أزمة الغذاء في نيجيريا تدفع مواطنيها إلى الشوارع

يتظاهر النيجيريون ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية في وقت تجبر أزمة اقتصادية السكان على التخلي عن تناول وجبات أو الاكتفاء بأرُز نوعيته رديئة يستخدم عادة لإطعام السمك.

ولإطعام أطفالهن، لجأت نساء في شمال نيجيريا إلى حفر مستعمرات نمل بحثا عن حبوب خزنتها هذه الحشرات، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومنذ توليه منصبه العام الماضي، ألغى الرئيس بولا أحمد تينوبو الدعم على الوقود وضوابط على العملة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار البنزين ثلاث مرات وزيادة تكاليف المعيشة مع انخفاض قيمة النايرا مقابل الدولار.

وبلغ معدل التضخم في نيجيريا أعلى مستوياته منذ ثلاثة عقود متجاوزا 28 % في كانون الأول/ديسمبر، وفقا للمكتب الوطني للإحصاء.

وأثارت الأوضاع المزرية تظاهرات في العديد من المدن الشمالية بما فيها سوليجا قرب العاصمة أبوجا ومينا في ولاية النيجر وكانو المركز الاقتصادي للبلاد.

والاثنين، حذر أمير كانو أمينو أدو باييرو بأن النيجيريين يواجهون “صعوبات اقتصادية وجوعا ومجاعة” ودعا الرئيس إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، فيما أعلن الحاكم أبا كبير يوسف هذا الشهر أنه سيطلب من الرئيس “التدخل والتحقق من حالة الجوع السائدة في ولاية كانو، من أجل إنقاذ شعبنا من المجاعة”.

وقال “نحن نعلم أن أجزاء أخرى من البلاد تعاني الأمر نفسه”.

ويعيش 63 في المئة على الأقل من سكان نيجيريا البالغ عددهم 220 مليونا في فقر مدقع وفق مكتب الإحصاء.

واضطر عدد كبير من النيجيريين الفقراء للتخلي عن منتجات تعدّ من الكماليات، مثل اللحوم والبيض والحليب والبطاطا.

في كانو، لجأ السكان إلى أرز “أفافاتا” الرخيص ومنخفض الجودة. وتعني هذه الكلمة “التخبط” بلغة الهوسا وتشير إلى استخدامه في الأوقات الصعبة.

في العام 2015، حظرت نيجيريا استيراد الأرز في محاولة لتعزيز الإنتاج المحلي.

لكن أسعار الأرز المنتج محليا ارتفعت بشكل كبير ما جعل هذا العنصر الغذائي الأساسي بعيدا عن متناول كثر. كما ارتفعت أسعار دقيق الذرة والدخن والذرة الرفيعة.

يتم إنتاج 80 % من الحبوب في نيجيريا في شمال غرب البلاد وشمال شرقها، لكن العنف المستشري وانعدام الأمن في هذه المناطق أدى إلى زيادة الضغط على الإمدادات.

وتسببت الهجمات القاتلة وعمليات الخطف للحصول على فدية التي تنفذها عصابات إجرامية في شمال غرب البلاد والصراع الجهادي في شمال شرقها إلى نزوح العديد من المجتمعات الزراعية.

وفي تقرير صدر هذا الشهر، حذّر البنك الدولي من نقص حاد في الغذاء في سبع ولايات بسبب أعمال العنف.

وأغلقت نيجيريا حدودها الشمالية مع النيجر عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس محمد بازوم العام الماضي، ما منع وصول بعض المحاصيل إلى أسواق شمال نيجيريا.

تخزين

وتواجه السلطات النيجيرية ضغوطا متزايدة لتخفيف هذه الصعوبات.

وقال وزير الزراعة أبو بكر كياري أمام البرلمان الاثنين إن الأمن الغذائي الوطني يعاني منذ جائحة كوفيد في العام 2020 والفيضانات المدمرة في العام التالي.

لكن ياو تومفافي وهو مسؤول في سوق دواناو للحبوب قرب كانو، قال إن التخزين هو أيضا جزء من المشكلة.

وأوضح لوكالة فرانس برس في داوناو، أكبر سوق للحبوب في غرب إفريقيا، أن “الأثرياء دخلوا تجارة الحبوب ويواصلون تخزين الحبوب في مستودعات”.

ولمواجهة السخط المتزايد، أمر الرئيس تينوبو بالإفراج عن 102 ألف طن من الحبوب من الاحتياطي الاستراتيجي لبيعها بسعر مدعوم بهدف خفض أسعار المواد الغذائية.

وفي كانو، دهمت السلطات مستودعات يشتبه في تخزين تجار مواد غذائية فيها.

ومنعت حكومة ولاية يوبي هذا الشهر شراء الحبوب بكميات كبيرة من الأسواق المحلية لوقف تخزينها وتصديرها عبر حدود نيجيريا.

بدوره، أعلن حاكم ولاية النيجر محمد عمر باغو فرض حظر على شراء المواد الغذائية بالجملة من الأسواق المحلية. وأمر قوات الأمن بمصادرة الشاحنات التي تحمل منتجات بكميات كبيرة و”تقاسم الطعام مع السكان”.

لكن تومفافي قال إن كل ذلك “مجرد إجراءات موقتة لا يمكنها حل مشكلة الغذاء التي نواجهها”.

وأضاف “ما هو التأثير الذي يمكن أن تحدثه 102 ألف طن على 220 مليون شخص؟”.

ومضى بالقول “لتؤمن الحكومة قرانا في الشمال الغربي والشمال الشرقي حتى يعود الناس ويزرعوا أراضيهم”.

المصدر: فرانس 24