حبس مسؤولَين بالبعثة الدبلوماسية الليبية بقطر بتهمة «التربح»

أمر النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، بحبس مسؤولين اثنين تابعين للبعثة الدبلوماسية للبلاد بقطر احتياطياً على ذمة التحقيق لاتهامهما بـ«إساءة وظيفتيهما وتحصيل عشرات الآلاف من النقد الأجنبي لأنفسهما ولغيرهما». يأتي ذلك تزامناً مع رد وزارة الخارجية التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة، على تقرير ديوان المحاسبة الذي تحدث عن وجود «تجاوزات مالية» في طريقة إنفاقها.
وقال النائب العام الليبي في بيان مساء أمس، إن «رئيس النيابة العامة تولى مباشرة إجراءات التحقيق في التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة، وذلك استكمالاً لعمليات التصدي لجرائم الفساد وملاحقة مرتكبيها»، مشيراً إلى أن التقرير، الذي تسلم نسخة منه، «تضمن نتائج مبنية على فحص وتدقيق دللت على انحراف عن الوجهة الصحيحة في سلوك المراقب المالي للبعثة الليبية بقطر، وسلفه».
وأضاف النائب العام، أنه أمر بإجراء تدابير التحقيق الابتدائي في «وقائع التعدي على حرمة المال العام ممن عهدت إليهم سلطة ضبط تنفيذ وطريقة إنفاقه بالبعثة الليبية لدى دولة قطر».
وفيما أكد النائب العام على أن «إجراءات التحقيق كشفت عن تعمد المتهميْن إساءة استعمال سلطاتهما الوظيفة لغرض تحصيل عشرات الآلاف من النقد الأجنبي لأنفسهما ولغيرهما»، شدد على «قيام الدليل الكافي على صحة إسناد وقائع الفساد إلى المتهميْن، وإثبات عناصر جرائم الإضرار بالمال العام والحصول على منافع مادية غير مشروعة بمخالفة التشريعات الضابطة لأوجه صرف المال العام».
وانتهى رئيس النيابة بمكتب النائب العام إلى الأمر بحبس المراقب المالي للبعثة الليبية بقطر، الحالي والسابق، احتياطياً على ذمة التحقيق.
وخلال العام الجاري، حققت النيابة العامة الليبية في جرائم عدة تتعلق بالتعدي على المال العام، في عموم ليبيا، ومن جانب البعثات الدبلوماسية بالخارج. وفي يوليو (تموز) الماضي، أمر بحبس سفير ليبيا لدى إيطاليا، عمر الترهوني، احتياطياً، لاتهامه بـ«تعمد إلحاق الضرر بالمال العام، وتحقيق كسب مالي غير مشروع وصل إليه من خلال أعمال وظيفته».
وفي أحدث اتهام يتعلق بالتعدي على المال العام أيضاً، أمر النائب العام مساء أمس، بحبس ثلاثة رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية لليبيا في أوكرانيا، في إطار التدابير الرامية إلى ملاحقة المعتدين على حرمة الأموال العامة المعتمدة لتسيير أعمال البعثة.
وأوضح النائب العام، أن رئيس النيابة بحث الوقائع المنسوبة إلى رؤساء البعثة الثلاثة الذين تولوا وظيفتهم بين عامي 2012 و2019، بغية «التصدي لوقائع الفساد التي تضمنتها تقارير فحص ومراجعة العمل الإداري والمالي للبعثة».
وأشار النائب العام إلى أن التحقيقات أظهرت «وجود سلوك مؤثم شاب تصرفات الرؤساء السابقين الثلاثة للبعثة، وبعض معاونيهم»، من بين ذلك «التعدي على مخصصات تقديم الخدمة الطبية، والإيفاد للدراسة في الدولة المعتمد لديها، وغيرهما من المخصصات، وذلك بتحديد أوجه التصرف في قيمتها على غير الوجهة التي قُصِدَ من خلالها تحقيق مصلحة عامة».
واستكملت النيابة العامة، أن هذا التعدي ترتب عليه «الإضرار بمستحقي الخدمة، ممن أوجب القانون على البعثة رعايتهم، وإلحاق ضرر جسيم بالمال العام، وتحصيل مئات الآلاف من النقد الأجنبي لأنفسهم ولغيرهم بالمخالفة للتشريعات الناظمة للعمل المالي، وضوابط صيانة المال العام».
ونوهت النيابة العامة، إلى أنه «بعد انقضاء التحقيقات، واستجواب رؤساء البعثة الثلاثة، ومواجهتهم بالأدلة القائمة قبلهم، انتهى إلى الأمر بحبسهم احتياطياً».
وسبق لديوان المحاسبة الليبي، برئاسة خالد شكشك، الكشف عن «تجاوزات مالية واسعة»، بعضها تورطت فيه جهات حكومية ومسؤولون سياسيون، تتعلق بالإنفاق على شراء سيارات، واستئجار طائرات خاصة، بالإضافة إلى حجوزات فندقية لأشخاص ليست لهم صفة وظيفية بالمجلس، لافتاً إلى ارتفاع الرواتب السنوية للدبلوماسيين العاملين في السفارات الليبية خلال عام واحد بما يزيد على نصف مليار دولار.
وردت وزارة الخارجية على جملة الملاحظات الواردة في تقرير ديوان المحاسبة، فيما يتعلق باتهامها بإهدار المال العام في توظيف ليبيين بالسفارات، وشراء الأطعمة، وزيادة الرواتب، مفندة في بيان رسمي، «أي تجاوز يتعلق بكيفية إنفاق ميزانيتها».
وفيما يتعلق بقيامها بإيداع وديعة تقدر بخمسة ملايين دينار مخصصة لـ«العمل السياسي»، ردت الوزارة، قائلة، إنه تمت إحالة هذا المبلغ إلى السفارة الليبية في النمسا كوديعة لمجلس الوزراء بناء على القرار الصادر عنه العام الماضي، على أن تصرف بمعرفته.
وبشأن ارتفاع الإنفاق على مؤتمر دولي عقد في العاصمة طرابلس العام الماضي، تحت اسم «استقرار ليبيا»، قالت الوزارة إنها أنفقت 15 مليون دينار لإنجاح المؤتمر باعتماد من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، تنوعت ما بين نفقات السفر والمبيت، وإيجار المباني ومصروفات الشحن والنقل والتأمين، والتجهيزات والأثاث، بالإضافة إلى الإعاشة والإقامة للعاملين بالمؤتمر.

المصدر: الشرق الأوسط