“بعدد غير محدود”.. مصر تفتح الباب للأجانب لتملك العقارات

 

قررت الحكومة المصرية فتح المجال لتملك العقارات للأجانب في مصر من دون التقيد بعدد محدد منها، بهدف جذب المزيد من العملة الصعبة للبلاد، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء المصري د. مصطفى مدبولي.

وقال مدبولي، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة إن القرارات المُنظمة فيما مضى كان مفادها أن الحد الأقصى لأي أجنبي يريد تملك عقار في مصر، هو عقاران اثنان، ويكونان في مدينتين مختلفتين.

وتابع: “اليوم سيعمل وزير العدل مع جميع الجهات من أجل إطلاق هذا الرقم ليكون بإمكان أي أجنبي يريد القدوم وتملك عقارات داخل مصر تملك أي عدد من العقارات، طالما كان ذلك في إطار الضوابط التي تتضمن سداد قيمة هذه العقارات وبأولوية السداد بالعملة الحرة”.

وأضاف “الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد في اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار الأخير، أن الدولة المصرية تمُر بمرحلة فارقة، تستلزم من جميع الجهات، العمل من أجل هدف رئيسي مهم، وهو زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات بالمشروعات التنموية التي تقوم بها الدولة المصرية، والحرص على الجرأة الشديدة في اتخاذ القرارات، ومراجعة القوانين والقرارات التنظيمية والإجراءات الإدارية المعمول بها، في سبيل الإسراع وتيسير الاجراءات لجذب أكبر حجم من الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص على تولي الريادة مع الدولة في المرحلة القادمة.

ولفت مدبولي إلى أن السيسي وجه بانعقاد مجلس الاستثمار شهرياً، بدلاً من كل ثلاثة أشهر، ومواصلة جهود الدولة لمضاعفة وضخ الاستثمارات وزيادة فرص العمل، مشدداً على ضرورة التزام كل وزارة بتنفيذ القرارات الصادرة عن اجتماع المجلس، أمس الثلاثاء.

وتابع أن هناك توقيتات زمنية محددة لتنفيذ هذه التكليفات، وستجري متابعة تنفيذها بصفة دورية، وهي تهدف إلى إيجاد مناخ أكثر جذباً للاستثمارات، والعمل على حل أي مشكلات تواجه المستثمرين، وتذليل المعوقات أو التحديات التي قد تطرأ بفعل الظروف الاقتصادية.

الحل بزيادة الاستثمارات

في سياق متصل، استعرض رئيس الوزراء المصري، تطور حجم الاستثمارات التي كانت تقوم بها الدولة والقطاع الخاص سوياً، اعتباراً من عام 2005 حتى الوقت الحالي، إذ أوضح أن إجمالي الاستثمارات خلال العام 2005 ـ 2006 التي قام بها القطاع الخاص والدولة معاً بلغ نحو 116 مليار جنيه، بينما يبلغ حجم الاستثمارات المرصودة بالعام القادم 2023-2024 نحو 1.64 تريليون جنيه، بما يعني تقريباً أنه على مدار هذه الفترة حدثت زيادة بمقدار 15 ضعفاً للاستثمارات، موضحاً أن حجم الاستثمارات إن استمر بمعدلاته البسيطة لم يكن ليواكب زيادة حجم الدولة المصرية والنمو السكاني المتسارع، وكانت الدولة ستواجه حتماً مشكلات هائلة في العديد من الأمور منها البنية الأساسية والخدمات، وكل ما قد تحتاجه في سبيل النمو.

وأوضح رئيس الوزراء أن حجم الاستثمارات كان يسير بمعدلات بطيئة خلال مدة عشر سنوات، ثم بدأ في التزايد، مشيراً إلى أن ذلك لم يكن يرجع لقلة دور القطاع الخاص خلال هذه الفترة، إنما لدور الحكومة المصرية التي بدأت في زيادة استثماراتها حتى تحقق معدلات النمو، وذلك لأن البلاد في هذه الفترة كانت تُقدر الظروف التي مر بها القطاع الخاص بداية من عام 2011 والاضطرابات الحاصلة في ذلك التوقيت، وفي عام 2015 وبداية خطوات الإصلاح الاقتصادي، ثم تلا ذلك ظروف مر بها العالم كله من جائحة كورونا، والأزمة الروسية الاوكرانية.

