“من قتلني؟”.. انطلاق احتجاجات واسعة في العراق
شهدت العاصمة العراقية بغداد، ومحافظات أخرى، احتجاجات واسعة، الثلاثاء، تنديدا باستمرار جرائم قتل النشطاء، وسط مطالبات بكشف منفذي تلك الأعمال، وإجراء محاكمات عادلة لهم.
وتوافد آلاف المحتجين من مختلف محافظات البلاد، إلى عدة ساحات في العاصمة بغداد، ومنها توجهوا إلى مركز الاحتجاج الرئيس وهو ساحة التحرير، مرددين هتافات مناوئة للأحزاب الحاكمة، ومنددة بحوادث اغتيال النشطاء.
ومنذ أيام تحشد مجموعات شبابية على مواقع التواصل الاجتماعي، لتظاهرات الـ25 من مايو، التي ستنطلق تحت شعار “أنا الشهيد .. من قتلني”.
ضغط لتسريع وتيرة التحقيقات
وبحسب نشطاء، فإن التظاهرة لا تستهدف أشخاصا معينين، بل تسعى إلى الضغط من أجل تحقيق المطالب التي رفعتها تظاهرات عام 2019، وأبرزها تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير حياة آمنة وكريمة.
وأكدت خلية الإعلام الأمني صدور توجيهات من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بحماية المتظاهرين ومنع المظاهر المسلحة، داخل الساحات.
وقالت الخلية في بيان إن “القوات الأمنية باشرت بمهمة تأمين التظاهرات بمهنية وحرص عال”، مشيرة إلى أنه تم “القبض على 4 مندسين يحملون أسلحة جارحة قرب ساحة التحرير وسط بغداد”.
وقال الناشط وائل الركابي إن “التظاهرات اليوم تهدف إلى الضغط بكل قوة على السلطات المعنية، مثل البرلمان والقضاء والحكومة لتسريع في فتح ملف قتلة النشطاء، وكشفهم أمام الرأي العام”.
ويضيف الركابي لـ”سكاي نيوز عربية” أن “هناك بوادر استجابة من بعض المؤسسات لكنها ما زالت بطيئة، وهذا غير مرض لنا، ومن الممكن تصعيد خطواتنا في حال عدم وضع حد لظاهرة قتل العراقيين، كما يحصل في الوقت الراهن، على أيدي الميليشيات”.
ووصلت عشرات السيارات الكبيرة، تقل متظاهرين من مختلف محافظات البلاد، إلى العاصمة بغداد، للمشاركة في التظاهرة المركزية.
وشهدت ساحتا النسور والفردوس، وصول آلاف المحتجين من المحافظات الجنوبية، بهدف الاندفاع في مسيرة موحدة نحو ساحة التحرير، في منطقة الباب الشرقي.
حراك برلماني موازي
وبالتزامن بدأ حراك نيابي، لاستضافة القادة الأمنيين في الجيش والشرطة المحلية تحت قبة البرلمان لمساءلتهم عن حوادث قتل النشطاء، خلال الفترة الماضية، إقالة المقصرين منهم، وهو الحراك الأول من نوعه.
وتظهر وثيقة طلبا قدمه النائب عدنان الزرفي إلى رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة خاصة تستضيف قادة الأجهزة الأمنية للوقوف على ملف الاغتيالات، وهو حراك حفزه استمرار الاغتيالات التي حصدت مؤخراً حياة الناشط البارز إيهاب الوزني قرب المنطقة المحصنة وسط كربلاء.
وتوقعت مصادر عراقية، انضمام كتل سياسية أخرى من بينها “العراقية” بزعامة إياد علاوي لمبادرة الاستجواب، وزعامات قبلية ومرجعيات اجتماعية ودينية ممثلة في البرلمان، فيما رجحت مصادر نيابية حضور عائلات الشهداء إلى قبة البرلمان لتقديم شهاداتهم خلال سلسلة الاستجوابات.
