوجيا، داخل مركز للامتحان في مدينة بوقرة والبليدة، قرب العاصمة الجزائرية. أقصي الطالبان المتلبسان بالغش من الامتحان واتخذت بحقهما إجراءات قانونية.
وأوضح النائب العام المساعد لدى مجلس قضاء الجزائر، الطاهر العرابي، أن السلطات الجزائرية “أقرت سياسة عقابية صارمة لمكافحة الغش في هذه الامتحانات وضمان نزاهتها”، ويعود ذلك وفقاً له إلى “تضافر جهود باقي القطاعات، ابتداءً من وزارة التربية الوطنية إلى جهاز العدالة، وصولاً إلى المؤسسات الأمنية من مصالح الدرك والأمن الوطنيين”.
وذكّر في هذا الإطار بتعديل قانون العقوبات بموجب قانون 20-06 المؤرخ في 24 إبريل 2020 من خلال إضافة الفصل التاسع بعنوان “المساس بنزاهة الامتحانات والمسابقات” من المواد 253 مكرر 06 إلى 253 مكرر 12، وذلك تماشياً مع تطورات الجريمة في هذا المجال.
ووفق تصريح للطاهر العرابي نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، الاثنين الماضي، فقد وضعت السلطات مصالح الدرك والأمن الوطنيين في حالة استنفار طوال فترة الامتحانات، لاسيما فرق مكافحة الجريمة المعلوماتية. وذلك “من أجل ضبط المخالفين لأحكام هذا القانون في الوقت الحقيقي وتقديمهم للعدالة لاتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة في حقهم”. كما “أقرت سياسة عقابية صارمة لمكافحة الغش في هذه الامتحانات وضمان نزاهتها”.
وفي السياق ذاته، أدانت محكمة في سطيف، شرقي البلاد، ثلاثة أشخاص بسنة حبس نافذة بتهمة تسريب مواضيع وأجوبة الامتحانات النهائية للتعليم الثانوي باستعمال وسيلة اتصال عن بعد، بحسب بيان نيابة الجمهورية لدى المحكمة ذاتها.
وفي ولاية الأغواط، وسط البلاد، أصدرت محكمة قراراً بالسجن لمدة عام نافذ بحق سبعة متهمين بنشر وتسريب امتحان البكالوريا، وجهت لهم تهمة المساس بنزاهة الامتحانات عن طريق نشر وتسريب مواضيع امتحان البكالوريا عن طريق وسائل الاتصال عن بعد، كما أدانت محكمة أخرى في ذات الولاية امرأة بعقوبة السجن لمدة عام بالتهمة نفسها.
وينص القانون في الجزائر على عقوبات مشددة وأحكام صارمة للمخالفين من الأشخاص الذين يمسون بنزاهة الامتحانات، سواء كانت تتعلق بالتعليم المتوسط أو الثانوي، إذ يعاقب القانون “كل من قام قبل أو أثناء الامتحانات بنشر أو تسريب مواضيع وأجوبة الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط أو الثانوي بعقوبة تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات سجناً”، وهي نفس العقوبة التي تسلط على كل من يحل محل المترشح في هذه الامتحانات.
كذلك، ينصّ القانون على أن “كل من قام قبل أو أثناء الامتحانات بنشر أو تسريب مواضيع أو أجوبة الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط أو الثانوي من طرف الأشخاص المكلفين بتحضير أو تنظيم أو تأطير الامتحانات أو الإشراف عليها من قبل مجموعة من الأشخاص باستعمال المنظومة المعالجة للمعطيات باستعمال وسائل التواصل عن بعد، يعاقب بعقوبات تتراوح بين خمس سنوات وعشر سنوات سجناً”.
ومنذ الأحد الماضي يتقدّم أكثر من 860 ألف مترشح، موزعين على 2893 مركزا، إلى امتحان البكالوريا في الجزائر.
وقال وزير التربية عبد الحكيم بلعابد، الثلاثاء، في منطقة المنيعة جنوبي الجزائر، إن امتحان البكالوريا في الجزائر أكمل أوّل أيامه في ظروف ممتازة، في ظل توفر كافة الإجراءات التنظيمية الكفيلة بضمان الراحة النفسية للمترشحين، وتحكم السلطات في كل الظروف اللازمة.
المصدر: العربي الجديد