إردوغان يرهن تحسين العلاقات مع اليونان بـ«تخليها عن توسيع حدودها» في إيجه

رهن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحسين علاقات بلاده مع جارتها اليونان بتخلي الأخيرة عن خططها لتوسيع حدودها في بحر إيجه إلى مسافة 12 ميلاً بحرياً في اتجاهي جنوب وغرب جزيرة كريت.

وقال إردوغان، تعليقاً على أنباء في سائل الإعلام اليونانية بأن «تركيا ستضرب أثينا بالصواريخ الباليستية محلية الصنع»: «ليس لدينا مثل هذه المشكلة ما دامت لا تعبث معنا في بحر إيجه… تركيا ليست لديها أي مشكلة مع اليونان إذا تخلت عن خططها لتمديد حدودها البحرية هناك».

وأضاف إردوغان، خلال تجمع انتخابي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنطاليا، جنوب تركيا، ليل السبت إلى الأحد: «أطلقنا صاروخ تايفون، ما هو مدى تايفون؟ 561 كيلومتراً. ماذا فعل اليونانيون؟ أصابهم الذعر، وعلى الفور جاءت العناوين الرئيسة لصحفهم؛ سيضربون أثينا، ليس لدينا مثل هذه المشكلة ما دمتم لا تعبثون معنا في بحر إيجه».

وتعليقاً على تصريحات الرئيس التركي، قالت مصادر دبلوماسية لوكالة الأنباء اليونانية إنّ أثينا تساهم في تعزيز الأمن في المنطقة، وتتّبع سياسة تستند إلى القانون الدولي. وهدد إردوغان اليونان، حليفة بلاده في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بضرب أثينا بالصاروخ «تايفون» الذي اختبرته أنقرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال إن أنقرة تدرس توسيع مدى الصاروخ من 561 ميلاً إلى أكثر من 1000 ميل، وإن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمرت اليونان في تسليح جزر بحر إيجه بشكل غير قانوني.

وفي المقابل، انتقد وزير الخارجية اليوناني تركيا بسبب ما اعتبره تهديداً من إردوغان لبلاده بالصواريخ الباليستية. واعتبر أن هذا الأمر غير المقبول من دولة حليفة في الناتو، وأنه لا يجب السماح بأن تدخل «توجهات كوريا الشمالية» إلى الحلف.

وجاءت تصريحات إردوغان، على خلفية تقارير عن مناورات عسكرية يونانية على جزيرتي رودس وليسبوس في بحر إيجه. وقال إنه «إذا لم تهدأ اليونان وتتوقف عن الاستفزازات، فإن الطائرات الحربية والمسيرات التركية المسلحة ستضرب أثينا». وأضاف أن «اليونان تخاف من طائراتنا الحربية وطائراتنا المسلحة من دون طيار. يقولون إنها ستضرب أثينا. إذا لم يهدأوا فسنضرب طبعاً. تركيا لا تعبث بهذه القضايا. أصبحنا ننتج صواريخنا بأنفسنا، وهذا أمر يخيف اليونان، فعندما تتحدث عن صاروخ (تايفون) تشعر اليونان بالخوف، وتقول إنه يستطيع ضرب أثينا. نعم بالطبع سيضربها، إذا لم تلتزموا الهدوء، إذا حاولتم إرسال أسلحة تحصلون عليها من الولايات المتحدة إلى الجزر (في بحر إيجه)، فإن دولة مثل تركيا من المؤكد ألا تقف ساكنة. يجب عليها أن تفعل شيئاً».

واختبرت تركيا، في أكتوبر الماضي، صاروخاً باليستياً قصير المدى محلي الصنع يحمل اسم «تايفون» (الإعصار) فوق البحر الأسود، معلنة أنه يستطيع أن يصيب أهدافاً على مسافة 561 كيلومتراً (349 ميلاً) خلال 456 ثانية.

وأبدت تركيا في الأشهر الأخيرة احتجاجها على ما اعتبرته حشداً عسكرياً يونانياً متزايداً في جزر قريبة من ساحلها وتسليحها، معتبرة ذلك مخالفة لشروط معاهدتي لوزان 1923 وباريس 1947، فضلاً عن قلقها من الدعم العسكري الغربي لليونان، التي تصاعدت التوترات معها بشدة بسبب قيام تركيا في صيف العام 2020 بأعمال بحث وتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في مناطق متنازع عليها في شرق البحر المتوسط.