النائب في البرلمان العراقي، صائب خدر، قال: إن “الحراك البرلماني للكشف عن قتلة المتظاهرين، يجب أن يحظى بدعم جميع الكتل والأحزاب السياسية، فنحن بحاجة إلى تثبيت سلطة القانون، لحماية المتظاهرين، وهذا مبدأ ديمقراطي، سنعمل عليه بكل قوة”، مشيراً إلى أن “من واجب البرلمان الاستجابة السريعة لمطالب الشارع، فهو المعبر عن إرادتهم وهمومهم”.
وأضاف النائب العراقي لـ”سكاي نيوز عربية” أن “أي استجواب أو تحرك نيابي سيؤثر في مسار الكشف عن قتلة المتظاهرين، وستتحقق الكثير من المكاسب، وإن كانت لا تفي بالغرض، لكن هذا الاستجواب سيكون نقطة شروع واضحة، وعلامة فارقة، في العملية السياسية، ومساعي الكشف عن قتلة العراقيين، خاصة في حال إقالة قادة أمنيين، بعد ثبوت تقصيرهم، فإن ذلك سينعكس إيجاباً على عمل المؤسسة الأمنية والاستخبارية”.
من جهته، دعا رئيس تحالف “عراقيون” عمار الحكيم، إلى استدعاء القادة الأمنيين للوقوف على خطواتهم في الكشف عن المتورطين في جرائم اغتيال وخطف الناشطين والإعلاميين.
وقال الحكيم في بيان سابق، إنه “لضمان تحقيق العدالة وتطمين أسر الضحايا، ندعو أعضاء مجلس النواب من تحالف عراقيون إلى العمل على استدعاء القادة الأمنيين للوقوف على خطواتهم في الكشف عن المتورطين في جرائم خطف واغتيال بعض الناشطين والإعلاميين”
وانضم لاحقاً، رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، لى دعوة الحكيم، مطالباً الاجهزة الأمنية بوضع “حد للجرائم السياسية”.
وأشار العبادي في بيان إلى “ضرورة توفير أمن انتخابي للناخبين والمرشحين، باعتباره شرطا لانتخابات نزيهة وعادلة تحقق مشاركة جماهيرية حقيقية تعزز من شرعية النظام السياسي”.
اختبار للكتل السياسية
وبحسب مصادر عراقية، فإن فرقاً حقوقية وقانونية متخصصة أنجزت قاعدة البيانات المطلوبة لبدء سلسلة الاستجوابات لكبار الضباط المسؤولين عن القطعات التي نفذت فيها جرائم الاغتيال.
من جهته، رأى الكاتب والخبير في الشأن العراقي، سرمد الطائي، أن “أجواء الاحتجاجات الشعبية، بدأت تصمم دوراً جديدا للكتل البرلمانية الموصوفة بأنها تضامنت مع الحراك الشعبي وأدانت مسلسل القتل، في حال نجحت تلك الكتل في تمرير هذا الملف برلمانيا، فسيعني استجوابات طويلة قد تستمر الى موعد الانتخابات المقبل”.
وأكد الطائي في حديث لـ”سكاي نيوز عربية” أن “تلك الخطوة تمثل كسرا للمحرمات في ملف السياسة والأمن طوال نحو عقدين، وهي اختبار لإمكانية انخراط القوى السياسية في اصلاحات استثنائية قد تدفع الاحتجاجات إلى بدء تفاهمات حول مرحلة ما بعد الانتخابات أو الذهاب أبعد من أي وقت مضى لمقاطعة السياسة الرسمية”.
ومنذ وصول رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، إلى منصبه في مايو 2020، أطلق حملة واسعة، وشكل عدة لجان للتحقيق في مقتل الناشطين والمتظاهرين، خلال حقبة سلفه، عادل عبد المهدي، حيث تقدر أعداد الضحايا بآلاف الناشطين بين قتيل وجريح.
ومطلع الشهر الجاري، قال الكاظمي إن “التحقيقات جارية وننتظر التقرير النهائي.. حيث أخذ وقتاً طويلاً لأنه يجب أن يُعد وفق طريقة مهنية وعادلة”.
وأضاف “أشهر من ألقينا القبض عليهم هي (فرق الموت) في البصرة، التي اغتالت الصحفيين، وألقينا القبض على مجموعات قتلت متظاهرين ومستمرون بالتحقيقات وسنعلن النتائج حال الانتهاء”.
المصدر: سكاي نيوز عربية