أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يتحركون لاستئناف التحقيقات

نفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، اليوم الثلاثاء، تحركاً احتجاجياً أمام قصر العدل لمطالبة قضاة محكمة التمييز، الأصيلين والمنتدبين، بإحقاق الحق وإقرار متابعة التحقيق بالقضية المتوقف النظر فيها منذ ديسمبر/كانون الأول 2021، نتيجة طلبات الردّ الموجهة ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من المدّعى عليهم بالدرجة الأولى.

ووقع تدافعٌ بين الأهالي والأجهزة الأمنية في محيط قصر العدل في بيروت، إثر محاولة المحتجين الدخول إلى القاعة، وقد عمد بعضهم إلى رمي العصي والحجارة على النوافذ وبوابة القصر، معبّرين عن امتعاضهم من طريقة التعاطي معهم، وتمييع قضيتهم، في محاولة الطبقة السياسية دفن التحقيقات بعد عرقلتها لأكثر من سنتين.

واستند الأهالي في دعوتهم إلى التحرّك اليوم إلى أسباب عدة، منها “امتناع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل عن توقيع مرسوم التشكيلات القضائية الفرعية بحجج واهية وتعطيله بالتالي مرفق العدالة، عبر عرقلة اكتمال نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز بقضاة أصيلين بدلاً من القضاة أعضاء الهيئة المتقاعدين”.

ومن المعروف أن وزير المال محسوبٌ سياسياً على “حركة أمل”، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، والتي ينتمي إليها اثنان من المدّعى عليهم، هما وزير المال السابق النائب علي حسن خليل الصادرة بحقه أيضاً مذكرة توقيف غيابية، ووزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر، وهما أيضاً وراء العدد الأكبر من الدعاوى التي وُجّهت ضد البيطار لكف يده، وخلف الدعوى التي كفّت يد المحقق العدلي الأول القاضي فادي صوان للارتياب المشروع.

ومن الأسباب أيضاً، أن “القضاة المنتدبين بدلاً عن المتقاعدين في الهيئة العامة لمحكمة التمييز لم يجتمعوا بعد للبتّ بدعاوى مخاصمة الدولة المقدمة من زعيتر وخليل ضد القاضي الناظر في دعوى ردّ القاضي البيطار، ليتمكن الأخير من استكمال التحقيق، ويمتنعون بالتالي عن إحقاق الحق”.

كما أن “بعض الوزراء والنواب المتهمين بقضية تفجير مرفأ بيروت، يستمرّون بالتعسّف باستخدام حق الدفاع، عبر تقديم طلبات ردّ القاضي البيطار، ما يوجب بالتالي تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية للحدّ من التعسّف باستخدام الحق، وعدم كف يد المحقق العدلي في دعاوى الردّ ومخاصمة الدولة إلا إذا ارتأت المحكمة ذلك”، وذلك بحسب ما أشار إليه بيان الأهالي.

ويستند الأهالي أيضاً إلى أن “لا حل مستداماً لضمان استقلالية السلطة القضائية، ولحماية التحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الشعب اللبناني إلا بإقرار قانون استقلالية القضاء، ولأن وقف التحقيق وعرقلته بأي طريقة من الطرق هو أيضاً جريمة”.

وفي السياق، يقول إبراهيم قعدان، والد الضحية أحمد قعدان، لـ”العربي الجديد”، إن التحرك اليوم يأتي بُعَيْد فكّ القضاة اعتكافهم الذي استمرّ أشهراً عدة ربطاً بأزمة رواتبهم المتصلة بالانهيار المالي، والذي مسّ أيضاً ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت المتوقف منذ عام 2021، والذي لم يحقق به أصلاً إلا لأشهر معدودة منذ وقوع الانفجار عام 2020، نتيجة طلبات الردّ، وكفّ يد المحقق الأول، ومن ثم تعيين محقق جديد، فعرقلة عمله بالدعاوى التي انهالت عليه”.
الأهالي نحو تصعيد تحركاتهم

كذلك، يأتي هذا التحرك، الذي شارك فيه عدد من النواب الذين يمثلون قوى التغيير، بعد توقف الأهالي لفترة عن تنفيذ وقفات احتجاجية، في ظل اعتكاف القضاة، بحسب قعدان الذي يشدد على أنه “لا بدّ لنا أن نفعل شيئاً والبقاء موجودين على الساحة، فقضيتنا يجب ألا تُقتَل وتُعدَم وتُدفَن، ولن نسمح بذلك”، مؤكداً أن “المحاكمة يجب أن تحصل، وأن يحاسَب المسؤولون عن التفجير”.

ويقول قعدان إننا “لا نتمنى حصول إشكالات وتكسير، فهذا ليس أسلوبنا، ولكنّ التصعيد سيكون مسارنا في حال استمرّت العرقلة، وهذه الدويلة لا يمكن التعاطي معها إلا بهذا الأسلوب”.

وشهد عام 2022 تحركات عدة لأهالي الضحايا بوجه محاولات عرقلة التحقيقات، وكف يد البيطار وإبعاده عن الملف بذرائع ومناورات سياسية قانونية، وآخرها خطوة وزير العدل هنري خوري، وبدفع من “التيار الوطني الحر”، برئاسة النائب جبران باسيل، المحسوب عليه حكومياً، باقتراحه تعيين محقق عدلي للبت بالأمور الضرورية والملحة في انفجار المرفأ طيلة فترة تعذر قيام المحقق الأصيل بمهامه، وذلك في خطوة لتحريك ملف الموقوفين، على رأسهم المدير العام السابق للجمارك بدري ضاهر المحسوب على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون.

ومن أبرز المدعى عليهم بالملف: رئيس الحكومة السابق حسان دياب، والوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، إلى جانب وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، ووزير الأشغال الأسبق يوسف فنيانوس (صادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية، ويُعدّ أبرز معاوني رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشح حزب الله وحركة أمل غير المعلن لرئاسة الجمهورية).

ويُعدّ انفجار مرفأ بيروت أحد أكبر الانفجارات غير النووية الذي أودى بحياة ما لا يقلّ عن 210 أشخاص، وسقط بنتيجته آلاف الجرحى، عدا عمّا ألحقه من أضرار مادية كبيرة في العاصمة اللبنانية، ويُتهم المسؤولون السياسيون من قبل منظمات محلية مدنية ودولية بعرقلة التحقيقات ومحاولة طمس الحقيقة، وسط اعتراف كبار القادة، سياسيين وأمنيين، بعلمهم بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ من دون أن يتحركوا لإخراجها.

المصدر: العربي الجديد