وأوضح قائلا: أنه كان من الطبيعي أن يتخوف القطاع الخاص من ضخ استثمارات في أي مكان، فكان الخيار الذي اتخذته الحكومة المصرية في المرحلة السابقة، أن تقوم بضخ الاستثمارات تعويضاً عن التباطؤ الحاصل من قبل القطاع الخاص، كخطوة لزيادة فرص العمل والتشغيل، التي استطاعت الحكومة من خلالها تقليل معدلات البطالة.

وأضاف رئيس الوزراء المصري أن التركيز اليوم من جانب المجلس الأعلى للاستثمار، يتمثل في كيفية زيادة استثمارات القطاع الخاص بما يساوي ما تستثمره الحكومة المصرية أو يزيد عليه، حيث أن المستهدف بعد ثلاث سنوات أن يكون نصيب القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات الموجودة 60 بالمئة أو 65 بالمئة، وهو ما يتم العمل عليه حاليا.

وأوضح رئيس الوزراء أن القطاع الخاص في مصر يستحوذ – بالفعل – على نصيب الأسد من حيث حجم المنشآت وعدد المشتغلين وفرص العمل الموجودة، وهو أمر طبيعي في أي بلد، حيث يوجد تقريبا 3.75 مليون منشأة قطاع خاص، كما أن 79 بالمئة من إجمالي المشتغلين يعملون في القطاع الخاص، ونسبة 75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي يخرج من القطاع الخاص، لافتاً إلى أن المشكلة هي كون أكثر من 50 بالمئة من القطاع الخاص قطاع غير رسمي، و60 بالمئة من حجم منشآت القطاع الخاص تعمل في تجارة الجملة والتجزئة أي التجارة، إلا أن التوجه للقطاعات الإنتاجية: الصناعة والزراعة ومختلف الأنشطة الإنتاجية الاخرى.

وأشار إلى تحدٍ اخر قائم يتمثل في أن 1 بالمئة فقط من حجم منشآت القطاع الخاص يُصدر، أي أن هناك 99 بالمئة منها تلبي السوق المحلية، موضحاً أن هذا يفرض علينا كيفية تشجيع القطاع الخاص على التصدير، موضحاً أن هذا ما يعمل عليه المجلس الأعلى للتصدير.

في غضون ذلك، لفت رئيس الوزراء المصري إلى أنه من بين الطلبات المهمة في ظل التضخم وزيادة سعر الفائدة، طلب قطاعي الصناعة والزراعة بأن يكون هناك مبادرة من الدولة لتحمل جزء من الفائدة، وهو ما جرت الاستجابة له من خلال مبادرة قيمتها 150 مليار جنيه، بحيث يتم خلالها تحمل المستثمر فائدة بنسبة 11 بالمئة، على أن تتحمل الدولة الفرق.

كما أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أنه تم مؤخرا ضم قطاع السياحة لهذه المبادرة لتصبح قيمتها 160 مليار جنيه، كما قامت الحكومة بإعفاء 20 قطاعا صناعيا من الضريبة العقارية لمدة 3 سنوات، أو بمعنى أدق بادرنا كدولة بالإعلان عن دفعها عن هذه القطاعات، متطرقا إلى وحدة حل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء، والتي تبذل الحكومة من خلالها كل الجهود الممكنة لحل مشكلات المستثمرين، حيث تقدم إلى هذه الوحدة 1900 شكوى، تم البت في 1400 شكوى منها، حيث بلغ معدل البت لصالح المستثمر نسبة 75 بالمئة.

وفي سياق متصل، أشار مدبولي إلى الإصلاحات الجذرية التي يطالب بها المستثمر فيما يخص تخصيص الأراضي الصناعية، بحيث أصبح في الإمكان أن تكون الأرض بحق الانتفاع بجانب التملك، فضلاً عن تحديد تسعير ثابت للأراضي الصناعية، مُعلن بقرار من رئيس الوزراء، وأصبحت الهيئة العامة للتنمية الصناعية هي الجهة الوحيدة المنوط بها إصدار جميع الموافقات للمستثمر الذي يتوجه إليها فقط، على أن تتولى الهيئة نفسها التنسيق مع باقي الجهات في الدولة بهذا الشأن، إضافة إلى التخصيص الفوري للأراضي الصناعية، من خلال لجنة مركزية حتى يتم إجراء التخصيص لأي مستثمر كبير أو مستثمر أجنبي بشكل فوري، إضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى منها إصدار الرخصة خلال 20 يوم عمل.

