الآلاف من نازحي إدلب يحاولون دخول تركيا ويطالبونها بالتدخّل لوقف هجمات النظام

دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد ووكالات: خرج آلاف السوريين في مظاهرات غاضبة إثر سلسلة من الأزمات الإنسانية التي يعانونها في ظل الهجوم الظالم لقوات النظامين السوري والروسي وغاراتهما التي تستهدف المدنيين والمؤسسات المدنية والإنسانية وخصوصاً المستشفيات في إدلب وحماة ومحيطهما في ظل التعثر في إيجاد حل لوقف العمليات العسكرية في إدلب، وبروز خلافات بين اللاعبين الكبار في المسألة السورية، روسيا وتركيا، ليدق ذلك ناقوس الخطر من موجة نزوح هي الأضخم إلى أوروبا، عبر عنه آلاف السوريين بمظاهرات غاضبة حاولت كسر الحدود، وفتح معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا شمال إدلب.

وعلى أثر ذلك أغلقت السلطات التركية أمس معبر باب الهوى على الحدود مع سوريا، ومنعت آلاف المدنيين الغاضبين من كسر المعابر، بعدما تجمهروا في مظاهرات حاشدة، بهدف تشكيل ضغط شعبي على أنقرة، من أجل التدخل وإيقاف العمليات العسكرية في ادلب شمال غربي سوريا، كون تركيا هي أحد أضلع أستانة الثلاثي، معتبرين أنها مضطرة لإيقاف الهجمات العسكرية أو فتح حدودها أمام المدنيين للخروج إلى أراضيها وتشكيل موجة نزوح جديدة تهدد أوروبا.
وقال أحمد الجدعان، أحد الشبان المشاركين في المظاهرات لـ«القدس العربي»، إن مثقفي ادلب وحماة، دعوا مسبقاً ونظموا خروج هذه التظاهرات باتجاه الحدود السورية – التركية، هرباً من القصف المتصاعد، وهجمات سلاح الجو السوري والروسي وتقدم قوات النظام التي انتزعت السيطرة على 8 مواقع خلال الأربع والعشرين ساعة الفائتة في ريف ادلب.
المرصد السوري لحقوق الانسان قال إن آلاف المتظاهرين يواصلون تدفقهم نحو معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وأن أحد عناصر الجندرمة أصاب أحد المتظاهرين، مضيفاً «لا يزال الآلاف من المواطنين يواصلون زحفهم تجاه معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا شمال إدلب على الحدود السورية – التركية عند لواء إسكندرون، ومعبر أطمة شمال إدلب. وفي سياق ذلك رصد المرصد السوري إصابة أحد المتظاهرين برصاص قوات الجندرمة التركية جراء استهداف المتظاهرين بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع مجدداً بعد وصول أعداد المتظاهرين لما يقارب الـ10 آلاف متظاهر عند البوابة الحدودية التركية باب الهوى، حيث يردد المتظاهرون شعارات ضد الجيش التركي وهتفوا «نطالب بوقف القصف للعودة إلى مناطقنا أو فتح الحدود التركية أمامنا».
ونشر المرصد السوري شريطاً مصوراً لمظاهرة حاشدة لما يقارب الـ 5000 مواطن توجهت إلى المعبر الحدودي باب الهوى على الحدود السورية – التركية شمال إدلب لمطالبة الأتراك إما التدخل لوقف الأعمال القتالية بريفي إدلب وحماة، أو السماح لهم بالعبور نحو الأراضي التركية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، إن تركيا ليست لديها أطماع في أي شبر من أراضي أي دولة أخرى، لكنها في الوقت نفسه لا تتهاون في حماية نفسها من تهديدات وأطماع الآخرين.
جاء ذلك في كلمة الجمعة، خلال حفل استقبال في المجمع الرئاسي بأنقرة، بمناسبة «عيد النصر» الموافق 30 أغسطس/آب من كل عام.
وأضاف أردوغان: «لكننا في الوقت نفسه، لا نبدي أي تهاون حيال أطماع الآخرين في أراضينا، والأيادي التي تمتد إلى حقوقنا السيادية، والتهديدات إزاء استقلالنا ومستقبلنا».
