روسيا تحذر مجدداً من «استفزاز نووي» أوكراني… وزيلينسكي يطلب انسحابها من زابوريجيا

جددت موسكو التحذير من «استفزاز أوكراني» يستهدف محطة زابوريجيا النووية، وانتقدت «صمت الغرب» عن عمليات القصف التي استهدفت المحطة «من جانب أوكرانيا»، ورأت أنه يعدّ «تشجيعاً» لكييف.

إلا إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، من جهته، جدد دعوة موسكو إلى إعادة المحطة المحاصرة فوراً إلى السيطرة الأوكرانية الكاملة.

وقال على «تلغرام»: «يجب على الجيش الروسي الانسحاب من أراضي محطة الطاقة النووية وجميع المناطق المجاورة، وسحب معداته العسكرية من المحطة. يجب أن يحدث هذا من دون أي شروط وفي أقرب وقت ممكن».

وأضاف أن دبلوماسيين وعلماء أوكرانيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية يعملون على إرسال بعثة من الوكالة إلى محطة الطاقة المحاصرة. وتابع: «فقط الشفافية المطلقة والوضع المسيطر عليه في (محطة زابوريجيا للطاقة النووية) وحولها يمكن أن يضمنا العودة التدريجية إلى السلامة النووية الطبيعية للدولة الأوكرانية والمجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وفي موسكو، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن كييف تعد لتنفيذ «استفزاز صارخ» يستهدف المحطة النووية في زابوريجيا خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لأوكرانيا. وأضافت أن «هذا ليس مجرد استفزاز، هذا ما نسميه الابتزاز النووي… استفزاز حول منشأة نووية لفترة طويلة، تهديد مباشر للطاقة النووية… هذا بالتأكيد عمل ابتزاز نووي».

وأشارت إلى أن «السلطات الأوكرانية بهذه الطريقة لا تبتز دولة واحدة أو وحدة سياسية معينة؛ بل تبتز القارة الأوروبية بأكملها التي غدت رهينة».

وتزامن ذلك مع تحذير مماثل أطلقته وزارة الدفاع الروسية التي نبهت إلى أن «الإشعاع الذي قد ينجم عن أي استفزاز عسكري في المحطة يمكن أن ينتشر ليغطي الدول الاسكندينافية».

وأفاد رئيس «قوات الحماية من الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية» التابعة للقوات المسلحة الروسية، إيغور كيريلوف، بأنه «يكفي أن ينطلق ربع مكونات مفاعل واحد فقط من محطة زابوريجيا لتغطي إشعاعاته جزءاً كبيراً من القارة الأوروبية». وقدم كيريلوف أمام الصحافيين خريطة بمدى الانتشار المتوقع للمواد المشعة في حال إطلاقها من محطة الطاقة النووية.

وكان الناطق العسكري الروسي، إيغور كوناشينكوف، قال في إيجاز صباحي الخميس، إن تدريبات تجرى بشكل مكثف لـ«لواء الدفاع الإقليمي رقم 108» و«لواء المدفعية رقم 44» والوحدات العسكرية المتمركزة في منطقة زابوريجيا التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، على الإجراءات في ظروف التلوث الإشعاعي للمنطقة، ورأى أن «هذا يثبت تخطيط القوات المسلحة الأوكرانية لشن ضربات بالمدفعية على أراضي المحطة من مواقع إطلاق النار الموجودة في مدينة نيكوبول، لإلقاء اللوم على القوات الروسية».

وقالت الوزارة في بيان: «القوات الروسية ليست لديها أسلحة ثقيلة سواء على أراضي المحطة أو في المناطق المحيطة بها. هناك وحدات حراسة فقط». واللافت أن لهجة التحذيرات الروسية تصاعدت مع وصول غوتيريش برفقة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مدينة لفيف غرب أوكرانيا حيث التقى الطرفان الخميس الرئيس زيلينسكي.

وكانت وتيرة الاستياء الروسي تصاعدت خلال اليومين الماضيين من تحركات الأمم المتحدة في ملف المحطة النووية. وبعد توجيه موسكو انتقادات إلى المنظمة الأممية، واتهامها بأنها عرقلت وصول موظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنطقة، شددت وزارة الخارجية الروسية على أن مسار تحرك الموظفين الدوليين يجب أن يكون موضع «مفاوضات» مع الجانب الروسي، وشككت في قدرة كييف على ضمان أمنهم إذا عبروا إلى المنطقة من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية.

وأكدت الخارجية الروسية أن «كييف لا يمكنها ضمان سلامة موظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن قرروا الوصول إلى المحطة النووية عبر مناطق سيطرة القوات الأوكرانية». كما طالبت بعثة روسيا الدائمة لدى المنظمات الدولية في فيينا الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة بـ«إدانة قصف سلطات كييف المستمر محطة زابوريجيا النووية».

