العلم يكشف 5 أسرار عن توت عنخ آمون

وُلد الفرعون الذهبي توت عنخ آمون نحو عام 1305 قبل الميلاد، وحكم مصر لمدة عشر سنوات فقط، ومع ذلك، كانت مقبرته تحتوي على ثروات لم يسبق لها مثيل.

ومنذ مائة عام، قادت الصدفة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى اكتشاف هذه المقبرة، والتي ارتبط اكتشافها بشائعات وفاة مكتشفيها بما يسمى «لعنة الفراعنة»، ولكن هذه الفزاعة لم تمنع علماء من سبر أغوار مومياء الملك الشاب ومقبرته، ليخرجوا بخمسة أسرار مهمة.

أول تلك الأسرار يتعلق بحالته الصحية قبل الوفاة، حيث أظهرت الدراسات التي أجريت باستخدام الأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب واختبار الحمض النووي، في الآونة الأخيرة، أن الملك الشاب كان مصاباً بالملاريا، إلى جانب بعض الحالات الطبية الأخرى مثل الحنك المشقوق، كما كسرت ساقه قبل وفاته بقليل، وهذه المعلومات من شأنها أن تساعد في تكوين صورة عن صحة توت عنخ آمون قبل وفاته، لكنها لا تخبر بالضبط كيف مات.

وتقول جينيفر ميتكالف، الباحثة في علم المصريات الطبية الحيوية بجامعة مانشستر البريطانية، في مقالة نشرتها الخميس بموقع «ذا كونفرسيشن»: «من الصعب معرفة سبب وفاة شخص عاش منذ زمن طويل، وتوت عنخ آمون ليس استثناءً، وقد عاش الناس في مصر القديمة حياة أقصر لأنهم لم يكن لديهم نفس الرعاية الصحية التي نتمتع بها، لكن توت عنخ آمون توفي عن عمر يناهز 19 عاماً، وهو ما كان صغيراً حتى بالنسبة لمصر القديمة».

ومن الأسرار الأخرى التي كشفت عنها تلك المومياء الشهيرة، هو أن الملك توت عنخ آمون، ربما توفي في الشتاء وتم دفنه ما بين شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، وقادت إلى هذه النتيجة الزهور التي طوقت عنق المومياء.

وتقول ميتكالف: «تظهر الدراسات التي أجريت على الأزهار المستخدمة في الطوق أن توت عنخ آمون دفن بين منتصف مارس وأواخر أبريل، ولأن تحضير جسده للدفن يستغرق 70 يوماً». خلص الباحثون إلى أن «توت عنخ آمون مات على الأرجح في فصل الشتاء».

وبحسب ميتكالف فإن العثور على باقات من الزهور تطوق عنق مومياء ليس جديداً، لكن مقبرة توت عنخ آمون، هي الدفن الملكي الوحيد حيث تم العثور على جميع الزهور تماماً كما تركها المعزون المصريون القدماء.

وعلى عكس ما كان يعتقد، وهو أن توت عنخ آمون قد تم تحنيطه بسرعة وبطريقة سيئة. تقول الباحثة في علم المصريات الطبية الحيوية، إن أحدث فحوصات التصوير المقطعي المحوسب أظهرت كفاءة في تحنيطه، ظهرت في تغليف الوجه حيث يستغرق وقتاً ومهارة.

ومن الأشياء التي لا يعرفها كثيرون، أن توت عنخ آمون لم يكن الشخص الوحيد المدفون في مقبرته، وتم العثور على نعشين صغيرين في صندوق خشبي في خزانة المقبرة.

وأظهرت دراسة نُشرت في عام 2011 أن هذه التوابيت تحتوي على جنينين، وكان أحدهما متوفى في عمر خمسة إلى ستة أشهر من الحمل، والآخر كان نحو تسعة أشهر، ومات في وقت الولادة أو حوله، ومن المرجح أنهما بنتا توت عنخ آمون وزوجته عنخسين آمون، وأنهما توفيتا قبل والدهما.

وتقول ميتكالف: «من النادر العثور على جنين محنط، وقام المصريون القدماء بتحنيط بعض الأطفال ولكن حتى هذا كان غير شائع، ومن الواضح أن فقدان أطفاله كان مهماً جداً لتوت عنخ آمون، لذلك أرادهم معه في الحياة الآخرة».

ومن المحتمل أن يكون توت عنخ آمون أكثر المومياوات دراسة في العالم، وأظهرت أحدث الدراسات التي أجريت على المومياء باستخدام الأشعة المقطعية المتطورة أن جسده لم يعد سليماً أو حتى مكتملاً.

وتوضح ميتكالف أن الدراسة الأولى تمت في عام 1925، بعد وقت قصير من اكتشاف المقبرة، ولحرص أصحاب الدراسة على رؤية توت عنخ آمون نفسه، قاموا بإزالته بالقوة من نعشه لأنه كان عالقاً به بالراتنج (الصمغ)، وأدت المعاملة القاسية إلى فصل أطرافه ورأسه عن جذعه.

وتوت عنخ آمون هو المومياء الملكية الوحيدة التي بقيت في مقبرته بمصر، وفي مرحلة ما، ربما خلال الحرب العالمية الثانية، دخل مقبرته مرة أخرى شخص أو أشخاص مجهولون، وتم قطع وإزالة بعض ضلوع توت عنخ آمون أثناء البحث عن التمائم أو المجوهرات، كما تقول ميتكالف.

وتضيف: «لقد ساعدنا العلم في فهم المزيد عن صحة وحياة توت عنخ آمون واستعداده للحياة الآخرة، وإرثه ليس مجرد دراسة لحياته الشخصية. إنه سجل يوضح كيف يغذي العلم انبهارنا بالملك الصبي».

المصدر: الشرق الأوسط