ارتفاع حصيلة الهجوم الدموي في بيشاور الباكستانية.. تساؤلات تثيرها المجزرة

مع إعلان الحكومة الباكستانية ارتفاع حصيلة الهجوم الدموي على مسجد للشرطة في مدينة بيشاور إلى 100 قتيل و221 جريحاً، تطرح أسئلة كثيرة حول المجزرة، التي اعتبرها رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف هجوماً على باكستان.

ويتساءل كثير من الباكستانيين عن كيفية وصول الانتحاري إلى هذه المنطقة الحساسة المحصنة أمنيا، لا سيما المسجد الذي كان يرتاده كبار الضباط والمسؤولين في الشرطة الباكستانية. في الجواب، يعترف المسؤولون بوجود ثغرات أمنية، كما أن هناك تضارباً في تصريحات المسؤولين والجهات الأمنية حول كيفية وصول المهاجم إلى داخل المسجد، وحول الجهة التي قامت بتنفيذ الهجوم، بعدما تراجعت طالبان الباكستانية عن تبني العملية.

وجاء في التقرير الأولي للشرطة الباكستانية أن المهاجم عبر أربعة حواجز أمنية، وتمكن من الوصول إلى الصف الأول في القاعة الرئيسية للمسجد، الذي كان عدد المصلين فيه وقت التفجير ما بين 300 و350 من عناصر وضباط شرطة.

كما جاء في تقرير الشرطة أن متفجرات قوية استخدمت في التفجير ما أدى إلى انهيار جزء من المسجد، وأن التحقيقات لا تزال مستمرة حول القضية. بينما قال وزير الداخلية الباكستاني رانا ثناء الله، في تصريح صحافي، إن الانتحاري والمساعدين له أدخلوا المتفجرات على دفعات، وأن الانتحاري كان موجوداً منذ أيام داخل مجمع الشرطة قبل أن ينفذ الهجوم.

وحول الجهة التي نفذت الهجوم، قال رانا ثناء الله إن جناح خالد خرساني، من طالبان الباكستانية، نفذ الهجوم، وإن التحقيقات القادمة حاسمة في تأكيد ذلك.

المسؤولية عن المجزرة حيّرت المسؤولين، بعدما كثرت الجهات المتهمة، وبعد تراجع طالبان الباكستانية عن تبنيها، مؤكدة في بيان، أن الحركة لن تستهدف المساجد وأماكن العبادة.

يقول رئيس شرطة إقليم خيبربختونخوا معظم جاه أنصاري، وهو مسؤول أمن مدينة بيشاور، إن لجنة شكلت للتحقيق في القضية، والجهة المسؤولة عن الهجوم قد تكون جيش الأحرار أو فرع خالد خراساني، من طالبان الباكستانية، كما أن طالبان الباكستانية نفسها تبنت المسؤولية قبل أن تتراجع عنها، مشيراً إلى أن تنظيم داعش أيضاً تبنى المسؤولية، “من هنا علينا أن ننتظر نتائج التحقيق”.

كما أكد المسؤول أنه بغض النظر عن طبيعة التفجير والجهة التي تقف وراءه: “علينا أن نعترف بأن هناك ثغرات أمنية أدت إلى وقوع المجزرة، ونحن نحقق في القضية من كل الجهات”.

فسر المحلل الأمني الباكستاني محمد عرفان خان، في حديث لـ”العربي الجديد”، تراجع طالبان عن تبني الهجوم بأن فروعاً مختلفة في الحركة تنفذ الهجمات من دون التنسيق في بعض الأحيان مع القيادة الرئيسية، واضطرت الحركة للتراجع عن تحمل المسؤولية، بعدما أثار الهجوم الغضب الشعبي، كما لا يستبعد أن الأمر حصل بضغط من طالبان في كابول، لأن المسؤولين الباكستانيين يتهمون طالبان الباكستانية باستخدام الأراضي الأفغانية. ولم يستبعد خان أن تكون فروع من طالبان مرتبطة بـ”داعش” وراء الهجوم.

ونفى كل من وزير الدفاع خواجه أصف، ووزير الداخلية رانا ثناء الله، شن أي عمليات كبيرة في شمال غرب باكستان ضد المسلحين، لكنهما شددا على ضرورة تكثيف العمليات المستندة إلى تقارير استخباراتية.