وقالت الناطقة باسم «الخارجية» إنها «لا تفهم» كيف يتم ترتيب زيارة للأمين العام للأمم المتحدة إلى أوكرانيا بينما تعجز المنظمة الأمنية عن إعطاء التسهيلات اللازمة لضمان وصول مراقبي الوكالة الدولية إلى منطقة زابوريجيا. في الوقت ذاته، انتقدت «الخارجية الروسية» دولاً غربية قالت إنها «تشجع كييف على مواصلة قصف محطة الطاقة النووية وذلك عبر استمرار إمدادها بالسلاح».

وقال إيغور فيشنفيتسكي، نائب مدير «إدارة حظر الانتشار النووي والسيطرة على الأسلحة» في الوزارة، إنه «من دواعي القلق الشديد أن يتلقى (الجانب الأوكراني) الدعم في هذا الشأن، وهذا يعني تشجيع المعتدي على مواصلة هذه الأعمال غير المسؤولة. وهذا يمكن أن ينتهي بكارثة».

على صعيد آخر؛ أعلن رئيس «مركز مراقبة الدفاع الوطني» التابع لوزارة الدفاع، ميخائيل ميزينتسيف، أن الجيش الأوكراني «يخطط لتفجير جسر في مدينة سومي شرق أوكرانيا واتهام القوات الروسية بتوجيه ضربات عشوائية للبنى التحتية».

وقال إن لدى موسكو «معلومات على درجة عالية من الدقة تفيد بأنه قرب الحي السكني ستارويه سيلو في مدينة سومي، قامت وحدات من القوات الأوكرانية بتلغيم الجسر الواقع فوق نهر بسول والطرق المؤدية إليه، وكذلك جوانب الطريق السريعة المجاورة، في حين أن السكان لم يتم تحذيرهم عن قصد».

ولفت إلى أن القوات الأوكرانية «تخطط لاتهام روسيا بتوجيه ضربات عشوائية، ونشر هذا العمل الاستفزازي على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام الأوكرانية والغربية».

* فصف وضحايا

ميدانياً؛ أعلنت كييف عن مقتل 4 أشخاص وجرح أكثر من 20 آخرين في قصف روسي في ساعة مبكرة الخميس على منطقة خاركيف في شمال شرقي أوكرانيا.

وقال الحاكم أوليغ سينيغوبوف إن القوات الروسية أطلقت 8 صواريخ من أراض روسية أصابت الأحياء الغربية والشمالية من المدينة. وأوضح أنه في حي سلوبيدسكي الجنوبي «أصاب أحد الصواريخ مهجعاً من 4 طوابق، ودُمر المبنى جزئياً».

وفي حصيلة أولية؛ قضى شخصان وأصيب 18 بجروح بينهم طفلان. وشاهد مراسلون أجانب في الموقع هياكل مبان متفحمة وحطام عربات مدمرة.

وبشكل منفصل؛ قال سينيغوبوف إن الهجمات الصاروخية الروسية على بلدة كراسنوغراد على مسافة نحو 100 كيلومتر جنوب غربي خاركيف دمرت مباني سكنية عدة في ضربات أسفرت عن مقتل مدنيين اثنين وإصابة اثنين أحدهما فتى يبلغ من العمر 12 عاماً.

وحاولت القوات الروسية الاستيلاء على خاركيف في بداية هجومها على أوكرانيا، لكن جرى صدها، وتقوم منذ ذلك الحين بقصف معظم المناطق السكنية في شمال المدينة، في حين تقول موسكو إن أوكرانيا تخزن معدات عسكرية بالقرب من بنى تحتية مدنية.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إصابة قاعدة مؤقتة لتمركز «المقاتلين» الأجانب في مدينة خاركيف «ما أسفر عن مقتل أكثر من 90 مرتزقاً».

بدورها؛ أعلنت السلطات الانفصالية في دونيتسك أنها نجحت في إحراز تقدم «استراتيجي بالسيطرة على مرتفع مهم في منطقة افدييفكا كانت القوات الأوكرانية تستخدمه موقع مراقبة ونقطة إطلاق نار». كما أعلن الناطق العسكري الروسي أن قوات المدفعية «وجهت ضربات مركزة إلى نقاط تمركز القوات الأوكرانية في دونيتسك أسفرت عن مقتل أكثر من 250 منهم».

وفي خيرسون أيضاً، قال الناطق العسكري إن «أكثر من 80 عنصراً من العناصر الأوكرانية القومية المتطرفة قتلوا، وأصيب أكثر من 50 آخرين جراء الضربات الروسية لنقاط تمركز الأفراد والمعدات العسكرية لـ(الكتيبة 18) من (اللواء 35 بحري) التابع للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقتي بيلايا كرينيتسا وفيليكويه أرتاكوفو».

المصدر: الشرق الأوسط