الأرجنتين الفائزة بمونديال قطر 2022 يعاني اقتصادها أزمة عميقة.. إليك أبرز مؤشراتها

تمكن منتخب الأرجنتين بقيادة أسطورته الرياضية الجديدة ليونيل ميسي من تحقيق حلم الفوز مجددا بكأس العالم لكرة القدم في قطر لعام 2022 للمرة الأولى منذ 36 عاما على فوزه بالبطولة الثانية من هذا النوع.

لكن اقتصادها المتفائل بجني ثمار الفوز لا تزال مؤشراته من بين الأضعف عالمياً ولا تبشر بالخير، لا سيما بعدما تفاقمت أزمتها المالية والمعيشية نتيجة تزايد تكاليف الغذاء والوقود العالمية.

والبلد الذي يشهد احتجاجات شاجبة للتدهور المعيشي يعيش في الفقر نحو 40% من سكانه البالغ عددهم 45 مليون نسمة، ويعاني أيضا من جفاف يهدد بخفض صادرات المحاصيل في العام المقبل.

فماذا عن أبرز مؤشرات هذا البلد الأميركي الجنوبي؟
الأجور والعملة

يبلغ متوسط الأجر في الأرجنتين حالياً 66 ألفاً و500 بيزو، بما يعادل 383 دولاراً وفقاً لسعر الصرف الرسمي الذي سجل 173.64 بيزو للدولار، اليوم الإثنين، الواقع فيه 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري، صعودا من 102.69 بيزو سجلها في مطلع سنة 2022.

هذا في السوق الرسمية المعتمدة لدى بنك الأرجنتين المركزي، لكن الوضع مختلف تماماً في السوق السوداء، كما هي الحال في غالبية الدول المضطربة اقتصادياً ومالياً ونقدياً.

فقد تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء 200 بيزو في مطلع العام الجاري، ليتجاوز حالياً 319 بيزو، فيما تآكلت الاحتياطيات السائلة لدرجة أنها كانت سلبية في بداية عام 2022.
التضخم وغلاء الأسعار

غلاء الأسعار من الأزمات المزمنة في الأرجنتين التي يتخطى معدّل تضخمها 10% منذ عقود، إلى أن بيّن مؤشر الأسعار لنوفمبر/تشرين الثاني ارتفاعاً بنحو 6%، بما يشير إلى أن التضخم السنوي الذي بلغت نسبته 88% لا يشهد تباطؤاً، وفقاً لبيانات “المعهد الوطني الأرجنتيني للإحصاء والتعداد”.

ومعدل التضخم هذا هو الأعلى في 3 عقود، وتشير التوقعات إلى تسجيله مستويات من 3 أرقام عام 2023، بما يجعله واحداً من أعلى المعدلات في العالم.
أزمة الديون

البلد عالق في دوامة اقتصادية منذ سنوات طويله أعجزته عن سداد ديونه الخارجية 9 مرات، كانت أولاها عام 1827 وأحدثها عام 2022.

حالياً، تقدّر قيمة ديون الأرجنتين بأكثر من 150 مليار دولار، وقد كانت تتفاوض في مطلع عام 2022 مع صندوق النقد الدولي على منحها مزيداً من الوقت لسداد أكثر من 40 مليار دولار مستحقة من برنامج المساعدة الاقتصادية الأخير الممنوح لها عام 2018.

في المقابل، يطالبها الصندوق بإصلاحات عدة، أبرزها خفض دعم الطاقة الذي أنفقت عليه 11 مليار دولار عام 2021.
الأرجنتين وصندوق النقد

وقد سجل مسار الأرجنتين مع صندوق النقد خلال 66 عاماً 21 خطاً ائتمانياً، ومن أبرز محطات هذا المسار 6 علامات فارقة كان لها تأثيرها على اقتصاد البلاد:

1956 – أصبحت الأرجنتين عضوا في صندوق النقد، لكن طلبها للحصول على مساعدة مالية فورية رُفض. ووقعت أول صفقة احتياطية بعد ذلك بعامين.

1976 – أدى انقلاب يميني إلى تثبيت ديكتاتورية عسكرية ووصل الدين الخارجي للبلاد إلى 46 مليار دولار.

1982 – مع عودة البلاد إلى الديمقراطية، انضمت الأرجنتين إلى 26 دولة أخرى، بما في ذلك 16 دولة في أميركا اللاتينية، لإعادة جدولة ديونها مع المصارف الخاصة.

1992 – وقعت الأرجنتين أول برنامج تسهيل تمويل ممتد مع صندوق النقد بعد إدخال نظام العملة الذي يربط البيزو الأرجنتيني بالدولار الأميركي.

2005 – سددت الحكومة ذات الميول اليسارية جميع ديونها البالغة 9.8 مليارات دولار للصندوق دفعة واحدة، حتى تتمكن من قطع العلاقات معه.

2018 – حصلت البلاد على أكبر خطة إنقاذ في تاريخ صندوق النقد بقيمة 57 مليار دولار. لكن الاتفاق انهار بعدما أدت المساعدة إلى تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج.

ماذا بعد الفوز بمونديال قطر 2022

ثمة توقعات بإضافة ربع نقطة مئوية إلى النمو في الربعين التاليين للفوز، وفقاً لما نقلته شبكة “بلومبيرغ” الأميركية عن ورقة بحثية تناولت ما ستجنيه الأرجنتين من منافع اقتصادية بعد فوزها على فرنسا في ختام مونديال قطر 2022.

الورقة أعدها الخبير الاقتصادي في جامعة “سيري” البريطانية ماركو ميلو وانتهت إلى أن بطل العالم لكرة القدم يتمتع غالبا بنسبة 0.25% إضافية من النمو الاقتصادي في الرُبعين التاليين لتتويجه في البطولة.

وهذا يرجع برأيه أساسا إلى زيادة متوقعة في الصادرات، حيث أظهر البحث قفزة كبيرة في مبيعات البرازيل الخارجية بعد فوزها بكأس العالم سنة 2002.

وتستهدف الأرجنتين الوصول إلى توازن أولي في موازنتها بحلول 2025، أي توازن النفقات والإيرادت من دون احتساب مدفوعات فوائد الديون.

كما أظهرت دراسات سابقة أن الفوز بكأس العالم يمكن أن يعزز النمو، بحيث يؤدي بلوغ ربع النهائي إلى زيادة الصادرات وتنويع التجارة، وفقا لورقة بحثية صدرت عام 2014، وهذه قد تكون أخباراً جيدة للمغرب الذي بلغ نصف النهائي هذا العام، وبدرجة أقل كرواتيا، ودائماً بحسب “بلومبيرغ”.

نجح ميسي وفريقه في تسجيل أهداف حاسمة في مرمى الخصوم طوال البطولة وفازوا بكأس العالم، فهل تنجح السلطات الأرجنتينية في تحقيق أهداف التوازن المالي والعودة إلى مسار انتعاش تفتقده منذ سنوات طويلة؟

المصدر: العربي الجديد