فرنسا: صدامات في اليوم العاشر من التعبئة ضد إصلاح نظام التقاعد والحوار في طريق مسدود

تخللت الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن فرنسية الثلاثاء صدامات بين قوات الأمن والمتظاهرين المعارضين لإصلاح نظام التقاعد الذي ينص خصوصاً على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما. ويأتي ذلك فيما وصل الحوار بين حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون والنقابات إلى طريق مسدود، حيث حذرت من تحول الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية خارجة عن السيطرة، لا تنوي التراجع.

سجل اليوم العاشر من المظاهرات ضد إصلاح نظام التقاعد في فرنسا الثلاثاء صدامات بين الشرطة ومئات المحتجين، في ظل تصاعد التوتر في البلاد مع وصول الحوار بين حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون والنقابات إلى طريق مسدود.

وفي شوارع باريس، تدخلت قوات الأمن لتفريق مجموعة ممن المخربين بعد أن اقتحموا متجر بقالة وأضرموا النار في حاوية قمامة قبيل وصول المسيرة الاحتجاجية الرئيسية إلى ساحة “لا ناسيون”. وقالت الشرطة إنها اعتقلت 22 شخصا.

من جهته ذكر مقر شرطة باريس أن قوات الأمن أطلقت القنابل المسيلة للدموع لـ”تفريق المظاهرة” والسماح “لفرق الإطفاء بالتدخل” و”تسهيل تقدّم المسيرة”.

للمزيد: “هل يتحتم علينا الموت في مواقع عملنا؟”… سكان مونتارجيس الفرنسية يتظاهرون ضد إصلاح نظام التقاعد

فيما شهدت مدينة نانت (غرب) اشتباكات بين المتظاهرون وقوات أمنية بعد ظهر الثلاثاء وأضرمت النار في أحد فروع مصرف واستهدفت المحكمة الإدارية وكذلك في مدينة رين (غرب) حيث وقعت عمليات تخريب.

ويأتي ذلك في سياق تفاقم الاحتجاجات ضد التعديل الذي طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وينص خصوصا على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، منذ تبنت الحكومة النص دون تصويت في الجمعية العامة، فيما لم تؤد اقتراحات بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة.

ومذاك الحين، شهدت المظاهرات أعمال عنف متزايدة وأُصيب خلالها عناصر في الشرطة والدرك ومثيرو الشغب ومتظاهرون وأُحرقت مبان عامة.

وقبل بدء الاحتجاجات أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان الثلاثاء نشر “13 ألف شرطي بينهم 5500 في باريس”، في تعزيزات “غير مسبوقة”.

وواجهت قوات الأمن تعبئة تراجعت بنسبة 20 إلى 40% وفقا للمدن. وفي العاصمة أعلنت نقابة “سي جي تي” CGT عن مشاركة 450 ألف متظاهر مقابل 800 ألف في 23 آذار/مارس. من جهتها ذكرت الشرطة أن نحو 740 ألف متظاهر نزلوا الثلاثاء إلى الشارع في فرنسا بينهم 93 ألفًا في باريس.

وشدد الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران الثلاثاء أن الحكومة “حصن ضدّ العنف غير المشروع”، رافضا اقتراح النقابات باللجوء إلى “وساطة”.

ودعت النقابات مساء الثلاثاء إلى اليوم الـ11 من “الإضراب والمظاهرات” الخميس 6 نيسان/أبريل، في كل أنحاء البلاد.

وقالت سوزان (21 عاما) وهي طالبة في ليون (وسط شرق) “لدينا انطباع بأنه مهما فعلنا لا شيء يتغير”. مضيفة “يدفعوننا إلى أقصى الحدود لكنهم لن ينجحوا في كسر عزيمتنا”.

وتسبب قطع الطرق والإضرابات والمظاهرات منذ عدة أيام، باضطرابات في إمدادات الوقود في بعض المناطق الفرنسية وعلى بعض الطرق ومستودعات الخدمات اللوجستية.

