نواز شريف في باكستان بعد 4 سنوات غياب
بعد حوالى أربع سنوات غياب عن بلاده باكستان عاد رئيس الوزراء السابق نواز شريف، السبت، على ضوء الانتخابات المقبلة في يناير (كانون الثاني) التي سيحاول من خلالها إعادة حزبه إلى السلطة. وكان شريف يقيم في منفاه الاختياري في لندن منذ عام 2019، ولكنه غادره بسبب متاعبه القضائية.
وعرضت قنوات تلفزة محلية لقطات مباشرة لهبوط الطائرة التي تقل شريف في مطار إسلام آباد.
الاستعداد للانتخابات
وتولى شريف رئاسة الوزراء في باكستان ثلاث مرات، وفيما عاد إلى بلاده بعد أربع سنوات غياب يقبع منافسه الرئيسي عمران خان في السجن منذ أغسطس(آب) وجرد من أهلية خوض الانتخابات لمدة خمس سنوات.
وكان شريف قال في تصريحات قبيل إقلاع طائرته “نحن مستعدون للانتخابات بشكل تام… بلادنا التي كان يجدر أن تكون في قمة الازدهار، تراجعت”.
وسأل “كيف وصلنا إلى هنا؟”.
أنصاره: “عودة مبشرة”
أعد أنصار شريف تجمعاً حاشداً لاستقباله في لاهور عاصمة إقليم البنجاب، معقله الانتخابي، التي من المقرر أن يتجه إليها بعيد وصوله.
وقال خواجة محمد آصف وهو عضو بارز في حزبه “هذا هو وقت الأمل والاحتفال. فعودته تبشر بالخير لاقتصاد باكستان وشعبها”.
وكان شريف في دبي في الأيام الأخيرة وغادرها السبت في طائرة مستأجرة مع عدد كبير من الصحافيين على ما ذكرت وسائل إعلام باكستانية.
ترحيب شعبي
وقد ازدانت شوارع لاهور الواقعة في شرق البلاد بلافتات وأعلام خضراء وصفراء ترحب بشريف.
ونشر أكثر من سبعة آلاف شرطي لاحتواء الحشود المتوقعة في “غريتر إقبال بارك” حيث يقام الاستقبال الشعبي في وقت لاحق على ما أفاد ضابط في المكان.
وقال راضي علا البالغ 18 سنة “أنا هنا لاستقبال زعيمي. التضخم مرتفع والفقراء يائسون. منحه الله فرصة العودة وتصحيح الوضع. وسبق له أن فعل ذلك”.
عزل بتهمة الفساد
ويعول حزب “رابطة مسلمي باكستان – جناح نواز” على خبرة نواز شريف وحسه العملي، للفوز في الانتخابات التي أرجئت إلى نهاية يناير.
غير أنه لا يزال محكوماً عليه بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة الفساد التي يعود تاريخها إلى عام 2018، وكان قد أمضى جزءاً من هذه العقوبة فقط.
وأصدرت محكمة في إسلام آباد الخميس إفراجاً استباقياً بكفالة عنه حتى 24 أكتوبر (تشرين الأول)، في خطوة ستجنبه التوقيف لدى عودته إلى البلاد.
وكان شريف قد عزل من منصبه بتهمة الفساد في عام 2017 من قبل المحكمة العليا، بعد الكشف عن عقارات فاخرة تملكها عائلته عبر شركات قابضة خارجية.
ومنعته المحكمة العليا نفسها من شغل أيّ منصب سياسي مدى الحياة. غير أنه نفى أن يكون ارتكب أي مخالفات، مندداً بمؤامرة من قبل الجيش تهدف إلى تسهيل فوز عمران خان في الانتخابات، وقد أصبح خان بعد ذلك رئيساً للوزراء.
ويقول محللون إنه لكي يعود، اضطر إلى أن يخفف من انتقاداته للجيش كي يحصل منه على ضمانات بعدم إلقاء القبض عليه.
وقالت الخبيرة عائشة صديقة لوكالة فرانس برس “ما من شك في أن عودته ناتجة من اتفاق مع المؤسسة العسكرية، لذلك عليه أن يكون أكثر حذراً”.
بعد إدانته في ديسمبر (كانون الأول) 2018، سجن نواز شريف لمدة 10 أشهر. ثم أُطلق سراحه لأسباب طبية وسمح له بالسفر إلى لندن لأسابيع عدة لتلقي العلاج.
وعلى رغم استدعاءات عدة للمثول أمام المحاكم الباكستانية، إلا أنه بقي في لندن، حيث واصل قيادة حزبه في الكواليس.
تحالف للإطاحة بـ “خان”
انضم حزب “الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز” إلى منافسه القديم “حزب الشعب الباكستاني” التابع لعائلة بوتو، الذي يهيمن أيضاً على السياسة الباكستانية منذ عقود، للإطاحة بخان من خلال مذكرة حجب الثقة في أبريل (نيسان) 2022.
ونجح الحزب في إيصال شقيق نواز، شهباز شريف، إلى السلطة، فأشرفت حكومته على تعديلات قانونية شملت تحديد الفترة التي يمكن خلالها تجريد النواب من أهلية خوض الانتخابات بخمس سنوات، تمهيداً لعودة شقيقه.
من جهته، عزا عمران خان (71 سنة)، المسجون والمتهم بتسريب وثيقة سرية، إسقاطه إلى الجيش.
ومنذ ذلك الحين، أصبح حزبه هدفاً لحملة قمع وأعمال ترهيب تخللها اعتقال الآلاف، الأمر الذي أدى إلى إضعافه إلى حد كبير.
ويبقي حزب “الرابطة الإسلامية – جناح نواز”، الغموض حول ما إذا كان نواز أو شهباز الذي يعد أكثر قرباً من الجيش، سيقود الحزب إلى الانتخابات المقبلة، التي تتولى حكومة موقتة مسؤولية تنظيمها.
وفي السياق، قالت عائشة صديقة، إن خان “غير مؤهل للترشح، بالتالي هو ليس في السباق. لذا، ستكون المنافسة الحقيقية على منصب رئيس الوزراء بين الشريفين”.
ولكن سيتوجب على حزبهما أن يعمل على استرضاء الشعب الذي أرهقه الارتفاع الكبير في معدلات التضخم طيلة أشهر عدة.
ولا يزال نواز شريف يتمتع بشعبية كبيرة في البنجاب، في أوساط الأعمال وبين الطبقات الأكبر سناً. لكن جيل الشباب الذي سئم رؤية الأشخاص أنفسهم يحتكرون السلطة، يفضل عمران خان.
المصدر: اندبندنت عربية