وأكد رئيس الوزراء أنه يتابع مع وزير التجارة والصناعة هذا الإجراء، وهناك تحسن ملحوظ في هذا الشأن في سبيل الوصول لهذا الهدف بل وأفضل منه بحيث يقل عن 20 يوما.

كما تطرق مدبولي لما صدر مؤخراً من خلال هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية بشأن إطلاق أول صندوق للاستثمار في الذهب، بحيث يكون نافذة للمصريين للاستثمار في هذا الأمر، وتم وضع آلية واضحة وسيتم تفعيلها خلال المرحلة المقبلة.

4 تحديات تواجه القطاع الخاص

أوضح رئيس الوزراء المصري، د. مصطفى مدبولي أن التحديات التي يواجهها القطاع الخاص تتمثل في أربع تحديات، وهي:

تأسيس الشركات
تخصيص الأرض
تصريح مزاولة النشاط
تشغيل المشروع

وأكد أنه في ضوء ذلك تم اتخاذ نحو 22 قرارًا جديدًا تم الإعلان عنها عقب اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار، وقد وجَّه الرئيس السيسي بوضع برنامج زمني وتحديد الجهة المسؤولة عن التنفيذ، حتى تتسنى المتابعة وضمان تنفيذ القرارات خلال تلك المدة.

وأشار رئيس الوزراء إلى أنه فيما يخص تأسيس الشركات، سوف يتم إجراء تعديل لمواد موجودة في اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، والتي من شأنها أن تسهم وتشجع على التوسع في إنشاء المناطق الحرة الخاصة، وأيضا تسهيل معاملة المستثمر الأجنبي مع البنوك خلال فترة تأسيس الشركة، موضحًا أنه كانت توجد عوائق تتمثل في ضرورة الانتظار حتى يتم تأسيس الشركة وإنهاء الإجراءات، ولكن في ظل ذلك التعديل يتسنى للمستثمر الأجنبي، بمجرد تقديم الطلب، التعامل مع البنوك على الفور.

وقال: “قمنا بتحديد جهة التنفيذ المسؤولة عن هذا الموضوع، وكذلك المدة الزمنية اللازمة لإنهاء هذا الإجراء، وينطبق الأمر ذاته على كل قرار”.

وتابع مدبولي: يتمثل القرار الثاني في تعديل نص المادة رقم 34 من قانون الاستثمار؛ لتشجيع الصناعات القائمة على الغاز الطبيعي كمُدخَل في الإنتاج وتعزيز استفادتها من نظام المناطق الحرة الخاصة.

وأوضح، في هذا الصدد، هناك عدد من الشركات العالمية تقدَّم لتنفيذ مشروعات “بتروكيماويات” بنظام المناطق الحرة، وقد كانت الدولة متوقفة في هذا الشأن بسبب المشكلات التي كانت تشهدها في قطاع الغاز الطبيعي، لكن في ظل امتلاك الدولة المصرية الآن خطة واضحة للغاز الطبيعي، تستطيع الدولة، من خلال المجلس الأعلى للطاقة، منح موافقات لهذه المشروعات، ليكون من حقها إنشاء منطقة حرة بغرض التصدير.

وأردف مدبولي بالقول: “يتعلق القرار الثالث بموضوع الموافقات التي كانت تصدُر لإنشاء الشركات وتنفيذها، حيث كانت توجد شكوى بأن الأمر يتطلب شهورًا حتى يتم الحصول على الموافقة من الجهات كافة؛ لذلك قررنا أن يكون الحد الأقصى للحصول على كل الموافقات هو 10 أيام عمل، أي بمجرد ما يعرب المستثمر الأجنبي أو المحلي عن اعتزامه إنشاء شركة سيكون الحد الأقصى للحصول على الموافقات اللازمة هو 10 أيام عمل فقط، وفي حين استيفاء الأوراق المطلوبة وعدم رد الجهة يكون ذلك بمثابة موافقة ضمنية”.

