جريمة قرصنة “روابي”.. الحوثي في عين “الغضب الدولي”

 

طالب خبراء ومحللون يمنيون، الحكومة اليمنية بالانسحاب من اتفاق ستوكهولم، وضرورة غلق ميناء الحديدة اليمني، معتبرين أن ذلك يعرقل مكافحة القرصنة الحوثية ضد الملاحة البحرية.

ومنذ تعرض السفينة المدنية “روابي” التي تحمل علم دولة الإمارات، للاختطاف من قبل ميليشيات الحوثي قبالة مدينة الحديدة، لم تهدأ عاصفة الغضب والإدانات الدولية والعربية المطالبة بالإفراج الفوري عنها.

وأقدمت الميليشيات الإرهابية في 3 يناير الجاري، على السطو المسلح على السفينة المحملة بمعدات طبية لتشغيل المستشفى السعودي الميداني في جزيرة سقطرى، حيث كانت في رحلة لميناء جازان السعودي.

ودعا مجلس الأمن الدولي، الجمعة، بالإجماع، إلى “الإفراج الفوري عن السفينة الإماراتية التي قرصنها الحوثيون وعن طاقمها، مؤكدًا “أهمية حرية الملاحة في خليج عدن والبحر الأحمر وفق القانون الدولي”.

وفي هذا الإطار، رحبت دولة الإمارات بالبيان الدولي، وقالت البعثة الإماراتية للأمم المتحدة، في تغريدة عبر تويتر: “الإمارات ترحب ببيان مجلس الأمن بشأن اليمن”، مؤكدة أن جريمة الحوثي باختطاف السفينة تصعيد خطير يهدد سلامة الملاحة الدولية.

حمولة السفينة

والسفينة المدنية لم تكن الباخرة التجارية الأولى، فسبق للحوثي استهداف نحو 13 سفينة تجارية بالزوارق المفخخة والألغام، في أبشع انتهاك للقانون الدولي.

أما حمولتها فكانت مساعدات طبية للمستشفى الميداني بجزيرة سقطرى اليمنية، حيث تضم عربات إسعافات ومعدات طبية وأجهزة اتصالات وخيامًا ومطبخًا ميدانيًّا، بحسب التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.

وكانت “روابي” حين اختطافها تسير ضمن خط ملاحي دولي، في طريقها لميناء جازان السعودي، أما طاقمها فيتكون من 11 بحارا من جنسيات مختلفة، وهم: 7 من الهند، وواحد من كل من إثيوبيا وإندونيسيا وبورما والفلبين.

وذكرت مصادر يمنية أن الميليشيات أقدمت على تغيير حمولة السفينة من المعدات الطبية من خلال نقل أسلحة إليها لخداع الرأي العام العالمي.

وقدمت دولة الإمارات مساعدات إنسانية وتنموية لليمن تجاوزت الـ6 مليار دولار أميركي منذ عام 2015، شملت مشروعات تنموية وإغاثية لتأهيل المناطق اليمنية المحررة.

وتمثلت آخر تلك الأعمال، الخميس الماضي، بدخول فرق الهلال الأحمر الإماراتي على خط المعركة الإغاثية في شبوة اليمنية عقب إعلان تحريرها بالكامل، إذ دفع بقوافل المساعدات إلى مديرية عسيلان، وشرع في توزيع أكثر من 105 أطنان من المواد الغذائية.

كما تعمل السعودية من خلال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، على دعم قطاع الصحة في أرخبيل سقطرى بمشاريع نوعية، منها مشروع دعم مستشفى الأمومة والطفولة، والذي تم تجهيزه بالأجهزة المختبرية الحديثة وأجهزة العناية المركزة.

تفاصيل جريمة الحوثي

الجريمة الحوثية بقرصنة السفينة المدنية تعد انتهاكا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، ودليل “سان ريمو” بشأن القانون الدولي في النزاعات المسلحة في البحار واتفاقيات الأمم المتحدة للبحار، بحسب المراقبين.

وتمت عملية السطو الحوثية على السفينة روابي، مساء الأحد، قبل الماضي، عند الساعة 23:57، أثناء إبحارها على مسافة 25 ميلا بحريا غرب ميناءي صليف والحديدة اليمنييْن، بحسب التحالف العربي.

وتحتجز الميليشيات الحوثية طاقم السفينة بصورة غير مشروعة في ميناء صايغ، بعد اختطافها بالقوة، ووقف عمل “نظام التعريف بالهوية التلقائي”

أسماء المتورطين

ودربت إيران وحزب الله في لبنان، ميليشيات الحوثي على أعمال القرصنة ضد السفن وحركة الملاحة الدولية.