في الشأن نفسه، قال وزير الداخلية رانا ثناء الله، في حديث له مع قناة “جيو” المحلية، إن العمليات الكبيرة ضد المسلحين غير ممكنة ولا جدوى منها، “لأنهم يغيرون أماكنهم بين الحين والآخر، ولكننا سنكثف العمليات ضد المسلحين استناداً إلى تقارير استخباراتية، وهي قد تجري داخل البلاد أو خارجها”، في إشارة إلى أفغانستان، موضحاً أن تلك العمليات جارية ومستمرة.

وكان محمد عاصم، الناطق باسم مستشفى ريدي ليدينك الرئيسي، قد قال في مؤتمر صحافي إن حصيلة الهجوم ارتفعت إلى 100 قتيل، وإن عدداً من الجرحى في حالة خطرة، ما ينذر بارتفاع حصيلة القتلى.
وزير الدفاع الباكستاني: “طالبان” تنتهك اتفاق الدوحة

واتهم وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف حركة “طالبان” في أفغانستان بمساعدة “طالبان الباكستانية”، وأنها بذلك تنتهك اتفاق الدوحة، فيما قال وزير الداخلية رانا ثناء الله أن ما حصل في بيشاور “نتيجة سياسات حكومة عمران خان”.

وقال وزير الدفاع الباكستاني، خلال تقديم إيجاز أمام البرلمان بشأن هجوم مدينة بيشاور، إن “الحقيقة التي توصلنا إليها أن طالبان الأفغانية تساعد طالبان باكستان، رداً لدينها عليها بعد أن ساعدتها طالبان الباكستانية في الحرب ضد أميركا”.

كما أكد آصف ضرورة مراجعة الحسابات والسياسات مجدداً، فـ”نحن في الماضي خضنا حروب الآخرين، حرب أميركا وحرب روسيا، لكن الآن علينا أن نعمل فقط من أجل مصالح بلادنا”.

وانتقد المسؤول الباكستاني وجود اللاجئين الأفغان في باكستان، قائلاً إن “آلاف الأفغان يدخلون يومياً إلى باكستان، لا ندري من منهم الإرهابيون ومن منهم يأتون لأهداف أخرى”، مؤكداً أن “للأفغان أعمالاً تجارية كبيرة في البلاد، مواصلات البلاد كلها في أياديهم، نحن نسمح لهم باستيراد البضائع عبر أراضينا، لكن في المقابل نحصل على ما حدث في مدينة بيشاور (..) علينا أن نعيد النظر في سياساتنا”.

من جانبه، قال وزير الداخلية رانا ثناء الله، في خطاب له أمام اجتماع البرلمان، مساء اليوم، إن “هجوم بيشاور هو هجوم على باكستان وليس على جهة أو عرقية معينة”، موضحاً أن الهجوم “يشير إلى أن بلادنا تواجه مخاطر أمنية كبيرة، وعلينا أن نجلس معاً لوضع خطة عمل للتعامل مع مظاهر الإرهاب”.

كما طلب الوزير من البرلمان أن يفكر في مستقبل البلاد، وأن “تضع جميع الأحزاب المصالح السياسية جانباً من أجل المصلحة الوطنية المشتركة”، موضحاً أن “حكومة عمران خان المقالة كانت سياساتها فاشلة، حين أفرجت عن مسلحي طالبان الذين كان بعضهم ضالعاً في أعمال عنف كبيرة.. اعتقد خان أن طالبان الباكستانية قد تتفاوض وتترك السلاح، ولكن النتيجة ما نراه”.

وحول خسائر الانفجار، قال الوزير إن “عدد القتلى وصل إلى 100 قتيل، ثلاثة منهم مدنيون، و97 من عناصر وضباط الشرطة، وأن عدد الجرحى 217، بينهم 27 في حالة حرجة للغاية، من هنا نتوقع ارتفاع حصيلة القتلى”.

في الأثناء، ترأس اليوم الثلاثاء، قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير اجتماع قادة الفيالق لمناقشة الأوضاع الأمنية في البلاد، والتباحث بشأن هجوم مدينة بيشاور.

وقال مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني، في بيان، إن الاجتماع ناقش الوضع الأمني في البلاد، وتبعات هجوم مدينة بيشاور، موضحاً أن “الاجتماع قرر معاقبة الضالعين في الهجوم، والتعامل بشدة مع كل جهة تعبث بأمن البلاد واستقرارها”.

المصدر: العربي الجديد