جرجيس التونسية «تنتفض» احتجاجاً على غرق أبنائها في البحر

شل إضراب عام بلدة جرجيس جنوب تونس، اليوم، وخرج آلاف المحتجين للشوارع وسط تنامي الغضب، بعد فقدان أبنائهم في غرق مركب كان يقلهم أثناء محاولتهم الوصول لأوروبا، منددين بدفن جثث آخرين في مقبرة للمهاجرين دون تحديد هويات المدفونين فيها.
وبعد حالة الاحتقان والاحتجاجات التي شهدتها جرجيس على مدى أيام، دعا «اتحاد الشغل» المحلي إلى إضراب عام للضغط على السلطات لبذل كل ما في وسعها لكشف مصير المفقودين سريعاً، ومحاسبة المتورطين في دفن غرقى من أبنائهم دون تحديد هوياتهم.
ورفع المحتجون أيضاً شعارات تطالب بالتنمية، وتحسين أوضاع المنطقة، للحد من نزف الهجرة باتجاه سواحل أوروبا، في رحلات محفوفة بالمخاطر عبر قوارب متهالكة. كما رفعوا 18 نعشاً تجسيداً لعدد الغرقى في الحادثة، حاملين شعارات غاضبة؛ من بينها: «أولادنا قضية وليست مسرحية» و:«الشعب يريد أولادنا المفقودين». فيما أغلقت جميع المتاجر والمؤسسات الحكومية والخاصة أبوابها.
وقال الهادي الحميدي، رئيس «اتحاد الشغل» المحلي في جرجيس، إن انتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية «يعود إلى غياب التنمية وخلق فرص العمل»، ودعا السلطات إلى الاهتمام بالشباب، مؤكداً أن عمليات الهجرة تجاوزت العاطلين عن العمل إلى موظفي الدولة أيضاً.
وعلى أثر ذلك، كثف الرئيس قيس سعيد من الاجتماعات المتعلقة بملف الهجرة غير النظامية، في ظل ازدياد اتهام المواطنين للسلطات القائمة بالبطء في عمليات البحث عن المفقودين، وضعف مشروعات التنمية التي تمنع الشباب من المجازفة والمشاركة في «رحلات الموت»… حيث التقى نجلاء بودن رئيسة الحكومة، وليلى جفال وزيرة العدل، وتوفيق شرف الدين وزير الداخلية، ومراد سعيدان المدير العام للأمن الوطني، مؤكداً فتح تحقيق «ليعرف التونسيون الحقيقة كاملة، وليتحمل من كان وراء هذه الفواجع تبعات تقصيره، وحتى لا يفلت أحد من العقاب».
وقال الرئيس سعيد إن ظاهرة الهجرة غير النظامية «ما كان لها أن تتفاقم لولا الأسباب التي دفعت بالتونسيين والتونسيات للإلقاء بأنفسهم في عرض البحر، وما كان لها أن تتحول إلى ظاهرة إلا بسبب حيتان البر، الذين لا شغل لهم إلا التنكيل بالشعب، والقضاء على كل أمل في حياة كريمة في وطنهم»، مؤكداً تعميق البحث في حادثة غرق المركب بسواحل جرجيس، وفي غيرها من الحوادث، خصوصاً أن «العديد من القرائن أكدت تورط جهات بعينها في الاتجار بالبشر»، ومشدداً على أن وضع حد لهذه المآسي «لا يمكن أن يتم إلا في ظل مقاربة شاملة وطنية ودولية في الوقت نفسه».
في غضون ذلك، قال فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة التونسية للانتخابات، إن الهيئة تلقت خلال اليوم الأول من فتح أبواب الترشح 200 طلب لخوض غمار الانتخابات البرلمانية، المقررة يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وأوضح أن أعلى نسبة من الترشحات كانت في جهة سيدي بوزيد (مهد الثورة التونسية) بـ20 ترشحاً، وذلك بعد مرور نحو ساعة ونصف من فتح باب تقديم الترشحات.
وتوقع بوعسكر تخلي الرئيس عن نيته إدخال تعديل جديد على القانون المنظم للانتخابات البرلمانية المقبلة، قائلاً: «لا يوجد تنقيح جديد ولا وجود لمؤشرات لذلك»، موضحاً أن الهيئة تحبذ عدم المساس بالقانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية؛ على حد تعبيره.

المصدر: الشرق الأوسط