وفي هذا المنحى كشف التحالف العربي عن قائمة تضم 10 حوثيين متورطين في أعمال قرصنة السفن، آخرها السفينة “روابي”، حيث جاء على رأسهم الإرهابي المدرج على قائمة العقوبات الأميركي، منصور السعدي.

وتلقى السعدي، بحسب وزارة الخزانة الأميركية، في 3 مارس 2021، “تدريبا كاملا في إيران، وعلى يد حزب الله، وساهم في نقل أسلحة إيرانية إلى اليمن بصورة غير مشروعة، كما استهدف سفنا عسكرية ومدنية بالبحر الأحمر”.

عسكرة الموانئ وزيارة أممية

لم تتوقف جرائم الحوثيين عند حد قرصنة السفن وتهديد الملاحة الدولية، بل امتدت إلى عسكرة الموانئ اليمنية، فبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “أونمها” اتهمت الانقلابيين باستخدام موانئ محافظة الحديدة للأغراض العسكرية.

وقالت مؤخرا، في بيان، إنها تلاحظ “بقلقٍ بالغ” ما يتعلق باستخدام موانئ الحديدة لأغراض عسكرية، مطالبة بضرورة تفتيش الموانئ، كجزء من مهام تفويضها.

أما فريق البعثة التابع للأمم المتحدة باليمن، فزار الأربعاء الماضي، ميناء الصليف اليمني، وشاهد السفينة المقرصنة “روابي”.

وهنا يقول المحلل اليمني عبد الستار سيف الشميري، رئيس مركز جهود للدراسات باليمن، في تصريحات خاصة لموقع سكاي نيوز عربية: “الميليشيات استخدمت ميناء الحديدة كقاعدة عسكرية لإطلاق عملياتها بالبحر الأحمر، وحولت ميناءي رأس عيسى والصليف لقواعد تدريب لقراصنتها، مشددًا على ضرورة تحرك دولي لإغلاق ميناء الحديدة وإخراج الحوثيين”.

ويضيف أن جرائم الحوثي بالبحر الأحمر هي أعمال قرصنة بالدرجة الأولى طبقًا للقانون الدولي في مواده 3 و115 و102، مؤكدًا أن “الأمر لم يعد يخص الحكومة اليمنية أو التحالف العربي بمفردهما بل يتطلب تدخلًا دوليّا لمكافحة تلك الظاهرة”.

وبحسب المحلل اليمني، فإن “الحوثيين يمتلكون منظومة اتصالات بحرية مرتبطة بسفن إيرانية في قلب البحر الأحمر، وهي سفن مهمتها تزويدهم بالمعلومات عن طرق الملاحة وعبور السفن عبر مضيق باب المندب، كما تدربهم على اختطاف السفن وتعطيل الملاحة الدولية”.

أزمة اتفاق ستوكهولم

وعمدت المليشيات إلى الالتفاف على اتفاق الحديدة أو ستوكهولم كذريعة لعسكرة موانئ اليمن، وقامت بتحويلها إلى قواعد حربية تهدد الملاحة بالبحر الأحمر.

وتم الاتفاق الذي يقضي بانسحاب الميليشيات من مدينة وميناء الحديدة خلال 14 يوما، ومن موانئ الصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء، برعاية الأمم المتحدة في 13 ديسمبر 2018.

وتخلى الانقلابيون عن التزاماتهم ووسعوا من هجماتهم البحرية وعمليات القرصنة التي تنطلق من الحديدة، وكان آخرها جريمة “روابي”.

وفي هذا الإطار، عاد المحلل اليمني عبد الستار الشميري، مؤكدا أن “انسحاب حكومة اليمن من اتفاق ستوكهولم بات ضرورة ملحة، كونه منح الحوثيين الفرصة لإطلاق مئات الزوارق الحربية لاستهداف الملاحة”.

أما المحلل السياسي اليمني عبد السلام القيسي، فيقول لـسكاي نيوز عربية، إن ميليشيات الحوثي تنشط في ساحل البحر الأحمر، بتنسيق بل ودعم بحري وبحماية السفن الإيرانية.

وأكد أن القرصنة الحوثية للسفن التجارية لا تستهدف دول التحالف العربي فقط بل الدول الكبرى، وتستهدف الاقتصاد العالمي، معتبرا أن “اختطاف السفينة روابي التجارية مجرد قياس لنبض تلك الدول”.

المصدر: سكاي نيوز عربية