أمهات «الدواعش» في البرلمان الأوروبي

طالب أعضاء في البرلمان الأوروبي، في اجتماع مشترك ببروكسل، مع مجموعة من الخبراء وممثلي منظمات إنسانية وحقوقية، بضرورة التحرك السريع على الصعيد الأوروبي لاستعادة الأطفال من معسكرات «الدواعش» في شمال شرقي سوريا، خصوصاً في ظل معاناة وظروف إنسانية صعبة للغاية، ومع اقتراب الشتاء القارس.

وأكد المشاركون في نقاش جرى في مقر البرلمان في بروكسل، أول من أمس، أن وقت النقاشات قد انتهى، ولا بد من التحرك الفعلي.

وجاء ذلك بحضور عدد من عائلات الأطفال من البلجيكيين، الذين اتهموا الحكومة بالتقصير في التعامل مع هذا الملف. وعلى هامش الجلسة، التقت «الشرق الأوسط» بعدد منهن، وتحدثت عن اثنتين منهن. فبعد أن فشلتا في استعادة أبنائهما وأحفادهما من مناطق الصراعات عبر القضاء، حضرت مليكة وسميرة، وهما مسلمتان من سكان بروكسل، إلى مقر البرلمان الأوروبي، لعلهما تنجحان في مسعيهما، حيث دعتا الحكومات إلى ضرورة تحمل مسؤولياتها.

وقالت مليكة، وهي في نهاية الأربعين، وتتحدث العربية، إنها جاءت من أجل ابنها وزوجته وأطفاله، لأن وضعيتهم صعبة جداً، ولا تتوفر لهم الاحتياجات الضرورية، من غذاء وأدوية، كما أن الشتاء القارس على الأبواب، ويجب أن تتحرك أوروبا لاستعادة أبنائها.

وتساءلت مليكة قائلة: «لا أعلم لماذا لا تريد أوروبا استعادة أبنائها، رغم أن دولاً أخرى تحركت بشكل أسرع في هذا الصدد، ومنها تونس والمغرب وغيرهما». وعندما سألتها «الشرق الأوسط» عما إذا كانت تريد عودة أحفادها من الأطفال فقط، ردت مليكة مقاطعة: «لا… أريد عودة الجميع، فلا يمكن أن تحرم الطفل من والديه؛ يعودون جميعا، ومن أخطأ يعاقب، ولكن لا نريد التفريق بين الأطفال ووالديهم».

وبعدها، تحدثت سميرة بالفرنسية، وقالت: «أنا هنا للحصول على إجابة عن سؤالي: ماذا يستطيع البرلمان الأوروبي أن يفعل لإعادة أبنائنا وأطفالهم الصغار، خصوصاً أننا نعاني وسئمنا بسبب كثرة النقاشات والاستماع، وكأننا في حلقة مفرغة؟»، مضيفة: «هؤلاء الأطفال يحملون الجنسية البلجيكية، ومع ذلك فإن بلجيكا لا تتحرك، ونحن نريد إعادتهم بسرعة، اليوم قبل الغد».

والسيدتان شاركتا في جلسة نقاش لعدة لجان داخل البرلمان الأوروبي حول وضعية الأطفال الصغار الأوروبيين في مناطق الصراعات، وكيفية إعادتهم. وقالت ماريا إرينا، رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لقد حضرت مجموعة من الخبراء والبرلمانيين، وأجمعوا على القول إن الأطفال ضحايا قبل كل شيء»، مضيفة: «لقد وقعنا على اتفاق الأمم المتحدة لحماية حقوق الطفل، ويجب أن يكون ذلك أولوية، وهذا يحتاج إلى قرار من الدول الأعضاء في الاتحاد، أما نحن في البرلمان الأوروبي فنستطيع أن نصدر توصية بذلك، مع الوضع في الاعتبار كل الظروف المترتبة على العودة، مثل التعليم والإدماج».

وخلال مداخلة مسؤول مركز تحليل المخاطر الإرهابية في بلجيكا، بول فان تيغيلت، بدأ كلمته في الجلسة متسائلاً: «إلى متى سوف تستمر النقاشات لتبادل وجهات النظر؟»، مطالباً، مع غيره من المتحدثين، بضرورة التحرك السريع للتعامل مع ملف إعادة الأطفال الصغار، وحذروا من أن التأخير يعني خطورة أن يتحول هذا الطفل إلى إرهابي محتمل.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال كريس بيترز، عضو البرلمان الأوروبي: «لقد أرسلنا إشارة واضحة أنه انتهى وقت النقاشات، ولا بد من العمل والتحرك السريع لإنقاذ هؤلاء الأطفال، خصوصاً مع قرب الشتاء القارس، ويجب أن تتحرك الدول الأعضاء، ويكون هناك تبادل للمعلومات والبيانات عبر (اليوروبول) لتسهيل استعادة الأطفال».

واتفق الجميع على أن الوضع ازداد صعوبة في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من المنطقة، وأيضاً العمل العسكري التركي، ويجب التحرك بشكل جماعي أوروبي، وبالتعاون مع فعاليات دولية، لاستعادة هؤلاء الأطفال في المقام الأول بصفتهم ضحايا لا ذنب لهم في جرم ارتكبه أحد الأبوين، بسفره إلى مناطق الصراعات، وأن الملف شديد الحساسية، وأيضاً غاية في التعقيد، ويحتاج إلى إجراء وتحرك جماعي أوروبي، إلى جانب التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات والتجارب.

المصدر: الشرق الأوسط