عدة دول تواصل إجلاء رعاياها من السودان وفرنسا تغلق سفارتها حتى إشعار آخر

هرعت عدة بلدان لإجلاء رعاياها من السودان على خلفية العنف الذي تشهده الخرطوم ومدن أخرى منذ 15 نيسان/ أبريل الجاري. وأفاد مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل تمكن من إجلاء ألف من رعاياه من السودان. فيما قامت عدة دول عربية مب بينها مصر والسعودية والأردن بإجلاء مواطنيها أيضا. من جهتها أعلنت فرنسا إغلاق سفارتها في الخرطوم حتى إشعار آخر.

مع اقتراب بلوغ المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع يومها العاشر، تواصلت الاثنين عمليات إجلاء الرعايا والدبلوماسيين الأجانب من السودان، في غياب أي أفق لإنهاء الاشتباكات.

ومع استمرار أزيز الرصاص ودوي الانفجارات في الخرطوم ومدن أخرى، تمكنت عواصم غربية وإقليمية من فتح مسارات آمنة لإخراج الرعايا الأجانب بضمان الطرفين المتصارعين، أي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

من جانبها أعلنت فرنسا الاثنين إغلاق سفارتها في السودان. وستُغلق البعثة الفرنسية في الخرطوم “حتى إشعار آخر” وفق وزارة الخارجية ولن تكون بعد الآن نقطة لتجمع الأجانب الساعين لمغادرة السودان.

وتسببت المعارك التي اندلعت اعتبارا من 15 نيسان/أبريل، في مقتل أكثر من 420 شخصا وإصابة نحو أربعة آلاف، ووضعت نظام الرعاية الصحية تحت ضغط هائل للتعامل مع حصيلة متزايدة للضحايا.

وأفاد مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل تمكّن من إجلاء ألف من رعاياه من السودان.

وصرح قائلا لصحافيين الاثنين “كانت عملية معقدة وناجحة”، مؤكدا أن 21 دبلوماسيا من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم أخرجوا فيما غادر سفير الاتحاد الأوروبي الخرطوم، وانتقل إلى منطقة أخرى من السودان.

ووجه بوريل الشكر إلى فرنسا التي تقود منذ الأحد عمليات إجلاء جوية إلى جيبوتي باستخدام طائرات عسكرية.

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الاثنين أنها أجلت إلى الآن نحو 400 من رعاياها وحملة جنسيات أخرى.

وتضمن بيان أن “هذه الرحلات سمحت بإجلاء 388 شخصا بينهم مواطنون فرنسيون أعربوا عن رغبتهم بذلك، فضلا عن عدد كبير من رعايا دول أخرى، أوروبيون خصوصا فضلا عن أفارقة ومن القارة الأمريكية وآسيا”.

وحمل الذين تم إجلاؤهم جنسيات كل من ألمانيا والنمسا والدانمارك وفنلندا واليونان والمجر والمملكة المتحدة والسويد وسويسرا وجنوب أفريقيا وبوروندي وإثيوبيا وليسوتو والمغرب وناميبيا والنيجر وأوغندا ورواندا، فضلا عن السودان والولايات المتحدة وكندا والهند واليابان والفيليبين.

وشهدت عطلة نهاية الأسبوع تسارعا في عمليات الإجلاء، ونفذتها دول عدة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.

من جهتها أكدت لندن على لسان متحدث باسم الحكومة، أن قواتها المسلحة “استفادت من نافذة فرصة ضيقة” لانجاز الإجلاء.

مصر والسعودية الأبرز عربيا

ولفت المتحدث إلى أنه “في ظل تواصل الاشتباكات العنيفة في الخرطوم وإغلاق مطارها الرئيسي” بسبب ذلك منذ اليوم الأول لاندلاع المعارك، “يستحيل تنظيم عملية إجلاء أكبر” في الوقت الراهن.

