الآثار الصحية والنفسية والإقتصادية للحروب على الإنسان

بقلم/ عمر خيرالله

يتعرض الإنسان الموجود في دولة بها حرب إلى آثار عدة سواء كانت في الجانب الصحي أو النفسي أو الإقتصادي.

فمن الجانب الصحي تُسبب الحروب إصابات جسدية بين الأفراد مدنيين كانوا أم عسكريين، والتي تكون نتيجتها إما إعاقة أو وفاة.

وينتج عن الحروب تدمير للبنية التحتية التي تدعم الصحة العامة للمجتمع مثل: قطاعات الأنظمة الغذائية، والرعاية الطبية، والنظافة، والنقل، والاتصالات، والطاقة الكهربائية.

وبخصوص الجانب النفسي للحروب آثار نفسية عديدة على الجنود وعائلاتهم، ويظهر الجزء الأكبر من هذه الآثار بعد عودة الجنود إلى منازلهم وعائلاتهم،

ولعل أهمها هو شعور معظم الجنود أثناء ابتعادهم عن أوطانهم بالوحدة الشديدة والرغبة المُلحّة في العُزلة نتيجة لعوامل عديدة، إلّا أنّ مثل هذه الأعراض يمكن تقليصها بتواصل ذويهم معهم ومسنادتهم لهم عبر وسائل التواصل المتاحة حينها، فيما قد يواجه الجنود مرحلة جديدة من الأزمات النفسية التي قد تظهر على شكل اكتئاب، واضطرابات، وقلق، بالإضافة إلى معاناتهم من إصابات أُخرى في مناطق مختلفة من الجسم نتيجة لهذه الحروب.

ولا ننسى الأثر النفسي على أطفال الجنود أثناء غيابهم حيث تختلف ردود أفعال الأطفال حسب الفئة العمرية لكل منهم، فقد تظهر آثار غياب أحد الوالدين على شكل اضطراب وقلق، أو نوبات غضب، أو تغيرات عديدة في الحالة المزاجية، أو اختلاف في عادات الأكل، أو في حدوث حالة من عدم المبالاة لدى الطفل.

ومن الجانب الإقتصادي فتؤدي الحروب إلى خسائر وتكاليف اقتصادية كبيرة جداً تبدأ من فقدان البلاد للبنية التحتية، وعدد كبير من المباني، وخلق حالة من عدم اليقين لدى المواطنين، وارتفاع الدين العام على الدولة، بالإضافة إلى الخسائر البشرية التي تتسبب بها.

كما يُمكن أن تؤدي الحروب في كثير من الظروف إلى حدوث تضخّم اقتصادي، وهو الأمر الذي سيجعل النظام المالي يفقد ثقة المواطنين.

وغالباً ما تشهد الدول خلال الحروب ارتفاعاً سريعاً للدين العام في القطاع الحكومي؛ وذلك لأنّ الدولة تكون على استعداد للاقتراض بصورة تفوق المعتاد من أجل دعم نظامها وتعزيزه أثناء الحرب.

أيضا تُعدّ الحروب الأهلية واحدة من أكثر الأمور التي تشكل خطراً على أي دولة، فهذا النوع من الحروب يُعدّ عاملاً أساسياً في تدمير الاقتصاد، لما تشهده البلدان خلالها من تراجع في الاستثمار على الصعيدين المحلي والأجنبي، وما تواجهه من تضعضع في قطاع السياحة الداخلية.

وينتج عن الحروب حجم كبير من التكاليف المالية، وتختلف هذه التكلفة تبعاً لمدة الحرب ونوعها، ومجرياتها وما آلت إليه من نتائج، كما تختلف النفقات أيضاً تبعاً للأضرار الناجمة، حيث تؤخذ الأموال التي تُصرف في إصلاح الدمار الناجم عن الحرب في عين الاعتبار، بالإضافة إلى الخسائر البشرية التي لا يمكن تعويضها.

ولعل خطورة الحروب تكمن في تدمير الأسر التي تعد أساس المجتمعات، وهو الأمر الذي ينتج عنه خلل في النسيج الاجتماعي للدولة، بالإضافة إلى ما سلف ذكره من آثار مادية ونفسية تخلّفها على الأفراد، ينتج عن الحروب انخفاض كبير في رأس المال المادي والبشري، فبالإضافة إلى ما تتسبب به هذه الحروب من إزهاق مباشر لأرواح الأفراد هُناك دراسات -وإن كانت غير قاطعة- تشير إلى ارتباط الحروب بظواهر خطيرة أخرى مثل انتشار الفقر، وسوء التغذية، والإعاقات المختلفة، والأمراض النفسية والاجتماعية، وعدد كبير من المشكلات التي لا حصر لها.

وبالنهاية فقد أثارت الصراعات المتعددة على مر العصور اهتمام الخبراء وصنّاع القرار في العالم؛ مما دفعهم لسنِّ البرامج والقوانين والتشريعات التي تحفظ حقوق الإنسان أثناء نشوبها، فوضعوا العديد من القوانين التي تحفظ هذه الحقوق، فكان منها قانون حقوق الإنسان، وقانون اللاجئين، والقانون الأساسي، وهي القوانين التي تحظر أعمال العنف والتمييز والتعذيب، وتوضح طريقة سير النزاعات، وكيفية التعامل مع الأسرى، وحماية شعارات الصليب الأحمر، وغيرها من الأمور التي تتعلق بسير الحروب، إلّا أنّ ذلك لم يمنع انتهاك الحروب لحقوق الإنسان، وتسببها بالعديد من الآثار السلبية قريبة وبعيدة الأمد.

المصدر: وكالات