السودانيون في محطة النزوح الأخير وعينهم على لقاء الجنرالين

لم يجد آلاف النازحين في مدينة ود مدني سوى الفرار من ويلات الحرب، قاصدين وجهات جديدة عقب اجتياح قوات “الدعم السريع” ولاية الجزيرة، إذ بدأت موجة نزوح وهجرة قسرية في ظل ظروف صعبة بخاصة بعد نفاد المدخرات المالية.

واضطر المئات لمغادرة عاصمة الإقليم والمناطق المتاخمة سيراً على الأقدام بحثاً عن ولايات آمنة، في حين أطلق آخرون مناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي طلباً للمساعدة في إجلاء المرضى والمعوقين وكذلك الأطفال وكبار السن من ود مدني والقرى المجاورة إلى مناطق لم تطلها المعارك الحربية.

هواجس ومخاوف

ويخشى آلاف النازحين من تمدد رقعة الحرب إلى مدن جديدة حال فشل جهود حل الأزمة عبر الحسم العسكري أو التفاوض، إذ يقول متوكل عمر الذي كان يقيم في ود مدني “تجدد نزوحي رفقة أسرتي للمرة الثانية إلى ولاية سنار، لكنني وجدت نفسي في مركز إيواء لا يصلح للسكن، خصوصاً مع تزايد موجات البرد وانتشار الالتهابات الرئوية وسط الأطفال والكبار، فضلاً عن انعدام الرعاية الصحية”.

وأضاف عمر “نأمل في أن تكون هذه محطتنا الأخيرة في رحلة النزوح ولا نضطر إلى البحث عن مدينة أخرى، ونتضرع بالدعاء لكي يتوقف الصراع المسلح ولا يتمدد وينتقل إلى رقعة جغرافية جديدة، لأن المواطن هو من يدفع الثمن كل مرة”.

وتابع المتحدث أن “الغالبية تفتقد المواد الغذائية والمعينات الصحية والملابس الشتوية والأغطية، وكذلك المراتب نظراً لصعوبة ترحيل معظم معينات السكن من مدينة ود مدني في ظل غياب وسائل النقل وأخطار الانتظار لحظة هجوم قوات الدعم السريع”.

قلق وترقب

عبدالناصر فضل، وهو أحد ساكني الخرطوم بحري، أشار إلى أنهم “نزحوا لولاية الجزيرة عقب اندلاع الصراع المسلح، وخلال فترة امتدت ثمانية أشهر عشنا استقراراً نفسياً واجتماعياً في مراكز الإيواء، فضلاً عن دخول سوق العمل وبداية حياة جديدة، لكن دخول قوات الدعم السريع لمدينة ود مدني أربك حساباتنا من جديد ووضعنا أمام أزمة معقدة”.

ولفت فضل إلى أن “كل المدن ستظل محل استهداف لن يزول إلا بتوقف الحرب، وبالتالي نخشي من تمدد رقعة الاقتتال وانتقال المعارك إلى مناطق جديدة”.

وواصل القول “نعيش حالاً من القلق والترقب في انتظار مساعي حل الأزمة السودانية، ونأمل في أن ينجح لقاء قائد الجيش عبدالفتاح البرهان مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب حتى نعود لديارنا”.

أخطار النزوح

واعتبر الرشيد تميم أن “النزوح داخل ولاية الجزيرة يقود لأخطار كبيرة نظراً لتوغل قوات الدعم السريع في عدد كبير من المناطق، ولذلك قررت الاتجاه رفقة أسرتي إلى ولاية كسلا شرق البلاد بغرض الاستقرار هناك بعيداً من أحداث العنف والقتال”.

وأضاف تميم أن “هناك اهتماماً بالنازحين من خلال تهيئة مدارس وداخليات استوعبت أعداداً كبيرة، فضلاً عن وجود خدمات تقدمها بعض المنظمات الإنسانية ومنها الغذاء والدواء”.

ونوه تميم إلى أنه “ظل يعتمد على مدخراته المالية طوال الأشهر الماضية ولكنها نفدت، والآن يعيش على المساعدات المالية التي يرسلها إليه شقيقه من السعودية من أجل تدبير حاجات عائلته”.

الحاجة إلى الغذاء

اختارت فضيلة عمر مدينة القضارف شرق البلاد للهرب من جحيم الاشتباكات في ولاية الجزيرة، واستقرت مع مجموعة من النازحين في داخلية طلاب في انتظار الفرج.

وتقول عمر بكلمات يائسة وعين دامعة إنها “نجت بأعجوبة مع أطفالها من موت محقق في مدينة ود مدني، واضطرت إلى قطع مسافة طويلة سيراً على الأقدام ومن ثم استغلت مركبة حتى وصلت إلى القضارف”.

وأضافت عمر أنهم “في حاجة ماسة إلى المواد الغذائية، فنحن لم نأكل شيئاً منذ يومين، وبالنسبة إلى الكهرباء والمياه النظيفة فهي كماليات بالنسبة إلينا في الوقت الحالي”.

وتابعت أن “استمرار الحرب سيفاقم أوضاع النازحين بصورة كبيرة، ونأمل في أن تنجح خطوات السلام ويتوقف القتال حتى نعود لمنازلنا”.

المصدر: اندبندنت عربية