وكانت مصر والسعودية الأبرز عربيا على صعيد عمليات الإجلاء.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية ليل الأحد “إجلاء 436 مواطنا من السودان” عن طريق الحدود البرية بين البلدين، في حين كانت الرياض أعلنت السبت إجلاء أكثر من 100 من السعوديين ورعايا دول أخرى بحرا إلى جدة، بعد انتقالهم برا إلى مدينة بورتسودان في شرق السودان.

وأعلن الأردن السبت بدء إجلاء نحو 300 أردني، وأكدت بغداد إجلاء 14 عراقيا “إلى موقع آمن في منطقة بورتسودان” وتواصل الجهود لإجلاء آخرين.

وأعلنت وزارة الخارجية اللبنانية الاثنين إجلاء 52 شخصا من بورتسودان إلى جدة على متن سفينة تابعة للبحرية السعودية. كما خرج من السودان 105 ليبيين بالطريقة ذاتها، وفق ما أكدت وزارة خارجية بلادهم الاثنين.

وغالبية من تم إجلاؤهم من الأجانب هم من الطواقم الدبلوماسية، بينما ينتظر العديد من المدنيين دورهم للإجلاء جوا، ضمن قوافل من الحافلات والسيارات الرباعية الدفع التي تنتقل بمواكبة أمنية من الخرطوم نحو قواعد عسكرية خارجها، أو الى مدينة بورتسودان.

خوف على المستقبل

وتشكل جيبوتي محطة أساسية لعمليات الإجلاء الجوي، حيث تحط فيها طائرات عسكرية تنقل المدنيين من السودان.

وباتت هذه الدولة المطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تستضيف العديد من القوات العسكرية الأجنبية التي يقوم أفرادها بتنظيم عمليات الوصول لعشرات من العائلات المنهكة.

ومنذ تسارع عمليات الإجلاء خلال نهاية الأسبوع، يثير مسؤولون ومحللون مخاوف متنامية حيال مصير السودانيين وسط خشية من احتدام المعارك مجددا متى انتهى إخراج الرعايا الراغبين بذلك.

وكتب السفير النرويجي أندريه ستيانسن “أنا خائف على مستقبلهم”. مضيفا أنه “الآن، الأسلحة والمصالح الشخصية هي أكبر أهمية من القيم والكلمات… كل السيناريوهات سيئة”.

وباتت مغادرة الخرطوم هاجسا يؤرق سكانها البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي ونقص المواد التموينية والمياه.

إلا أن المغادرة ليست سهلة خصوصا في ظل الحاجة إلى كميات كبيرة من الوقود لقطع المسافة نحو الحدود المصرية شمالا (زهاء ألف كيلومتر)، أو بلوغ بورتسودان (850 كيلومترا إلى الشرق) على أمل الانتقال منها بحرا لدولة أخرى.

وبات الوقود عملة نادرة ومكلفة في الخرطوم التي كانت تعاني أصلا من تضخم كبير يطال معظم المواد الأساسية.

وحذرت الأمم المتحدة من أنه “في حين يفر الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف على الوضع الإنساني الحرج أساسا في السودان”.

واضطرت الكثير من وكالات المنظمة الدولية لتعليق نشاطها في السودان.

سرقة مواد غذائية

وكان دقلو والبرهان حليفين عندما نفذا انقلابا في 2021 أطاحا خلاله بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة معهم، من الحكم، وذلك بعد عامين من الإطاحة بنظام عمر البشير.

لكن الخلافات والصراع على السلطة ما لبثت أن بدأت بينهما.

وتشكلت قوات الدعم في دارفور لمساندة قوات البشير في النزاع الذي شهده الإقليم الغربي مطلع الألفية الثالثة.

وفي ظل صعوبة الوصول إلى الإقليم الذي يعد من أفقر مناطق السودان، أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن “10 مركبات وست شاحنات أغذية تعرّضت للسرقة” في الإقليم.

وقدر البرنامج حجم المعونات الغذائية المنهوبة بزهاء “أربع آلاف متر مكعب”.

المصدر: فرانس 24