المحتجون يغلقون الشوارع والشرطة الإسرائيلية تستخدم القنابل الصادمة مع متظاهري تل أبيب

في أعقاب قيام آلاف من الإسرائيليين بإغلاق الشوارع الرئيسية في تل أبيب والعديد من المفارق في شتى أنحاء البلاد، اليوم (الأربعاء)، احتجاجا على خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي، هاجمتهم قوات الشرطة بمختلف أساليب القمع والتنكيل، التي لم تستخدمها في الماضي إلا ضد متظاهرين فلسطينيين. واعتقلت الشرطة العشرات واستخدمت الخيالة وخراطيم المياه، وأطلقت قنابل صوتية صادمة باتجاه المتظاهرين واعتدت عليهم بالضرب المبرح وأصابت العديد منهم، بينهم الصحافيون الذين جاءوا لتغطية الأحداث.
ورد المتظاهرون على ممارسات الشرطة بالجلوس وسط الشوارع، وتم توثيق مجموعة من أفراد الشرطة يهاجمون متظاهرا ويوقعونه أرضا، فيما وضع شرطي ركبته على رقبة المتظاهر بهدف شلّ حركته.
وأعلن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، دعمه الكامل للشرطة، واصفا المتظاهرين بـ«الفوضويين اليساريين»، وقال إنه يدعم كل خطوات الشرطة بما في ذلك استخدام وسائل تفريق الفوضويين الذين قاموا بأعمال شغب وحاولوا إغلاق شبكة الشوارع الرئيسية في تل أبيب وغيرها. وزعم بن غفير أن المتظاهرين ألقوا حجارة باتجاه قوات الشرطة، لكن مراسلي وسائل الإعلام المنتشرين في مواقع المظاهرات أكدوا أن شيئا من هذا لم يحدث.
وأعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، دعمه لبن غفير وللمفتش العام للشرطة ولأفراد الشرطة، «الذين يعملون ضد من يخرقون القانون ويعرقلون حياة مواطني إسرائيل الاعتيادية». وقال نتنياهو في أعقاب لقاء مع بن غفير: «لن نقبل عنفا ضد أفراد الشرطة وإغلاق شوارع وخرقا سافرا لقوانين الدولة»، مضيفاً: «الحق في التظاهر ليس الحق في الفوضى».
في المقابل، استنكر قادة الاحتجاج تصرفات الشرطة وقالوا إنها عملت ضدهم كما لو أنهم قوة معادية. وتوجه منظمو الاحتجاجات إلى المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، بالقول إن «الشرطة الإسرائيلية تجاوزت الحدود، اليوم، وهي تعرقل إجراء الاحتجاجات الديمقراطية»، وتعهدوا بتقديم شكوى إلى قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة (ماحاش). وطالبوا بإجراء تحقيق حول إطلاق قنابل صوتية باتجاههم ومحاسبة المسؤولين عن إطلاقها. كما هتفوا ضد قوات الشرطة بأنهم «شرطة بن غفير».
وتوجه المتظاهرون إلى النواب في الكنيست للعمل على لجم بن غفير ونتنياهو. وعلى أثر ذلك دعا رئيس المعارضة، يائير لبيد، المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، إلى «تجاهل المحاولات السياسية الخطيرة وعديمة المسؤولية من جانب بن غفير لتسخين الأوضاع أكثر ورفض تنفيذ تعليماته العدوانية». وقرر مع ورئيسة حزب العمل ترك المداولات في الهيئة العامة للكنيست (البرلمان) في القدس والانضمام إلى المتظاهرين.
وقال عضو الكنيست عوفر كسيف (الجبهة – والعربية للتغيير)، إن كتلته مع بقية نواب المعارضة قرروا مقاطعة التصويت على مشروع قانون أساس القضاء، اليوم، نيابة عن أعضاء المعارضة في لجنة الدستور، القانون والقضاء. وأضاف: «يجب التذكر، هذه فقط بداية لديكتاتورية ستعرض كل المواطنين للخطر، اليوم أسكتوا أعضاء الكنيست في اللجنة، وغدًا سيكمّمون أفواه كل المواطنين. لقد قلت سابقًا وسأواصل القول؛ إن الحل الوحيد هو عصيان مدني سلمي ضد هذه الحكومة الديكتاتورية. نحن معكم ورفاقي في الجبهة والعربية للتغيير معكم، لأنّ لا حلّ لنا أمام الدكتاتورية سوى النّضال».
وكان المحتجون قد قرروا تصعيد مظاهراتهم الاحتجاجية بتشويش حركة السير في جميع النقاط المركزية. وقالوا صراحة في بيان نُشر على موقعهم باللغة العبرية: «لن تكون إسرائيل ديكتاتورية. لقد أوضح ذلك الملايين الذين خرجوا إلى الشوارع خلال الأسابيع الثمانية الماضية، ونحن ننتقل الآن إلى العمل المباشر»، لافتين إلى أنهم سيخلون بالنظام العام «في مواجهة حكومة تسعى لتعطيل النظام الديمقراطي». وأضافوا أن عشرات الآلاف سينضمون إلى مسيرات في جميع أنحاء البلاد لوقف هذا التعطيل.
وفي تل أبيب، حيث شارك الآلاف في المظاهرة، أغلقت عدة مفترقات طرق مركزية، واخترق المتظاهرون حواجز أقامتها الشرطة في محاولة للوصول إلى شبكة شوارع «أيالون» السريعة والمركزية في إسرائيل وإغلاقها أمام حركة المرور. وبرز بينهم مجموعة من الجنود والضباط في الاحتياط الإسرائيلي الذين منعوا قطارين في محطة القطارات في جامعة تل أبيب من التحرك. كما منع متظاهرون انطلاق القطارات في محطة قطارات أخرى في تل أبيب.
وأغلق متظاهرون آخرون الطريق رقم 1 بين تل أبيب والقدس بالسلاسل والأسلاك الشائكة. وتظاهر المئات عند مجمع شركات «هايتك» جنوبي مدينة حيفا، وهنا أيضا استخدمت الشرطة القمع واعتقلت ستة متظاهرين معظمهم من العرب.
وفي بئر السبع انطلقت مسيرة احتجاجية من جامعة بن غوريون باتجاه وسط المدينة.
ولكن الحكومة واصلت من جهتها عملية التشريع للقوانين التي تثير المعارضة الواسعة، ومررت في اليوم نفسه (الأربعاء) مشروع القانون الذي قدمه رئيس الائتلاف الحكومي، عضو الكنيست أوفير كاتس، بالشراكة مع رؤساء أحزاب الائتلاف، والذي يقضي بمنع عزل رئيس الحكومة نتنياهو من منصبه.
وصوت الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون إعدام أسرى الذي صادقت عليه الأحد، اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، ويقضي بفرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين. كما واصلت لجنة الدستور في الكنيست مناقشة خطة الإصلاح في الجهاز القضائي، التي تشمل تعديلات على القانون الأساسي تضمن تقويض المحكمة العليا والحد من صلاحياتها ومنعها من التدخل في تعيين الوزراء، وتمهيد الطريق لعودة رئيس حركة شاس أرييه درعي إلى الحكومة.

المصدر: الشرق الأوسط