«الوحدة» تخلي مقرها في طرابلس خوفاً من «هجوم محتمل»

أخلت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مقرها في العاصمة طرابلس لعدة ساعات مساء أول من أمس، وذلك على خلفية تهديد بهجوم محتمل، تزامناً مع سعيها لاحتواء أزمة استقالة مفاجئة قدمها 4 من أعضاء لجنتها الرامية إلى إجراء انتخابات برلمانية بحلول الشهر المقبل.
ورصدت وسائل إعلام محلية ما وصفته بـاستنفار أمني بمحيط مقر حكومة الدبيبة في طريق السكة بالعاصمة طرابلس، مشيرة إلى أنه تم إخلائه من الموظفين بشكل كامل، بعد وصول معلومات رجحت تعرضه لهجوم، بينما التزمت الحكومة الصمت، ولم تعلق على هذه التطورات.
ورداً على استقالة 4 من أعضائها بشكل مفاجئ مساء أول من أمس، قال أشرف بلها، رئيس لجنة «عودة الأمانة للشعب» التي شكلها الدبيبة لإجراء الانتخابات البرلمانية، إنها ما زالت مستمرة في عملها بشكل طبيعي لاستكمال خطتها. وأضاف بلها في بيان بثته حكومة الدبيبة، أن اللجنة تعمل بشكل مستقل تماماً عن الحكومة، وتعكف على تنقيح مسودة القانون المقدمة، بالإضافة لتسلم كل المقترحات الأخرى، مضيفاً أن وثيقة المبادئ الحاكمة قد أوشكت على الانتهاء. كما أشاد بلها بكل أعضاء اللجنة، وسعى للتقليل من هذه الاستقالة بقوله إن اللجنة «تمثل أطيافاً مختلفة، وإدارة الاختلافات في وجهات النظر ليست سهلة».
وقدم 4 من أعضاء اللجنة استقالة جماعية في بيان مشترك إلى الدبيبة وبلها، على خلفية ما وصفوه باستمرار تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية في البلاد، وبرر الأعضاء الاستقالة بالنظر إلى ما وصفوه أيضاً بالفشل الذريع لكافة الأجسام التي مثلت السلطة في ليبيا عقب «ثورة الـ17 من فبراير (شباط)» حتى اليوم، وعجز كافة القوى السياسية لعقد من الزمان على تحقيق الاستقرار السياسي المنشود. وقالوا إن الاستقالة جاءت بمثابة «رد على سيطرة قوى انتهازية وفاسدة وشريرة داخلية وخارجية، تتربص بمشروع بناء الدولة، ولا تبالي بمعاناة الشعب».
في سياق ذلك، أعلن محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، اتفاقهما على دعم المسار الدستوري للوصول لحل نهائي للأزمة السياسية، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على أسس دستورية وقانونية صحيحة. وأكدا خلال اجتماعهما مساء أول من أمس في طرابلس، استمرار الدعم للعملية السياسية، والعمل على توحيدها لإعادة الاستقرار للبلاد، ودعم المسار الدستوري للوصول لحل نهائي للأزمة، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على أسس دستورية وقانونية صحيحة.
وكان المشري قد بحث مع محمد الحافي، رئيس المحكمة العليا للقضاء، نتائج اجتماعات القاهرة لغرض الوصول للحد الأدنى من التوافق، تمهيداً للوصول إلى الاستحقاقات الانتخابية التي يتطلع إليها الشعب الليبي على أسس دستورية وقانونية سليمة.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقرير رفعه مؤخراً إلى مجلس الأمن الدولي، الأطراف الليبية إلى استئناف المسار الانتخابي، المتوقف منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، معتبراً أنه أصبح اليوم «ضرورة سياسية أكثر من أي وقت مضى». وقال التقرير الذي بثت وكالة «الصحافة الفرنسية» مقتطفات منه: «إن المؤسسات والمسؤولين السياسيين الليبيين مطالبين باستئناف المسار الانتخابي بأسرع وقت، لما فيه مصلحة أكثر من 2.8 مليون ناخب ليبي كانوا يتطلّعون إلى اقتراع 24 ديسمبر الماضي، في انتخابات رئاسية لم تتم». مشدداً على أنه يتعيّن على الليبيين «الالتزام على نحو لا لبس فيه بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة وعادلة وشاملة، وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن، بناء على إطار دستوري وقانوني متّفق عليه»؛ داعياً «كل الأفرقاء إلى الامتناع عن أي ممارسات أحادية الجانب، من شأنها أن تفاقم الانقسامات القائمة، وأن تطلق نزاعات وتهدد التقدّم الكبير الذي تحقّق بصعوبة في السنتين الماضيتين نحو الاستقرار وتوحيد الصفوف».
كما طالب غوتيريش الليبيين بـ«تجنّب الممارسات التي تسبب اضطرابات إنتاج النفط»؛ لأنه يؤثر على الأوضاع المعيشية لكل الليبيين، والحرص على تسديد رواتب الموظفين الحكوميين «في مواعيدها وبشكل عادل في كل البلاد».
إلى ذلك، قال نيقولا أورلندو، المبعوث الإيطالي الخاص لدى ليبيا، إنه تلقى أمس ما وصفه برسالة قوية جداً من اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي التقاها على هامش ورشة عمل حول تقليص استخدام المخدرات، واعتبر في تغريدة عبر «تويتر» أن شعب ليبيا «يريد الوحدة ويرفض الحرب»؛ مؤكداً التزام بلاده بهذه الأهداف بشكل تام وفعّال.
من جهة ثانية، حظرت وزارة الاقتصاد بحكومة «الوحدة» ممارسة الأنشطة التجارية على الأجانب المقيمين، إذ قال بيان لوزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج، إنه قرر «حظر مزاولة كافة الأنشطة التجارية بالتجزئة أو بالجملة على غير الليبيين»، ووجه باتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين.

المصدر: الشرق الأوسط