ومنذ أيام، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده لن تسمح لأثينا بالتوسع «ولو ميلاً واحداً» في المياه الإقليمية في بحر إيجه. ودعا وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تصريحات، يوم الجمعة الماضي، اليونان إلى التخلي عما وصفه بـ«المواقف المتشددة والاستفزازية»، والاستجابة لـ«يد الصداقة» الممدودة إليها، قائلاً: «تعالوا لنتحدث ونتحاور بشكل مباشر… لا تتحمسوا لخوض مغامرة من خلال الاحتماء بالآخرين، لقد فعلتم هذا في الماضي والنتائج معروفة».

وسبق أن اتهم أكار، قبل أيام، بعض السياسيين اليونانيين بالسعي إلى زيادة التوتر. واعتبر أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا والناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أنه كانت هناك مشاورات واجتماعات لبناء الثقة في الناتو، بين تركيا واليونان؛ لكن اليونان تبذل «جهوداً كبيرة لمنع عقد هذه الاجتماعات والمحادثات».

واستأنفت تركيا واليونان العام الماضي المحادثات الاستكشافية التي توقفت على مدى 5 سنوات، لمعالجة الخلافات حول مجموعة من القضايا، مثل التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، والخلافات في بحر إيجه؛ لكنها سرعان ما توقفت مرة أخرى دون إحراز أي تقدم. كما سعى «الناتو» إلى عقد اجتماعات في إطار آلية لبناء الثقة بين البلدين الجارين العضوين، إلا أن هذه الاجتماعات توقفت أيضاً دون إحراز تقدم.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في يونيو (حزيران) الماضي، أن تركيا لن تعقد محادثات رفيعة المستوى مع اليونان المجاورة، عقب زيارة قام بها رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس إلى الولايات المتحدة؛ حيث طالب في كلمة أمام الكونغرس بأخذ التوتر شرق المتوسط في الاعتبار عند النظر في مسألة بيع تركيا مقاتلات «إف 16».

وخلال الشهر الماضي، كشفت أنقرة عن لقاء ثلاثي، جمع وفوداً من تركيا واليونان وألمانيا، في العاصمة البلجيكية بروكسل، لبحث سبل إعادة إطلاق قنوات الاتصال بين الجارتين تركيا واليونان، اللتين تتصاعد الخلافات بينهما على خلفية النزاع على الجزر في بحر إيجه، وموارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، وأكدت برلين قيامها بوساطة لعقد الاجتماع وحل الخلافات.

في سياق متصل، أعلن وزير حماية المواطنين اليوناني، تاكيس ثيودوريكاكوس، أن بلاده ستقوم بتشييد سياج بطول 180 كيلومتراً ليعزلها عن جارتها تركيا، وأن المجلس الحكومي للشؤون الخارجية والدفاع اليوناني قرر في وقت سابق بناء سياج على طول نهر إيفروس (ميريتش بالتركية) بالكامل. وأضاف أن بلاده ستباشر على الفور بناء المرحلة الأولى من السياج، بطول 35 كيلومتراً، وتم بالفعل تخصيص 100 مليون يورو لهذا الغرض، مشيراً إلى أن الشرطة اليونانية ألقت، خلال العام الماضي، القبض على 1300 من المتاجرين بالبشر، ومنعت 256 ألف مهاجر غير شرعي من دخول البلاد بشكل غير قانوني. واتهم الوزير اليوناني تركيا بالوقوف خلف جميع المبادرات من هذا النوع، قائلاً: «يعرف جيراننا جيداً أنه لا يجوز السماح باستمرار استغلال الناس التعساء».

في المقابل، تتهم تركيا اليونان بممارسة نهج غير إنساني تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء الفارين من مناطق التوتر، ودفع قوارب المهاجرين تجاه سواحلها في بحر إيجه، وأعلنت أنها أنقذت، خلال العام الماضي، مئات المهاجرين الذين دفعت بهم اليونان باتجاه المياه التركية.

المصدر: الشرق الأوسط