الآثار النفسية التي تخلّفها الحروب والجروح العميقة في نفوس الناجين من أهوالها

A Syrian boy looks at the fallen wall of a house which was damaged by a reported air strike in the rebel-held town of Orum al-Kubra, in the northern Syrian province of Aleppo, on January 5, 2019. - Airstrikes by Syrian regime ally Russia hit the west of Aleppo province late on January 4, the first such raids in the area since a deal between Moscow and rebel backer Ankara to stave off a massive regime offensive on the wider Idlib region in September 2018. (Photo by Aaref WATAD / AFP) (Photo credit should read AAREF WATAD/AFP/Getty Images)

بقلم/ آمال محمد

حفل التاريخ البشري بمختلف أنواع الحروب والصراعات والنزاعات، وتكاد لا توجد دولة في العالم إلا وقد عانت من ويلات الحرب، وظروفها الصعبة، وآثارها الكارثية في كلِّ المجالات، وفي جميع الأصعدة من بيئة وعمران وبُنى تحتية واقتصاد وغيرها، ولا تتوقف آثار الحرب هنا؛ بل تمتدُّ لتطال السكان وتصل إلى نفوسهم وأجسادهم وأرواحهم، فتترك جروحاً وآلاماً وذكرياتٍ سيئةً ترافقهم مدى الحياة، وطبعاً، سيكون هذا الأثر أكبر وأخطر في نفوس الأطفال الصغار وقلوبهم الضعيفة.

تتواصل الحروب ويتواصل معها أعداد اللاجئين والنازحين فضلاً عن الدمار والآثار الاقتصادية العنيفة، بالإضافة إلى تداعيات خطيرة على الصحة النفسية لمَن عايشوا الويلات وسط المعارك الضارية.

وتترك الحروب جروحاً عميقة في نفوس وأجساد وأرواح من كافحوا للنجاة من أهوالها، ويصنف استرجاع أصوات القنابل والصواريخ وصور أشلاء الجثث المتناثرة في مخيلة الكبار والصغار من أقوى الصدمات، التي لها تبعات نفسية قاسية، تنغص تفاصيل الحياة اليومية، وتُطاردهم في أوقات النوم ليلاً.

فالحرب هي نزاع مسلح بين طرفين أو عدة أطراف وقد تنشأ بين دول أو جماعات ضمن دولة واحدة. إذا هي اعتداء مسلح يينتهي عندما يستسلم أحد الأطراف او عندما تنفذ ذخيرته أو يخسر عتاده وجيشه.

ويعيش الأطفال بسبب الحروب ظروفا اقل ما توصف به انها قاسية وصعبة حيث التجارب التي يمرون بها خلال هذه الفترة من حياتهم تفوق بدرجات كبيرة قدرة هذا الطفل الصغير على التحمل، فالحروب تلحق الدمار والخراب بكل شئ من حولها والأطفال ما هم غلا وقودها وأول ضحاياها ناهيك عن الأذى الذي سيصيبهم من جرائها والذي سيرافقهم مدى حياتهم.

وفي حين ان الأذى الجسدي هو ما يلاحظ أولا بشكل أكبر وغالبا ما يعالج مباشرة، إلا أن في حالة الأذى النفسي والذي لا يقل خطرا عن الأذى الجسدي نجد إهمالا كبيرا. فقد أشارت إحصاءات الأمم المتحدة أن هناك مليار طفل يعيشون في مناطق حروب وصراعات وأن 300 مليون منهم دون سن الخامسة.

ولقد ذكرت مجلة الصحة العقلية والنفسية الأميركية أن 22 في المئة من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الصراعات المسلحة يعانون من الاكتئاب والقلق و”اضطراب ما بعد الصدمة” و”الاضطراب ثنائي القطب” و”انفصام الشخصية”، وأن نحو 9 في المئة من سكان البلدان التي تشهد صراعات عنيفة يعانون من اضطرابات صحية عقلية ونفسية شديدة.

وتتعدد طرق علاج اضطراب ما بعد الصدمة على النحو التالي:

العلاج النفسي حيث كل العلاجات النفسية تركز على الحادث الذي سبّب الأعراض، وهي تساعد المريض على فهم ما حدث وتدعم الدماغ للتعامل مع هذه الذكريات المؤلمة وتخطيها والعيش بصورة طبيعية.

العلاج السلوكي الإدراكي حيث يساعد هذا العلاج المريض على التفكير بطريقة مختلفة والسيطرة على المشاعر السلبية. وعادة ما يتضمن هذا العلاج بعض تمارين الاسترخاء.

العلاج الجماعي ويعتمد هذا العلاج على جلسات تشمل لقاءات مع مجموعة من الأشخاص الذين مروا بتجارب مشابهة، ليسهل عليهم الحديث عن المآسي التي مروا بها.

ثم العلاج الدوائي حيث تحد مضادات الاكتئاب من قوة الاضطراب النفسي للتحكم في مشاعر القلق والتوتر والتخلص من الكوابيس والمساعدة على النوم، علماً أنه لا يتم إعطاء هذه الأدوية إلا بوصفة طبية.

ومع انتهاء الحرب تنفتح أبواب جحيم آخر يعيشه الناجون من الموت بسبب الجروح العميقة في نفوسهم وأجسادهم وأرواحهم التي لا يمكن التخلص منها بسهولة ولا ننسى أن الاكتئاب والقلق يزيدان مع تقدم العمر في البلدان التي تشهد صراعات ولذلك يجب التعامل مع الأمراض النفسية من البداية وملاحظتها وعدم التغاضي عنها لبناء مجتمع صحي سلمي خال من اي امراض أو مشاكل نفسية.

موقع إعلام العرب