تبعات حرب غزة: 15 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع، ومازال…

قال محمد مصطفى، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، الأربعاء إن إعادة بناء الوحدات السكنية في غزة ستتطلب ما لا يقل عن 15 مليار دولار، وذلك بعد أن أدت الحرب التي تشنها إسرائيل إلى تسوية مساحات واسعة من مباني القطاع بالأرض.

ويظهر هذا الرقم المرتفع أن مهمة إعادة الإعمار في غزة المدمرة لا تقل أهمية عن البحث عن حل سياسي لمرحلة ما بعد حماس، لكن الأهم هو من يضمن ألا تهدم إسرائيل غزة الجديدة، وما هي الضمانات التي يمكن أن يقدمها الضامنون -ومن بينهم الولايات المتحدة- من أجل ربط التسوية السياسية المفترضة بتوقف الجيش الإسرائيلي عن تسوية المباني بالأرض.

ودمرت حملة إسرائيل في غزة، التي تلت هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي، مناطق سكنية واسعة من القطاع الفلسطيني، وتسببت في مقتل 24 ألفا وإصابة ما يقارب 61 ألفا، حسب ما يقوله مسؤولون صحيون في القطاع الذي تديره حماس.

وإنْ توفرت التمويلات الكافية لإعادة الإعمار، فإن المهمة ستعترضها مشكلة أساسية وهي أن إسرائيل تريد أن تخلق واقعا سياسيا لمرحلة ما بعد الحرب لا نقاش فيه بشأن حل الدولتين وعودة السلطة الفلسطينية إلى حكم غزة بدلا من حماس، وهذا ما يتعارض مع توجه المجتمع الدولي وخاصة الدول المانحة، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج.

ومن المؤكد أن أغلب الممولين المحتملين، بمن في ذلك الخليجيون، سوف يصرون على ربط عملية إعادة الإعمار بعملية مفاوضات سياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول اتفاق سلام الوضع النهائي. ولم تكن عملية المفاوضات هذه موجودة منذ سنوات، حتى مع سعي إسرائيل إلى التطبيع مع عدد من الدول العربية.

ويصعب التوصل إلى حل دائم في ظل سيطرة اليمين الإسرائيلي على الحكومة وإطلاق شعارات داعمة للاستيطان. كما أن غياب سلطة فلسطينية قوية وتحوز ثقة الشارع الفلسطيني يعيق هذا الحل أيضا.

وإلى حد الآن لا تظهر للعيان الجهات التي يمكن أن تتقدم لإعادة الإعمار وتوفير الأموال، ولا يُعرف ما إذا كانت المهمة ستوكل إلى دول الخليج وحدها، وهو أمر بالغ الصعوبة في ظل غياب الأفق السياسي وعدم امتثال إسرائيل لدعوات وقف إطلاق النار من شخصيات خليجية مختلفة، وكان آخرها كلام وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الثلاثاء في دافوس حيث حثّ على وقف فوري لإطلاق النار.

وقال وزير الخارجية السعودي “لا نرى أدلة على أن الأهداف الإسرائيلية في غزة قريبة التحقيق (…) وعلينا إفساح المجال لمسار يمكّن السلطة الفلسطينية ويسمح بالمضي قدما نحو السلام”.

وقبل ذلك قالت السفيرة الإماراتية لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة إنه يجب أن تكون هناك “خطة قابلة للتطبيق لحل الدولتين، وخريطة طريق جادة”، قبل التطرق إلى “اليوم التالي” وإعادة إعمار قطاع غزة.

وفي تصريحات خاصة لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قالت نسيبة “الرسالة ستكون واضحة للغاية: نحن بحاجة إلى رؤية خطة حل الدولتين قابلة للتطبيق، وخريطة طريق جادة، قبل أن نتحدث عن اليوم التالي (ما بعد الحرب) وإعادة بناء البنية التحتية في غزة”.

وبالرغم من الانحياز السياسي الغربي إلى صف إسرائيل في ردها على هجوم حماس، من المتوقع أن ينهض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بدور مهم في إعادة إعمار غزة ضمن مقاربة الحل السياسي، أي تمكين السلطة الفلسطينية من حكم غزة وفق شروط أمنية وسياسية واضحة تتماشى مع مطالب إسرائيل.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق هو: هل ستساهم إسرائيل من جانبها في إعادة إعمار ما دمرته في غزة من بنى تحتية مختلفة، كالمستشفيات والمربعات السكنية والطرق؟

وكانت إسرائيل قد وافقت عام 2010 على دفع تعويضات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بقيمة 10.5 مليون دولار مقابل المباني التي دُمرت خلال موجة سابقة من الصراع في غزة قبل ذلك بعام.

وآنذاك أثارت التعويضات جدلا في إسرائيل، حيث تساءل البعض عما إذا كانت التعويضات تحمل في طياتها اعترافا إسرائيليا ضمنيا بالمسؤولية؟

وقال رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني خلال حديثه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس إن “القيادة الفلسطينية ستركز، على المدى القصير، على المساعدات الإنسانية بما في ذلك الأغذية والمياه، لكن التركيز سيتحول في نهاية المطاف إلى إعادة الإعمار”.

وأدت الحرب إلى نزوح أغلب سكان القطاع (عددهم 2.3 مليون نسمة) من منازلهم، ونزح بعضهم عدة مرات، وأحدثت أزمة إنسانية مع تناقص الأغذية والوقود والمستلزمات الطبية.

وقال مصطفى “إذا استمرت الحرب في قطاع غزة، فمن المرجح أن يودي الجوع بحياة أشخاص أكثر ممن قد يُقتلون في الحرب”.

وأفاد بأن الخطوات الأولى ينبغي أن تتمثل في إعادة الأغذية والأدوية والمياه والكهرباء إلى القطاع المحاصر.

المصدر: وكالات