وأردف: «الهدف الوحيد لنضالنا في العراق وسوريا وشرق المتوسط وكافة أرجاء منطقتنا، هو الدفاع عن حقوق الجمهورية التركية إلى جانب ضمان أمن الشعوب الصديقة والشقيقة».
وتابع: «ذلك لأنه لا يمكننا أن ننعم بالطمأنينة هنا، إذا كانت حياة ومنازل ملايين الناس خلف حدودنا في خطر».
وأكد أن الأمة التركية ليست أمة تدير ظهرها لأصدقائها وأشقائها بينما هم محاطون بالنيران.
وفي هذا الإطار قال الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي لـ«القدس العربي» إن الأهالي ينظرون بحالة من عدم الثقة إلى وجود القوات التركية في سوريا، لعدم قدرتها على تأدية دورها الحيوي كضامن في حماية المنطقة من الخروقات والتصعيد، فقد وضعت نفسها بموازاة قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه الأقل منها قوة وقدرة. واعتبر أن لهذا الأمر تداعيات سلبية قد لا تدركها تركيا الآن، لكن إن لم تعالج هذا الواقع سوف تواجهها لاحقاً.
بينما أعرب الخبير السياسي لدى مركز عمران للدراسات منير الفقير لـ«القدس العربي» عن اعتقاده بأن الحراك الشعبي يساعد تركيا في تحريك أدواتها السياسية من حيث إخبار الشركاء الدوليين أن ملف اللاجئين السوريين في تركيا هو ملف ضاغط لا يمكن تجاوزه كما أنه لا يمكن حسم موضوع ادلب لصالح النظام أو صالح روسيا، وخارج إطار الحل السياسي.
من جهة أخرى قلل قيادي في المعارضة السورية من أهمية اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب والذي أعلنته وزارة الدفاع الروسية من جهة واحدة، والمقرر أن يسري اعتباراً من اليوم السبت في ريفي إدلب وحماة حسب وكالة د ب أ الألمانية. وأكد القيادي – في تصريح شريطة عدم ذكر اسمه، أن «روسيا هي التي فرضت الهدنة على القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة، حتى تتمكن القوات الحكومية من نقل السلاح الثقيل وإرسال تعزيزات عسكرية أخرى إلى جبهات ريف إدلب وحماة «. وكشف القيادي «لن تلتزم القوات الحكومية بوقف إطلاق النار بل تريد السيطرة على طريق حماة إدلب، وإلا فإنها سوف تستأنف القصف على مناطق سيطرة فصائل المعارضة».
وكان الجيش الروسي أعلن أمس الجمعة أن الجيش السوري سيوقف إطلاق النار من جانب واحد في منطقة التصعيد في إدلب اعتبارًا من اليوم السبت 31 آب/ أغسطس الجاري. وقال مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا: «من أجل تحقيق استقرار الوضع، توصل المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة، إلى اتفاق من جانب واحد من قبل قوات الحكومة السورية لوقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب من الساعة السادسة من صباح يوم 31 آب/ أغسطس 2019».
تزامناً قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حسب الأناضول، إن التطورات في منطقة خفض التصعيد بإدلب شمالي سوريا، ليست على النحو الذي نرغب فيه. جاء ذلك في تصريح للصحافيين، الجمعة، في العاصمة أنقرة. وأشار أردوغان، إلى أن عددا كبيرا من الناس قتلوا في إدلب جراء الهجمات، وأن هناك هجرة من منطقة إدلب نحو تركيا.
تزامناً حذّر وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أمس، من كارثة إنسانية في منطقة إدلب، شمالي سوريا، حال واصل النظام السوري هجماته عليها. جاء ذلك في كلمة خلال اجتماع بالمعهد النرويجي للعلاقات الدولية في العاصمة أوسلو.

المصدر: القدس العربي