انتخاب محمد بازوم رئيساً للنيجر… والمعارضة ترفض النتائج

قال محمد بازوم، أمس (الأربعاء)، فور إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية في النيجر، إن تحقيق الأمن يشكل «أولوية مطلقة»، ضمن برنامج عمله خلال السنوات الخمس التي سيحكم فيها واحداً من أفقر بلدان العالم، ويخوض حرباً على جبهتين ضد «داعش» و«بوكو حرام».
بازوم (61 عاماً) حصل على 55 في المائة من الأصوات في الشوط الثاني من الانتخابات، الذي نظم يوم الأحد الماضي، مقابل 44 في المائة من الأصوات حصل عليها خصمه محمد عثمان، مرشح المعارضة، والرجل الذي سبق أن حكم البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في النيجر، الجهة التي تولت الإشراف على تنظيم الاقتراع، أن بازوم هو الفائز حسب النتائج المؤقتة التي أحيلت إلى المحكمة الدستورية، لتصادق عليها حتى تصبح نهائية، بعد أن تنظر في طعون مرشح المعارضة، وقال رئيس اللجنة إيساكا سونا، إن «هذه النتائج مؤقتة ويتعين عرضها على المحكمة الدستورية».
وكان محمد بازوم، وهو حليف للرئيس النيجيري المنتهية ولايته محمدو يوسفو، قد حصل على نسبة 39 في المائة من الأصوات في الشوط الأول من الانتخابات، متصدراً بذلك ثلاثين مرشحاً، أعلن أغلبهم دعمه في الشوط الثاني، بينما تحالف مرشحو المعارضة مع محمد عثمان الذي حل في المرتبة الثانية بنسبة 17 في المائة من الأصوات في الدور الأول.
وقال مرشح المعارضة محمد عثمان إن تزويراً واسعاً وقع في الريف وخارج المدن الكبيرة، وأضاف أمام المئات من أنصاره أمس (الأربعاء) أنه حصل على أكثر من خمسين في المائة من الأصوات، وبالتالي فهو الفائز الحقيقي بالرئاسة، وقال إن «تجميع نتائج المحاضر التي وصلت إلينا عبر مندوبينا في مختلف مراكز الاقتراع، تؤكد فوزنا بنسبة 50.3 في المائة من الأصوات».
ولم يعلن عثمان إن كان سيتقدم بطعن لدى المحكمة الدستورية، أم أنه سيراهن على الشارع، خاصة أن مظاهرات صغيرة نظمها بعض أنصاره للاحتجاج على نتيجة الانتخابات.
في غضون ذلك، احتفى محمد بازوم بالنصر الذي حققه، وهو نصر كان متوقعاً من طرف أغلب مَن راقبوا هذه الانتخابات، فالرجل مدعوم من طرف أكبر حزب سياسي في البلاد، وحصل على أغلبية مطلقة داخل البرلمان، ويحمل معه تجربة سياسية بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، حين كان أستاذ فلسفة وناشطاً نقابياً، شارك في النضال من أجل التعددية الديمقراطية في النيجر مطلع التسعينيات.
بازوم الذي يتحدر من قبيلة «أولاد سليمان» العربية، تربطه صداقة قوية وعلاقة شخصية متينة بالرئيس المنتهية ولايته محمدو يوسفو، إذ أسسا معاً الحزب النيجري للديمقراطية والاشتراكية قبل ثلاثين عاماً، وبعد عقدين من النضال، وصل الحزب إلى الحكم (2011)، فكان يوسفو هو الرئيس وبازوم هو رجل الثقة الذي أُسندت إليه حقيبتان وزاريتان شائكتان ومعقدتان خلال السنوات العشر الماضية (الداخلية والخارجية)، واليوم يستعد الرجلان للتناوب على سدة الحكم.
وتعهد بازوم بمواصلة سياسات سلفه يوسفو، والتركيز على الأمن مع محاربة الجماعات الإرهابية، في الوقت الذي سيطبق سياسات إصلاح اقتصادي، ولكنه سيواجه تحديات كبيرة، خاصة الصعود القوي لتنظيم «داعش» الإرهابي على الحدود الغربية للنيجر، وفي المثلث الحدودي مع مالي وبوركينا فاسو، وخطورة جماعة «بوكو حرام» على الحدود من نيجيريا في الجنوب، بالإضافة إلى شبكات التهريب والجريمة المنظمة على الحدود الشمالية للنيجر مع ليبيا وتشاد.
ولكن الملف الأبرز الذي يترقب المتابعون كيف سيتعامل معه بازوم، هو التحالفات السياسية والتوازنات الداخلية، بعد أن وصل إلى الحكم أحد أفراد الأقلية العربية، في حين كانت الاتفاقيات الضمنية تضمن التوازن بكون الرئيس من الأغلبية العرقية (الهوسا)، في حين يتولى رئاسة الحكومة أحد المتحدرين من الأقلية العربية أو الطارقية، مع تقاسم عادل للمناصب الوزارية، وهو توازن أخرج البلاد من أتون تمرد مسلح سبق أن قاده طوارق النيجر بسبب عدم إشراكهم في تسيير البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
لقد نجح الحزب الذي يحكم النيجر منذ 2011. بقيادة يوسفو وبازوم في توحيد الجبهة الداخلية ومعالجة استباقية لأي صراع عرقي، مستفيداً من التجربة الدامية في دولة مالي المجاورة، التي أسفر فيها تمرد العرب والطوارق عن انزلاق البلاد نحو نفق عدم الاستقرار وصعود الجماعات الإرهابية.

المصدر: الشرق الأوسط