تعليق إضراب جامعي النفايات

وعرقل متظاهرون حركة القطارات في محطة غار دو ليون في باريس، وطلبت المديرية العامة للطيران المدني الثلاثاء من شركات الطيران مجددا إلغاء بعض رحلاتها الخميس والجمعة، لا سيما في مطار باريس-أورلي، بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية.

ونفد الوقود أو الديزل في أكثر من 15% من محطات الوقود في فرنسا الإثنين.

وفي باريس، أُغلق برج إيفل وقصر فرساي بسبب حركة الإضرابات.

وتتكدس آلاف الأطنان من القمامة في شوارع العاصمة بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إضراب مفتوح لجامعي النفايات. لكن نقابات عمّال جمع النفايات أعلنت “تعليق” إضرابها اعتبارًا من الأربعاء.

وعلى الرغم من تصميم الحكومة على موقفها بشأن الإصلاح، تشدّد على رغبتها في “التهدئة”.

بدأت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن سلسلة واسعة من المشاورات على مدى ثلاثة أسابيع مع نواب والأحزاب السياسية ومسؤولين محليين وشركاء اجتماعيين إذا أرادوا ذلك.

لكن النقابات، التي حذرت من تحول الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية خارجة عن السيطرة، لا تنوي التراجع.

والثلاثاء، طالب الأمين العام لنقابة “سي أف دي تي” الإصلاحية لوران بيرجيه الحكومة بإقامة “وساطة” من أجل “إيجاد مخرج”.

وأعلن الأمين العام لنقابة “سي جي تي” فيليب مارتينيز أن النقابات “سترسل رسالة إلى رئيس الجمهورية” لمطالبته مجددًا بـ”تعليق مشروعه”، فيما يتهم بعض المعارضين اليساريين، منهم القيادي في الحزب الشيوعي فابيان روسيل، الرئيس الفرنسي بأنه “يراهن على تلاشي” الحركة الاجتماعية.

“لا حاجة لوساطة”

وتراجعت شعبية ماكرون بست نقاط مئوية خلال شهر وفق استطلاع أجرته مجموعة أودوكسا، حيث اعتبر 30% فقط من المشاركين أنه رئيس “جيد”، بتراجع من ست نقاط مئوية خلال شهر، فيما ينظر إليه 70% من المستطلَعين بسلبية.

واعتبارا من الإثنين، بدأت بورن سلسلة واسعة من المشاورات على مدى ثلاثة أسابيع مع نواب والأحزاب السياسية ومسؤولين محليين وشركاء اجتماعيين إذا أرادوا ذلك.

لكن النقابات، التي حذرت من تحول الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية خارجة عن السيطرة، لا تنوي التراجع.

والثلاثاء، طالب الأمين العام لنقابة “سي أف دي تي” الإصلاحية لوران بيرجيه الحكومة بإقامة “وساطة” من أجل “إيجاد مخرج”. وتابع: “ما تطرحه النقابات اليوم هو بادرة تهدئة”.

وأعلن الأمين العام لنقابة “سي جي تي” فيليب مارتينيز أن النقابات “سترسل رسالة إلى رئيس الجمهورية” لمطالبته مجددًا بـ”تعليق مشروعه”، فيما يتهم بعض المعارضين اليساريين، منهم القيادي في الحزب الشيوعي فابيان روسيل، الرئيس الفرنسي بأنه “يراهن على تلاشي” الحركة الاجتماعية.

في أيدي المجلس الدستوري

وأفاد الناطق باسم الحكومة الفرنسية “لا حاجة لوساطة”. واعتبر أن مصير الإصلاح أصبح في أيدي المجلس الدستوري.

ولفت مصدر برلماني إلى أن الجمعية الوطنية ستستمع خلال الأيام المقبلة لوزير الداخلية جيرالد دارمانان بشأن “إدارة حفظ النظام”.

المصدر: فرانس 24