الكينيون ينتخبون رئيسهم من خارج الـ«كيكويو»… تنافس حاد بين زعيم المعارضة ونائب الرئيس المنتهية ولايته

يواصل مواطنو كينيا، حتى مساء اليوم (الثلاثاء)، التوافد على مكاتب الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلاد، بدلاً من الرئيس الحالي أوهورو كينياتا الذي أكمل فترة ولايته، فضلاً عن انتخاب نواب ومسؤولين محليين، بحماية 150 ألف عنصر أمن يؤمنون مراكز الاقتراع.
وتأتي الانتخابات وسط ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والديون الحكومية الضخمة والبطالة المرتفعة.
ويحتدم التنافس بين المرشحين البارزين في السباق الرئاسي، وهما رايلا أودينغا (77 عاماً) المعارض المخضرم الذي بات يحظى بدعم النظام بعد تحالفه المفاجئ مع الرئيس سنة 2018، وويليام روتو (55 عاماً)، نائب الرئيس الحالي.
وأياً تكن النتيجة، سيسطّر الرئيس الجديد سابقة في تاريخ البلد، إذ إنه لن يكون من قومية كيكويو، كبرى القوميات الكينية التي تتحكم بزمام السلطة منذ 20 عاماً وينتمي إليها الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا، فهو لا يحق له بموجب الدستور الترشح لولاية ثالثة.
وسيكون الرئيس الجديد للبلد إما من عرقية لوو إن فاز أودينغا، وإما من عرقية كالينجين إن كان الفوز من نصيب روتو، وكلتاهما عرقية كبيرة في البلد.
و«الكيكويو» هم أكثر الجماعات العرقية انتشاراً في كينيا، ووفقاً لكتاب حقائق العالم، اعتباراً من عام 2014، وصل عددهم إلى أكثر من 9 ملايين شخص، أي نحو 22 في المائة من عدد سكان كينيا، ويعمل كثير منهم في الحكومة أو الأعمال الحرة، والبعض يمتلك مزارع كبيرة.
وأدلى المرشح الرئاسي روتو بصوته في بلدته كوزاتشيي في معقله في منطقة الوادي المتصدع الكبير، وقال بعدما تلا صلاة ووضع بطاقته في صندوق الاقتراع إلى جانب زوجته: «أتى يوم الاستحقاق»، وأردف: «أطلب من كل الناخبين الآخرين… التصويت بضمير وبحزم لاختيار النساء والرجال الذين سيدفعون البلد قدماً خلال السنوات الخمس المقبلة».
أما غريمه أودينغا، فأدلى بصوته في منتصف النهار في حي كيبيرا في نيروبي.
وإذا لم يحصل أي من الخصمين اللذين كانت تربطهما تحالفات في الماضي، على أكثر من 50 في المائة من الأصوات، ستنظم دورة ثانية من الانتخابات، في سابقة من نوعها في كينيا.
ويعيش في كينيا نحو 50 مليون نسمة، ويرى خبراء لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الاعتبارات القبلية المعتادة «قد تسقط هذه السنة في ظل الرهانات الاقتصادية الشديدة الوطأة، وعلى رأسها غلاء المعيشة».
وألقت جائحة «كوفيد – 19» التي أعقبتها الحرب في أوكرانيا، ثم موجة جفاف قياسية، بظلال ثقيلة على هذا المحرك الاقتصادي الإقليمي، الذي رغم نموه الديناميكي (7.5 في المائة في 2021) يبقى رازحاً تحت وطأة الفساد واللامساواة.
وقالت أليس ويذيرا، وهي مرشدة اجتماعية في السادسة والخمسين من العمر، أدلت بصوتها في أحد مراكز نيروبي لـوكالة الصحافة الفرنسية: «نعاني الأمرّين بسبب التضخم، ويتعذر علينا راهناً أن نعد الأوغالي، مخبوزاتنا التقليدية، بسبب نقص في دقيق الذرة في المتاجر».
وشدد المرشح ويليام روتو الذي يقدم نفسه على أنه المدافع عن مصالح «من يتدبرون أمورهم يوماً بيوم»، على نيته «خفض كلفة المعيشة»، في حين تعهد المرشح أودينغا بتحويل كينيا إلى «اقتصاد دينامي وعالمي» مؤلف من «قبيلة كبيرة» واحدة.
يُذكر أنه في 2007 – 2008 تسبب اعتراض أودينغا على النتائج باشتباكات بين الجماعات المختلفة أودت بحياة أكثر من 1100 شخص.
وفي 2017، قضى عشرات الأشخاص في قمع تظاهرات انطلقت بعد قيام أودينغا بالاعتراض مجدداً على نتائج انتخابات ألغتها المحكمة العليا في نهاية المطاف، في قرار شكل سابقة تاريخية.
وعنونت «ذي إيست أفريكن» السبت: «كينيا تصوت ومنطقة شرق أفريقيا تحبس أنفاسها».
وأقرت هذه الأسبوعية التي تحظى باحترام واسع، بأن «كينيا أحرزت تقدماً كبيراً في مسارها الديمقراطي وباتت تعد ديمقراطية ناضجة بمقتضى المعايير الدولية».
وباستثناء بعض الحوادث النادرة ووابل المعلومات المغلوطة المتدفق على وسائل التواصل الاجتماعي، جرت الحملة الانتخابية في أجواء هادئة وسط دعوات المرشحين البارزين إلى التهدئة.
ويحق لأكثر من 22 مليون مواطن كيني التصويت في هذه الانتخابات التي قد تكون فيها القضايا الاقتصادية ذات أهمية أكبر من التوترات العرقية التي ميزت الانتخابات السابقة.
ووفق شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، فإنه يجب أن يتم إعلان النتائج الرسمية في غضون أسبوع من إجراء الانتخابات، وتتعرض اللجنة المستقلة المعنية بالانتخابات والتي تعاني من نقص التمويل إلى ضغوط لضمان إجراء تصويت دون اضطرابات.
وذكرت صحيفة «ذا ستار» الكينية أنه رغم وجود مناطق شهدت عقبات وتأخيرات، فإن معظم المناطق بدأت التصويت في الوقت المحدد وبسلاسة.
ومن المرتقب أن تغلق مكاتب الاقتراع البالغ عددها نحو 46 ألفاً أبوابها عند الساعة 17,00 بالتوقيت المحلي.

المصدر: الشرق الأوسط