الصومال يواصل حربه على الإرهاب… ويتهم «الشباب» بـ«تشريد المدنيين»

أعلن الجيش الصومالي عن مكاسب كبيرة خلال عملية عسكرية يخوضها في مواجهة حركة «الشباب» المتطرفة، وسط تقارير تبرز دوراً مهماً تلعبه العشائر الصومالية، المعروفة باسم «ماكاويسلي»، خلال هذه المواجهة.
ويتهم الجيش الصومالي مقاتلي «الشباب» بتبني «استراتيجية» قائمة على منع السكان من التعاون مع قواته في مواجهتهم، وذلك عبر قتل وتهديد قيادات عشائرية وتهجير المدنيين عمداً من القرى والبلدات التي استولوا عليها قبل أن تتمكن القوات الحكومية من استعادتها.
ومنذ يوليو (تموز) الماضي، يشنّ الجيش ومسلحون عشائريون عمليات عسكرية ضد «الشباب»، وأعلنت السلطات استعادة السيطرة على مناطق كثيرة ومقتل مئات من مسلحي الحركة.
وأعلن الجيش الصومالي، أمس (السبت)، استعادته قرية دار نعيم، التي كانت قاعدة استراتيجية لـ«الشباب». وقالت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية (صونا)، أمس، أن «قوات الجيش الوطني قتلت نحو 50 إرهابياً، في عملية عسكرية مخططة».
كما قال مسؤولون إن عملية عسكرية أدت إلى مقتل 79 مسلحاً من «الشباب»، بينهم القيادي البارز في الحركة يوسف جنكاب، في عملية أمنية في منطقة جوحاي بإقليم شبيلي، وسط البلاد.
وقالت وزارة الإعلام، في بيان، أمس، إن الهجوم نفّذه الجيش بالتعاون مع «الشركاء الدوليين». يأتي ذلك فيما أعلنت قوات الحكومة الصومالية الأسبوع الماضي أنها بمساعدة الميليشيات العشائرية، سيطرت على منطقة جديدة في إقليم شبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي، وأن القوات تمكنت من الدخول إلى منطقة «الكوثر» في الإقليم، التي تجتمع فيها عناصر «حركة الشباب».
وتعهد قائد الجيش الصومالي، أودوا يوسف راغي، باستمرار العمليات العسكرية حتى يتم إجبار الحركة على الخروج من إقليم شبيلي الوسطى بأكمله.
وفي تصريحات، نقلها موقع «فويس أوف أميركا»، قال مسؤولون منخرطون في العملية العسكرية إنهم لدى وصولهم بعض المدن والقرى التي تم انتزاع السيطرة عليها، وجدوها فارغة من السكان بأوامر من «حركة الشباب» التي تقوم أيضاً بخطف بعض أفراد من العائلات، عقاباً لهم على انضمام بعض أفرادهم إلى قوات العشائر وقوات الجيش الصومالي.
ورأى الخبير في الشؤون الأفريقية، صلاح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن العملية العسكرية الحالية ضد «الشباب» حققت اختراقات حاسمة، حيث استسلم عدد كبير من قيادات الحركة، وعقدت معهم الحكومة حواراً معهم، استقت خلاله معلومات حاسمة استراتيجياً للقضاء على نفوذ الجماعة.
وبحسب خليل، «شكّل التقارب مع زعماء العشائر الكارهين لـ(حركة الشباب) بسبب (الجزية) التي كانوا يفرضونها عليهم والضرائب والتنافس معهم في النشاط التجاري، ضربات مهمة للحركة ومصادر تمويلها واقتصادياتها». وأضاف خليل أن «القوات العشائرية خبرات ميدانية قتالية مهمة وحاسمة في هذه المعارك، بسبب معرفتهم الكبيرة بعناصر الحركة وتداخلهم السابق معها في كثير من الأنشطة». ويرى خليل أن تلك الإخلاءات تعد «تكتيكاً مؤقتاً للانسحاب وإعادة التموضع»، كما أن الحركة تحاول بذلك منع متطوعين من الانضمام إلى قوات الجيش.
ويتوقع خليل أنه في ظل الهزائم التي تتعرض لها حركة الشباب الآن، فإنها قد تعمد إلى شنّ هجمات انتحارية في وسط الصومال وفي الخارج بدول الجوار، مثل تنزانيا وكينيا، وكذلك في موزمبيق، بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية الأخرى المؤيدة لها، بهدف «ردّ الاعتبار وعدم الظهور كطرف مهزوم».
ورأى رامي زهدي، الخبير في الشؤون الأفريقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تشكيل الحكومة الصومالية الذي تأخر لسنوات، وزيادة دعمها لـ«ميليشيات العشائر المحلية»، يمثل عوامل مهمة في بلورة انتفاضة قوية ضد «حركة الشباب»، مشيراً إلى «ما يتحقق من انتصارات ومكاسب على الأرض، يعود لخلافات وانشقاقات داخل الحركة». وقال زهدي إن «هناك نجاحات تحققها العملية الحالية، لكنها لا تزال في (مرحلة الكر والفر)، فالجماعة رغم انسحابها من مناطق في الوسط والشرق تحقق تقدماً في الجنوب».
وأشار زهدي إلى أن الحركة «ستعتمد على أساليب الترهيب للقبائل وزعمائها، من خلال عقوبات قاسية على أفراد وقيادات قبلية يسكنون في مناطق نفوذها، للحد من انضمام الأفراد والعشائر إلى قوات الحكومة المركزية».

المصدر: الشرق الأوسط