بيلاروسيا: اعتقال أكثر من 600 متظاهر ضد إعادة انتخاب لوكاشنكو

اعتقلت الشرطة البيلاروسية، اليوم (الاثنين)، أكثر من 600 شخص خلال المظاهرة الحاشدة للمعارضة التي جرت أمس (الأحد) احتجاجاً على إعادة انتخاب الرئيس ألكسندر لوكاشنكو مطلع أغسطس (آب)، فيما يشكل أكبر عملية قمع منذ ذلك الحين.
وماريا كولسنيكوفا، الشخصية المعارضة الرئيسية الوحيدة التي اختارت عدم الذهاب إلى المنفى في الخارج «خطفت» واقتيدت في سيارة صباح الاثنين على أيدي مجهولين ملثّمين، وفق ما أعلن «مجلس التنسيق» المعارض. ولم ترد على هاتفها منذ ذلك الحين، مثل عضوين من فريقها.
وكوليسنيكوفا عضو في «مجلس التنسيق» المعارض الذي اتهمته السلطات «بتهديد الأمن القومي».
واتهمت سفيتلانا تيخانوفسكا التي لجأت إلى ليتوانيا السلطات البيلاروسية بممارسة سياسة «الإرهاب»، مضيفة أنها «ستكون مخطئة لو اعتقدت أن ذلك سيوقفنا. كلما زاد ترهيبها سيخرج مزيد من الناس» إلى الشوارع.
وندد بيتر ستانو، الناطق باسم المفوضية الأوروبية بـ«القمع المستمر الذي تمارسه السلطات ضد المدنيين والمتظاهرين السلميين والناشطين السياسيين»، ووصفه بأنه «غير مقبول». ورداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت وزارة الداخلية البيلاروسية إن لا معلومات لديها عن اعتقال كوليسنيكوفا أو العضوين الآخرين.
وشارك في مظاهرة الأحد عدد قياسي من الأشخاص بلغ 100 ألف في مينسك لعطلة نهاية الأسبوع الرابعة على التوالي، رغم الانتشار الكثيف لقوات إنفاذ القانون والقوات العسكرية في العاصمة. وقالت وزارة الداخلية البيلاروسية في بيان «تم توقيف 633 شخصاً بالأمس بتهمة مخالفة القانون المتعلق بالتجمعات»، مضيفة أنه تم وضع 363 شخصاً في مراكز اعتقال في انتظار أن تنظر المحاكم في ملفاتهم.
وأظهرت صور رجال مقنعين باللباس المدني ويحملون هراوات يجوبون وسط المدينة ويلاحقون المتظاهرين. وجرت مظاهرات مماثلة في الكثير من مدن البلاد، وخصوصاً في غرودنو (غرب) وبريست (غرب).
ولا يزال الرئيس البالغ 66 عاماً والحاكم منذ 26 عاماً والذي تحتج المعارضة على إعادة انتخابه، يرفض أي حوار ويسعى للحصول على دعم موسكو. وكثفت السلطات الأسبوع الماضي الاعتقالات رداً على تعبئة الطلاب للنزول إلى المظاهرات.
كما استهدفت ردود فعل السلطات القمعية الصحافيين البيلاروسيين بحيث قبض على نحو 20 منهم، في حين سُحب اعتماد الكثير من المراسلين الآخرين ضمنهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، من دون تفسير.
وكان القمع مكثفاً خصوصاً في الأيام الأولى التي أعقبت انتخابات 9 أغسطس. فقد قُتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص، وجُرح العشرات، واعتقل أكثر من 7000 خلال المظاهرات الأولى. كما تم توثيق الكثير من حالات التعذيب وسوء المعاملة.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت الاعتقالات أقل، لكن الحكومة زادت في المقابل الضغط على العمال المضربين والمعارضين الذين لجأ كثر منهم إلى الخارج خوفاً من الاعتقال مثل سفيتلانا تيخانوفسكا.
وقالت أولغا كوفالكوفا، وهي شخصية معارضة أخرى في «مجلس التنسيق»، السبت إنها، وجدت ملاذاً في بولندا بعدما تلقّت تهديدات من الاستخبارات البيلاروسية. من جهته، يسعى الرئيس لوكاشنكو الذي يتحدث عن مؤامرة غربية، للحصول على دعم موسكو.
وعززت روسيا التي نددت بالتدخل الغربي منذ بداية الأزمة، دعمها عبر زيارة لمينسك الخميس قام بها ميخائيل ميشوستين الذي لم يدلِ بأي تصريحات مهمة، لكنه قام بذلك بأول زيارة لمسؤول بهذا المستوى منذ بداية الأزمة في مينسك.
ووعد فلاديمير بوتين بإرسال قوات روسية إلى بيلاروس إذا اتخذ النزاع طابعاً عنيفاً، بينما يبدو أن لوكاشنكو مستعد لفعل أي شيء لإرضاء الجارة روسيا وهو حليفها القريب منذ سنوات، لكنه متقلب بين فترات تقارب وأخرى أدان فيها النزعة التوسعية الروسية.
ورفض الأوروبيون نتائج الانتخابات الرئاسية وهم يستعدون لفرض عقوبات على كبار المسؤولين البيلاروسيين. وأوضح ستانو، الاثنين، أنه يتوقع إقرار هذه العقوبات «قريباً جداً».

المصدر: الشرق الأوسط