بدون محامي دفاع… الإيرانية أرميتا عباسي التي تعرضت للاغتصاب والتعذيب بالسجن تمثل أمام القضاء

مثلت الأحد أمام محكمة كرج الإيرانية الشابة أرميتا عباسي التي تتهمها السلطات في طهران بـ”صنع زجاجات حارقة” وبكونها “زعيمة المظاهرات”. اعتقلت عباسي بعد شهر من وفاة مهسا أميني وستواجه القاضي آصف الحسيني المعروف بقساوته بدون محام يدافع عنها بعد إعلان محامييها انسحابهما لعدم تمكنهما من الاطلاع على ملفها. سبق أن نُشر هذا المقال عنها في 11 يناير/ كانون الثاني 2023، وتم تحديثه بمناسبة انطلاق المحاكمة.

شعر أشقر وخصلات ملونة وقرط في الحاجب الأيمن وآخر تحت الشفة السفلية. شابة تشبه الملايين من نفس سنها، لكن أرميتا عباسي ليست مثل الأخريات. فقد أصبحت هذه الإيرانية البالغة من العمر 21 عاما، أحد الأسماء العديدة من ضحايا القمع الأعمى المستمر منذ وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر/ أيلول 2022 في طهران.

بعد أكثر من 100 يوم على توقيفها، بدأت الأحد 29 كانون الثاني/ يناير في مدينة كرج الإيرانية محاكمتها بعد تأجيلها مرارا. وتتهم السلطات أرميتا “بصنع زجاجات مولوتوف” وبكونها “زعيمة المظاهرات”.

وستواجه الشابة القاضي آصف الحسيني المعروف بقسوته بدون محام، حيث أعلن محامياها محمد إسماعيل بيجي وسونيا محمدي في 23 يناير/ كانون الثاني انسحابهما لعدم تمكنهما من الاطلاع على ملفها.

وتضمنت تغريدة إسماعيل بيجي ما يلي “بناء على طلبنا لعقد اجتماع وجها لوجه الذي لم يتم الرد عليه حتى هذه اللحظة، وإلى جانب ضيق الوقت الذي يجعل من المستحيل الدفاع عن موكلتنا بالشكل المناسب، نعلن أنا والسيدة سونيا محمدي استقالتنا من الدفاع عن السيدة أرميتا عباسي”.

في 2 يناير/ كانون الثاني، بدأت أرميتا عباسي إضرابا عن الطعام في سجن كوتشوي في كرج بشمال إيران حيث ظلت محتجزة أكثر من ثلاثة أشهر. تحد لافت، التحقت به 14 سجينة برفقتها احتجاجا على “الظروف اللاإنسانية والمهينة التي تم احتجازهن فيها، إضافة إلى المضايقات والتعذيب الذي تعرضن له”. هذا ما أوضح لي هيربود دهغاني عازار، المحامي الفرنسي الإيراني الذي يوثق الانتهاكات التي ارتكبتها قوات أمن الجمهورية الإسلامية.

بعد سبعة أيام من التعبئة القوية على الشبكات الاجتماعية، لا سيما تحت هاشتاغ #امرأة_حياة_حرية، رضخن جميعهن لـ”الضغوط والتهديدات التي يمارسها مسؤولو السجن” عليهن وعلى عائلاتهن.

وتابع دهغاني عازار بأسف “لم تستمع السلطات لأي من مطالبهن. ولم يتم تحسين ظروف احتجازهن، ولا أوضاعهن الشخصية،. تمكن أقاربهن من رؤيتهن بحضور رجال الشرطة. كان يبدو عليهن أنهن بخير رغم أنهن بدين هزيلات”.

“عمليات الاغتصاب ضرورية لمنع هاته النساء اللواتي يعادين الإسلام من دخول الجنة”

أرميتا عباسي، سمية معصومي، فاطمة حربي، أنسيه موسوي، فاطمة نزاريني نجاد، إلهام مدريسي، فاطمة مصلح حيدر زاده، نيلوفر شاكري، نيلوفر كاردوني، مرزية قاسمي، شهرزاد دراخشان، فاطمة جمالبور، حميدة زرعي، ياسمين الحاج ميرزا ​​محمدي ومايدة سهرابي، تم عزلهن في سجن كاتشوي.

