طهران تتحدث عن «اتفاق جاهز» لتبادل السجناء وتلقي الكرة في الملعب الأميركي

 

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن إنجاز صفقة لتبادل السجناء بات في ملعب واشنطن، مشدداً على أنها تنتظر مشكلات «فنية»، تعود إلى الطرف الأميركي، وذلك في وقت ذكرت فيه مصادر إيرانية أن مباحثات كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، ركزت على 3 قضايا أساسية؛ الملف النووي الإيراني، وتبادل السجناء، بالإضافة إلى الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة.
وقال خلال مؤتمر صحافي إن بلاده مستعدة لتبادل الأسرى مع الولايات المتحدة، متحدثاً عن توقيع الطرفين على اتفاق مكتوب في مارس (آذار) الماضي، في إشارة إلى جولة المفاوضات الأخيرة التي جرت في فيينا، قبل أن يتعثر المسار الدبلوماسي.
وحاول كنعاني إزالة اللبس الذي أثارته تصريحات وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، بعدما قال للتلفزيون الحكومي الأحد: ««توصلنا إلى اتفاق في الأيام الأخيرة فيما يتعلق بقضية تبادل سجناء بين إيران والولايات المتحدة». وزاد: «إذا سارت الأمور على ما يرام من الجانب الأميركي، فأعتقد أننا سنشهد تبادلاً للسجناء خلال فترة وجيزة… من ناحيتنا؛ كل شيء جاهز، في حين تعمل الولايات المتحدة حالياً على التنسيق الفني النهائي».
وسارع مسؤولون أميركيون إلى نفي أقوال عبد اللهيان. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: «مزاعم المسؤولين الإيرانيين عن توصلنا إلى اتفاق للإفراج عن المواطنين الأميركيين المحتجزين بطريق الخطأ لدى إيران؛ كاذبة».
من جهته؛ وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، تصريحات وزير الخارجية الإيراني بالتوصل إلى اتفاق، بأنها «كذبة بشعة أخرى تزيد من معاناة أسرهم (السجناء)». وأضاف: «نعمل بلا كلل لتأمين الإفراج عن الأميركيين الثلاثة المعتقلين من دون وجه حق في إيران».
ونقلت «رويترز» عن «مصدر مطلع» على المحادثات أن تبادل السجناء «صار أقرب مما كان عليه في أي وقت مضى»، لكن إحدى النقاط العالقة المتبقية مرتبطة بـ7 مليارات دولار من أموال النفط الإيرانية المجمدة بموجب العقوبات الأميركية في كوريا الجنوبية.
وقال المصدر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المفاوضات: «الجوانب اللوجيستية لكيفية تبادل هذه الأموال وكيفية توفير الرقابة لم يتم حلها». وأضاف أن قطر وسويسرا تشاركان في محادثات تبادل السجناء.
بدورها؛ قالت مصادر إيرانية لـ«رويترز» إن دولتين بالمنطقة تشاركان في المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن.
تزامن هذا التأكيد الإيراني والإنكار الأميركي مع إعلان إيراني – عماني عن مباحثات ثنائية يمثل فيها طهران كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني. وسلطت مواقع إخبارية إيرانية الضوء على غياب باقري كني عن مناسبتين في الأسبوع الماضي؛ أولاها غيابه عن مباحثات جرت مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي. والأخرى المفاوضات الإيرانية – السعودية في بكين التي انتهت بإعلان استئناف العلاقات بين البلدين. ورداً على ذلك؛ كانت مصادر حكومية قد ذكرت، الجمعة، أن باقري كني يجري مفاوضات في دولة أجنبية مرتبطة بالاتفاق النووي.
والسبت؛ كتب عضو الفريق الإعلامي للحكومة الإيرانية، علي رضا سليماني، على «توتير» أنه «بموازاة التفاوض مع الصين والسعودية، تجري عمان وقطر مشاورات لتبادل السجناء ورفع العقوبات»، وأوصى من يتحدثون عن إقالة باقري كني بـ«توخي الحذر في تصريحاتهم لكيلا يفاجأوا».
ونقلت صحيفة «قدس» المقربة من مكتب المرشد الإيراني، عن مصدر مطلع قوله إن مباحثات باقري كني تمحورت حول 3 أولويات، مشدداً على أن هناك «احتمالات كبيرة للتوصل إلى نتائج». ووفق المسؤول؛ فإن القضايا الأساسية تتصدرها مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، على ضوء التفاهم الذي توصلت إليه إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن القضايا العالقة.
أما المحور الثاني؛ فقد أشار المصدر بخصوصه إلى قضية تبادل السجناء. وقال: «يسعى المسؤولون الأميركيون إلى إقناع الطرف الإيراني عبر مسقط، لكن مسؤولي الجمهورية الإيرانية یتفاوضون بتنبه ويقظة بشأن هذه القضية». وأضاف: «يجب على الأميركيين أن يدفعوا مقابل ما يريدون. عليهم أن يعرفوا أن الكرة في ملعبهم». وتابع: «لن نتعامل مع الوعود. يجب على الطرف الآخر اتخاذ إجراءات عملية وإيجابية، خصوصاً في الرد على حسن النيات واللعبة المنطقية للجمهورية الإسلامية لحفظ مصالح الشعب الإيراني». وقال: «ستحرك طهران أوراقها في اللعبة رداً على إجراءاتهم البناءة».
وفي المحور الثالث؛ أشار المصدر الإيراني ضمناً إلى الإشكالية التي تواجه طهران في نقل الأصول المجمدة في ظل العقوبات على منظومتها المالية وحرمانها من التعامل بالدولار. وقال المسؤول: «بعد الانتهاء من قضية تبادل السجناء؛ على الجانب الغربي والأميركي أن يظهر إرادته لإزالة العقبات ورفع الحجز عن الأموال الإيرانية في الخارج، لكي تنقل هذه الأموال بشكل مباشر ومن دون عرقلة إلى البلد».
ومن بين الأميركيين المحتجزين في إيران؛ سياماك نمازي، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية، وصدر في عام 2016 حكم بسجنه 10 سنوات بتهمة التجسس والتعاون مع الحكومة الأميركية.
وفي مقابلة غير مسبوقة مع شبكة «سي إن إن» من زنزانته بسجن إيفين في طهران، وجه نمازي نداءً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن «لكي يعطي الإفراج عن أبرياء أميركيين أولوية على السياسة».
ومن بين المعتقلين عماد شرقي، وهو رجل أعمال إيراني – أميركي اعتُقل أول مرة عام 2018 عندما كان يعمل في شركة استثمار تكنولوجي، وهو مسجون أيضاً في إيران، وكذلك عالم البيئة الإيراني – الأميركي مراد طهباز الذي يحمل أيضاً الجنسية البريطانية.
وتسعى طهران منذ سنوات إلى الإفراج عن أكثر من 12 إيرانياً محتجزين في الولايات المتحدة، بينهم 7 إيرانيين – أميركيين، وإيرانيان يحملان إقامة دائمة في الولايات المتحدة، و4 إيرانيين ليس لديهم وضع قانوني في الولايات المتحدة.
ويتهم نشطاء حقوقيون طهران بإلقاء القبض عليهم في محاولة لانتزاع تنازلات من دول أخرى. واتهمت دول غربية طهران في قضية احتجاز عشرات من الإيرانيين مزدوجي الجنسية ومن الأجانب، بممارسة «دبلوماسية الرهائن» وهو ما ينفيه المسؤولون الإيرانيون.

المصدر: الشرق الأوسط