واستعرض رئيس الوزراء، شرح باقي القرارات تباعا قائلاً: “سيتم إنشاء منصة إلكترونية مُوحدة في الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة؛ لتأسيس وتشغيل وتصفية الشركات والمشروعات، ويتم تجميع كل الجهات المعنية في تلك المنصة بحيث تستطيع الشركات أن تتقدم “أون لاين”، تماشيًا مع التطور العالمي، وتنفيذ كل الإجراءات من خلال المنصة”.

كما تطرق رئيس الوزراء إلى نقطة كانت تتعلق بطلب من القطاع الخاص، أن يكون هناك مساواة في المعاملة، حيث أثير أن هناك بعض المواد القانونية التي كانت تمنح معاملة تفضيلية لبعض الشركات والجهات التابعة للدولة، عن القطاع الخاص، وتم التوافق على ان يتم التعديل بحيث يكون الكل متساويا، ويكون القطاع الخاص مثله مثل كل كيانات الدولة يعامل ذات المعاملة، دون معاملة تفضيلية لأحد.

كما أثار رئيس الوزراء موضوع الإسراع ببرنامج الطروحات وبيع الأصول المملوكة للدولة، لافتا الى أن هناك كيانات كثيرة جدا مملوكة للحكومة، من شركات وأصول، “نجد أن هذا الكيان مملوك لأكثر من جهة في الحكومة، فيمكن أن تجد شركة يشارك فيها 12 جهة، لكي نستطيع طرحها او وضعها في برنامج الطروحات يتطلب الامر سلسلة من الإجراءات الإدارية والبيروقراطية يستهلك أمدا زمنيا طويلا جداً، والتصور الذي تم الموافقة عليه مشروع قانون سيتم التقدم به لإنشاء وحدة تتبع مجلس الوزراء تجمع بيانات كافة هذه الشركات وتتخذ القرار الملزم لما يتم دمجه وما يتم تصفيته وما يتم بيع نصيب الدولة فيه”.

وأوضح رئيس الوزراء أن هناك خطوات سيتم اتخاذها من خلال وزارة المالية المصرية تتضمن نشر وإتاحة كل التقارير الخاصة بكل الإجراءات التي تقوم بها الحكومة من أجل تعزيز الحوكمة والشفافية خلال المرحلة القادمة، مشيراً إلى تعديل نص مهم جدا ضمن إجراءات التشغيل، وهو بأن يتم السماح للمستثمر الأجنبي بأن يسجل في سجل المستوردين، حتى وإن لم يحمل الجنسية المصرية وذلك لمدة 10 سنوات.

ولفت إلى ما كان يتم مسبقا، وهو أنه لكي يتم تسجيل الشركة في سجل المستوردين ويستطيع المستثمر أن يستورد مستلزمات الإنتاج، ينص الأمر مسبقا على أن تحتوى الشركة على 51 بالمئة من المصريين أو يكون لدى المستثمر الجنسية المصرية، لكن اليوم التعديل تضمن أنه طالما الشركة تم إنشاؤها في مصر حتى لو كانت ملكيتها 100 بالمئة أجانب، لديهم الحق في أن يتم تسجيلها والبدء في استيراد مستلزمات الإنتاج.

وتسعى مصر لبيع حصص في أصول مملوكة للحكومة لدعم مصادر الدولار في وقت تشهد فيه البلاد شح في توفير العملة الصعبة، وارتفاع تكلفة الاستيراد، مع خفض الجنيه أكثر من مرة ما دفع الدولار ليصل إلى حوالي 31 جنيها في البنوك، بينما يتجاوز مستوى 36 جنيها بالسوق الموازية.

يذكر أن رصيد الدين الخارجي لمصر قد تراجع بنهاية شهر سبتمبر الماضي، ليسجل 155 مليار دولار، بتراجع قدره 700 مليون دولار، بمعدل 0.5 بالمئة مقارنة بشهر يونيو 2022.

المصدر: سكاي نيوز عربية