وإن بقيت أسباب سجن هؤلاء النساء غير واضحة، يبدو أن جميعهن تقريبا كن ضحايا لاعتداءات جنسية. فبالإضافة إلى الرغبة في الهيمنة الذكورية، فإن اغتصاب العذارى يستجيب لاستراتيجية مستخدمة منذ الثمانينيات في عهد آية الله الخميني، كما يؤكد معهد جيتستون، وهو مركز أبحاث دولي.

وردا على سؤال في 7 كانون الأول/ديسمبر 1986 عن الاستخدام المكثف للاغتصاب في السجون، أجاب المرشد الأعلى: “نعم، إن عمليات الاغتصاب هذه ضرورية لمنع هؤلاء النساء اللاتي يعادين الإسلام من دخول الجنة، وإذا تم إعدامهن وهن عذارى، فسوف يدخلن الجنة. لذا فإن الاغتصاب مهم للغاية لحرمانهن من دخول الجنة”.

نقل أرميتا عباسي إلى المستشفى بسبب “نزيف شرجي”

حتى الآن، لم تُفضح سوى الانتهاكات التي تعرضت لها أرميتا عباسي من بين نحو 15 سجينة أخرى في كاتشوي. وبحسب تحقيق نشرته شبكة سي إن إن في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، فقد اعتقلت الشابة العشرينية بعد أن نشرت، بدون إخفاء هويتها، رسائل اعتُبرت “معادية للنظام” على مواقع التواصل الاجتماعي. وبعد نحو شهر من بدء الاحتجاجات في البلاد تم اعتقالها، واتهمتها الحكومة بأنها واحدة من “قادة أعمال الشغب” وزعمت أنها عثرت على “10 زجاجات مولوتوف” في منزلها، في تصريحات توعدت فيها بفرض عقوبات شديدة بشكل خاص على الفتاة البالغة من العمر 20 عاما.

في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، اصطحب مسلحون أرميتا من السجن إلى مستشفى الإمام علي في كرج، وكانت ترتجف وتبكي، بحسب شبكة سي إن إن التي تمكنت من تأكيد الحقائق.

“عند وصولها، قال عناصر الأمن إنها تشكو من نزيف شرجي… بسبب الاغتصاب المتكرر” وفق ما روى أحد أعضاء الطاقم الطبي، الذي يبدو أنه صُدم بما شاهده حسب ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. ويبدو أن هؤلاء الأشخاص أصروا على أن يتضمن التقرير أن تلك الاعتداءات سبقت اعتقالها.

في الوقت الذي وصلت فيه عائلة أرميتا عباسي إلى المستشفى، كانت الشابة قد اختفت. وبحسب الرواية الرسمية، كانت تعالج من “مشاكل في الجهاز الهضمي”.

والدة أرميتا نشرت رسالة على موقع إنستاغرام قبل أن يتوقف الإضراب عن الطعام، أعلنت فيها أن ابنتها ستُحاكم في 26 يناير/ كانون الثاني وأن القضاء قد رفض المحامية التي تم اختيارها للدفاع عنها.

“في أغلب الأحيان لا يُحكم على النساء بالموت في إيران كما لفت دهقاني عازار. عادة ما يُحكم عليهن بالجلد والسجن. لكن حتى الآن، ليس هناك أي منطق”.

هيئة قضائية دولية للنظر في “الجرائم ضد الإنسانية” التي ارتكبت في إيران

في مواجهة ضغوط الإعلام، هل يمكن إطلاق سراح أرميتا عباسي؟ قد تتخذ السلطات الإيرانية سياسة التمويه. “ربما سيتم السماح لها بالخروج وفي نفس الوقت الضغط على عائلتها كي تصمت مع إدانة جميع زميلاتها السجينات”.

اغتصاب وتعذيب وإعدامات مع محاكمات عاجلة… لكي تتخذ العدالة مجراها في هذه الجرائم، دعا دهغاني عازار ومجموعة الحقوقيين التي ينتمي إليها المجتمع الدولي لوضع الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية.

“هذا من شأنه أن يجعل من الممكن تجميد أصولهم وممتلكاتهم في الخارج، ولكن أيضا ملاحقتهم من خلال تمهيد الطريق لإرساء هيئة قضائية دولية للنظر في هذه الجرائم ضد الإنسانية”.

المصدر: فرانس 24