إثيوبيا: لا حاجة لإخطار مصر والسودان بملء سد «النهضة»

قللت إثيوبيا، أمس، من تأثير شكوى مصرية مقدمة إلى مجلس الأمن الدولي، بشأن مشروع سد «النهضة»، الذي تبنيه على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، بالقرب من الحدود السودانية. وقالت الخارجية الإثيوبية إن «خطة بدء ملء السد في موسم الأمطار المقبل هو جزء من البناء المقرر دون الحاجة لإخطار مصر والسودان».

وصعدت القاهرة من نزاعها مع أديس أبابا، عقب انسحاب الأخيرة من اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي. أعقبه مباشرة إعلان إثيوبيا بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب في بحيرة السد، في يوليو (تموز) المقبل.

وقبل نحو أسبوع، وجهت الخارجية المصرية، خطاباً إلى مجلس الأمن، حذرت فيه من تداعيات ملء السد، من دون استشارة وموافقة مصر والسودان، «على الأمن والسلم في المنطقة»، مشيرة إلى الأضرار المتوقعة على حصتها من مياه النيل.

ولم تفاجئ الشكوى المصرية، دولة إثيوبيا، بحسب أمسالو تيزازو، المتحدث بالإنابة باسم الشؤون الخارجية، والذي أكد أنها «لن تحقق أي نتيجة». وأوضح المتحدث أن خطة بلاده لبدء ملء السد في موسم الأمطار المقبل «هو جزء من البناء المقرر دون الحاجة إلى إخطار السودان ومصر»، مشيراً في تصريحات نشرتها «وكالة الأنباء الإثيوبية»، إلى أن «ملء السد خلال موسم الأمطار لا يسبب أي ضرر كبير لدول المصب».

في غضون ذلك، بحث وفد سوداني رفيع المستوى مع رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، في العاصمة أديس أبابا، العلاقات بين البلدين وقضايا سد النهضة وكيفية حل نزاعات على الحدود بين الدولتين أول من أمس (السبت)، ولمدة يومين، لبحث إيجاد مخرج للأزمة. فيما قال مسؤول إثيوبي كبير إن خطة بلاده لبدء ملء سد النهضة في موسم الأمطار المقبل يمثل جزءاً من البناء المقرر دون الحاجة إلى إخطار السودان ومصر. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) عن رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، قوله إن الزيارة التي قام بها وزير شؤون مجلس الوزراء، عمر مانيس، إلى إثيوبيا مهمة لأنها تناولت العلاقات بين البلدين والتعاون بينهما في المجالات الاقتصادية وسبل دعمها وكيفية حل التحديات على الحدود بين البلدين والقضايا ذات الصلة بسد النهضة. وغرد حمدوك في «تويتر» قائلاً: «أنا واثق من أن الشراكة التاريخية بين بلدينا ستبقى قوية ومتحدة في مواجهة هذه الأوقات الصعبة». كما قال رئيس الوزراء الإثيوبي أيضاً في تغريدة على «تويتر»: «لقد سررت بالنقاشات التي جرت بيننا حول تحديات تمتين العلاقات الاقتصادية وحول سد النهضة ومسائل الحدود». من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبي، أمسالو تيزازو، لوكالة الأنباء الإثيوبية، إن خطة بلاده لبدء ملء سد النهضة في موسم الأمطار المقبل يعتبر جزءاً من البناء المقرر دون الحاجة إلى إخطار السودان ومصر، مضيفاً: «يجب التوصل إلى اتفاق قبل ملء السد».

وسبق أن حذرت مصر، إثيوبيا من اتخاذ أي إجراءات أحادية دون التوصل إلى اتفاق شامل حول بناء وتشغيل السد. فيما أعلن السودان، قبل أيام، رفضه طلباً إثيوبياً، بالتوقيع على اتفاق ثنائي جزئي، لملء المرحلة الأولى من السد، وهو الموقف الذي ووجه بترحيب مصري. غير أن المسؤول الإثيوبي، يرى أن «مصر والسودان يعرفان أن ذلك (ملء الخزان) سيحدث… عندما يصل بناء السد إلى مستوى معين وبعد كل شيء يتم بناؤه لملئه»، مضيفاً: «ليس لدينا واجب بإبلاغهم… العالم بأسره يمكن أن يفهم أن هذا لا ضرر منه لأنه تقني وعلمي». وتطالب الشكوى المصرية لمجلس الأمن، والمكونة من 17 صفحة، المجتمع الدولي الضغط على إثيوبيا. ووفقاً للمتحدث الإثيوبي فإنها «لا تأخذ في الاعتبار النتائج المثمرة، التي تمت من خلال المفاوضات على مر السنين بما في ذلك إعلان المبادئ (عام 2015)»، متهماً مصر بأن «لديها رغبة في إعادة فرض اتفاقية استعمارية سابقة غير عادلة» على بلاده. ولمصر حصة مائية تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب، تصفها بـ«التاريخية»، فيما تنظر إليها إثيوبيا على أنها «اقتسام غير عادل لموارد النهر». ويستند الرفض الإثيوبي إلى أن مصر حصلت على تلك الحصة بموجب اتفاقيات عقدت في عصر الاستعمار لا تعترف بها.

وتحتفظ مصر بـ15 معاهدة دولية، على المستوى الثنائي والإقليمي، لاستغلال مياه النيل، وفقاً لما نشرته الهيئة المصرية للاستعلامات، منها 5 اتفاقيات موقعة مع إثيوبيا، أهمها في مايو (أيار) 1902. والتي تعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني (ملك إثيوبيا) بعدم إقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل. وقال المتحدث الإثيوبي أمسالو تيزازو، إنه «رغم عدم مطالبة إثيوبيا رسمياً بالرد على مطالبات مصر أعدت الحكومة وثيقة تعكس بوضوح موقفها فيما يتعلق بملء السد والقضايا العامة المتعلقة به». وأضاف أن الرد الإثيوبي، الذي أعده خبراء قانونيون ودبلوماسيون مرتبطون بالمياه، سيتم تقديمه قريباً إلى رئيس مجلس الأمن، مؤكداً سعي بلاده لـ«الاستخدام العادل والمنصف للموارد المشتركة بين جميع دول حوض النيل».

المصدر: الشرق الأوسط