متظاهرون موقوفون في روسيا يرغمون على الاختيار بين الجبهة والسجن

كان ميخايل سوتين يتوقّع أن يُعتقل حين ذهب الأربعاء للتظاهر في موسكو احتجاجا على إرسال مئات آلاف جنود الاحتياط إلى أوكرانيا. لكن ما لم يكن يتوقّعه هو أن يتلقّى أمر تجنيد ليتوجّه إلى جبهة القتال.

بعد ساعات على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء تعبئة إلزامية لنحو 300 ألف من عناصر الاحتياط، هرع الموسيقي ميخايل (29 عامًا) للتظاهر في جادّة أربات في موسكو. لكن تمّ توقيفه ونحو 1300 شخص آخر في مختلف أنحاء البلاد.

وروى الشاب لوكالة فرانس برس خلال حديث هاتفي الخميس “كنت أتوقّع حصول (الإجراءات) الاعتيادية: الاعتقال ثمّ مركز الشرطة ثمّ المحكمة … لكن أن أسمع: ستذهب غدًا إلى الحرب … كان مفاجئًا”.

وتشير منظمة “أو في دي-انفو” OVD-Info الروسية المستقلّة الهادفة إلى محاربة الاضطهاد السياسي إلى أن سوتين ليس المتظاهر الوحيد الذي تلقّى أمر تعبئة من الشرطة بعد توقيفه. واعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، خلال حديث مع صحافيين، أن هذه الإجراءات لا تحمل أي طابع “غير قانوني”.

ولفت سوتين المعارض للغزو الروسي لأوكرانيا إلى أن، بعد توقيفه، اقتاده شرطيون إلى غرفة معزولة حيث أرادوا منه توقيع أمر استدعاء إلى مركز تعبئة للجيش.

وقالوا له، وفق روايته، “إمّا أن توقّع أو تقضي عشر سنوات في السجن”.

عشية الإعلان عن التعبئة، صوّت البرلمان الثلاثاء على عقوبات طويلة بالسجن لمن يرفض الالتحاق بالجيش أو يفرّ من الخدمة العسكرية. غير أن النص لم يدخل حيّز التنفيذ بعد.

وعملًا بنصيحة محاميه، رفض سوتين التوقيع، وأُفرج عنه عند الخامسة من صباح الخميس.

لكنه تلقّى تحذيرات من الشرطيين بأن سيتمّ إعلام لجنة التحقيق الروسية، الموكلة التحقيق في أكبر الجرائم، برفضه وأنه سيواجه “مشاكل كبيرة”.
“قررت ألّا أقاوم”

كان أندري (18 عامًا) أيضًا من بين المتظاهرين في شوارع موسكو الأربعاء. وتمّ توقيفه هو أيضًا وتلقّى أمرًا بالتعبئة.

لكن على عكس سوتين، وقّع أندري الأمر تحت “التهديد”، وتمكّنت وكالة فرانس برس من الاطّلاع على نسخة رقمية من المستند.

وقال لوكالة فرانس برس عبر الهاتف “كان واضحًا أنني لا أستطيع الهروب … نظرت حولي وقررت ألّا أقاوم … للأسف، وقّعت”.

أُرغم أندري على التوقيع مع أنه التحق للتوّ بالجامعة، رغم تأكيد الكرملين ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عدم استدعاء أي طالب للتعبئة وتفضيل الجيش الروسي لقوات الاحتياط المتمتّعة بمهارات محدّدة أو بخبرة عسكرية.

وتابع “لكن، كما نقول هنا، إن روسيا بلد فيه احتمالات ما هو ممكن فيها لامتناهية”.

ولا يزال أندري يبحث عن محامٍ. في غضون ذلك، قرّر عدم التوجه إلى مكتب التعبئة في الموعد المحدّد له عند العاشرة من صباح الخميس، دون أن يدرك عواقب خطوته هذه.

وأوضح “لم أقل بعد أي شيء لأهلي … سيقلقون”.

وأضاف “سأخبرهم حين تتكوّن لدي فكرة أفضل عمّا سيحصل لي”.

المصدر: فرانس 24