انطلاق «الاستفتاء الإلكتروني» حول النظام السياسي في تونس

انطلق أمس، رسمياً، في تونس، «الاستفتاء الإلكتروني»، الذي جاء استجابة لدعوة الرئيس قيس سعيد في 13 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على أن تتواصل فعالياته إلى غاية 20 من مارس (آذار) المقبل، في ظل دعوات لمقاطعته.

وتهدف هذه الاستشارة إلى بحث مجموعة من الإصلاحات الدستورية والقانونية، المزمع إدخالها على النظام السياسي الحالي. وستتولى لجنة محلية، لم يعلن عن تركيبتها، التوفيق بين مختلف الآراء والمقترحات والمطالب، ومحاولة تجسيدها في نصوص قانونية، في ظل إقصاء كامل لـ«الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، التي أوكل لها دستور 2014 القيام بمختلف الأنشطة المرتبطة بالانتخابات.

وقال نزار بن ناجي، وزير تكنولوجيا الاتصال، إثر لقائه مؤخراً مع الرئيس سعيد، إن هذه الاستشارة «تتضمن ستة محاور، وكل محور يتضمن خمس أسئلة ومساحة للتعبير الحر، أي أنها تقدم للتونسيين 30 سؤالاً. وهذه المحاور تتعلق بالشأن السياسي والانتخابي، والتنمية المستدامة، والشأن التعليمي والثقافي، علاوة على الجانب الاقتصادي والمالي، وقطاع الصحة وجودة الحياة، والشأن الاجتماعي».

في سياق ذلك، أعلن الحزب الجمهوري عن رفض هذه الاستشارة الشعبية، ودعا التونسيين إلى مقاطعتها، قائلاً إن رئاسة الجهورية «تسخر إمكانيات الدولة والمال العام لتنفيذ بنود الأجندة السياسية الخاصة بالمشروع السياسي لرئيس الجمهورية»، مؤكداً أن نتائجها «ستكون معروفة لكنها فاقدة لكل شرعية»، ومشدداً على أن حل الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس» يجب أن يكون في إطار تشاركي، ومن خلال العودة إلى المسار الدستوري، عبر تنظيم حوار وطني ينتهي إلى تجاوز حالة الاختناق التي تعيشها البلاد.

على صعيد متصل، أكدت مصادر سياسية أن الرئيس سعيد سيطرح قانوناً انتخابياً جديداً قبل إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة، المقررة في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مع تغيير طبيعة التمثيل البرلماني وشروط الترشح للانتخابات، مشيرة إلى أن الرئيس سعيد سيطرح مشروع القانون الانتخابي ضمن الاستشارة الوطنية، التي ستقوم بتأليفه لجنة تشكلها رئاسة الجمهورية. ويشدد هذا القانون على أن النائب المنتخب يجب أن يكون مسؤولاً أمام ناخبيه، وأن يتم انتخاب مرشح واحد عن كل منطقة ليتشكل بذلك مجلس محلي في كل المعتمديات والمناطق، على أن ينتخب كل مجلس محلي شخصاً ليلتحق بالمجلس الوطني التشريعي، وشخصاً آخر يتم تفويضه إلى مجلس جهوي في الولاية (المحافظة).

على صعيد آخر، طالبت مجموعة من الأحزاب السياسية، من بينها حركة «النهضة» التي يقودها راشد الغنوشي، و«حراك تونس الإرادة»، الذي يتزعمه المنصف المرزوقي، وعدد آخر من المنظمات الحقوقية، السلطات الأمنية والقضائية، بالكشف عن مكان احتجاز نور الدين البحيري، نائب رئيس حركة «النهضة»، الذي اعتقل أول من أمس، ونقل إلى مكان غير معلوم. واعتبر حزب «حراك تونس الإرادة» في بيان له، أمس، أن «هذه الممارسات تشكل اعتداءً خطيراً على أبسط حقوق الإنسان».

كانت وزارة الداخلية التونسية قد أعلنت عن وضع شخصين قيد الإقامة الجبرية، استناداً إلى القانون المنظم لحالة الطوارئ في تونس، حفاظاً على الأمن والنظام العام. وأكدت أنه «إجراء ذو صبغة تحفظية أملته الضرورة، في إطار حماية الأمن العام، وينتهي بانتهاء موجبه»، مشيرة إلى حرصها على «التقيد بالضمانات المكفولة بمقتضى الدستور والتشريع النافذ، خصوصاً من حيث توفير ظروف الإقامة الملائمة، والإحاطة الصحية اللازمة للمعنيين بهذا القرار».

كانت زينب البراهمي، القيادية في حركة «النهضة»، قد أكدت أن ما حدث «يعد سابقة خطيرة»، واصفة ذلك بـ«عملية اختطاف»، وأكدت على أن الاعتقال تم «في غياب أي إجراء قضائي ضد البحيري».

في سياق ذلك، كشفت مصادر حقوقية أن الشخص الثاني الذي اعتقل في الوقت نفسه مع البحيري هو قيادي أمني سابق.

ووفق متابعين، فإنه من المرجح أن تكون أجهزة الأمن تشتبه في أن نور الدين البحيري لديه معلومات عن الجهاز السري لحركة «النهضة» وعلاقة هذا الجهاز ببعض أطراف السلطة القضائية، وكذلك بإتلاف وثائق تتعلق بعمليتي اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي.

المصدر: الشرق الأوسط