فرنسا: غداة تعبئة عيد العمال… النقابات أمام تحدي البقاء موحدة أمام اقتراحات الحكومة لحل الأزمة

تواجه النقابات العمالية الفرنسية الثلاثاء تحدي البقاء مرصوصة الصفوف أمام اقتراحات الحوار من الحكومة التي تسعى لإيجاد مخرج للأزمة حول إصلاح نظام التقاعد. وغداة التعبئة الاحتجاجية الكبيرة بمناسبة عيد العمال والتي تخللتها أعمال عنف لا يزال الغضب الاجتماعي قويا في البلاد، فيما تساءلت صحف عن الخطوات التالية المقبلة لافتة إلى أن “المعارضة والنقابات تدرس طرقا جديدة للرد”، لكن محذرة من أن “المظاهرات قد تخفت مع الصيف”.

لا يزال الغضب الاجتماعي قويا في فرنسا غداة تعبئة احتجاجية كثيفة جديدة ضد إصلاح نظام التقاعد تخللتها أعمال عنف. ولعل التحدي الراهن الذي تواجهه النقابات الثلاثاء هو البقاء موحدة أمام اقتراحات الحوار من الحكومة التي تحاول إيجاد مخرج للأزمة.

وعنونت صحيفة “ليبراسيون” اليسارية “مظاهرات: أيار/مايو، ماذا بعد؟” لافتة إلى أن “الغضب لا يضعف” وأن “المعارضة والنقابات تدرس طرقا جديدة للرد”. من جانبها، عنونت صحيفة “لوفيغارو” (يمين) في افتتاحيتها “الأيام التالية”، محذرة من أن “المظاهرات قد تخفّ مع الصيف”.

والإثنين، نزل حوالي 800 ألف شخص للمشاركة في مسيرات جابت كافة أنحاء فرنسا، وفق الشرطة. وإذا كان هذا الرقم بعيدا عن المستويات القياسية التي سجلت في نهاية يناير/كانون الثاني حين نزل 1,3 مليون شخص بحسب وزارة الداخلية، فإن التعبئة خلال أول يوم عيد عمال منذ 2009 تتوحد فيه النقابات بقيت قوية بعد 12 يوما من المظاهرات وأبعد من 1 مايو/أيار كلاسيكي.
“ليست المعركة الأخيرة”

في السياق، قال لوران بيرجيه الأمين العام لـ”الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل” إن “نسبة التعبئة كبيرة جدا في 1 مايو/أيار. هذه ليست المعركة الأخيرة، إنها احتجاج عالم العمل على هذا الإصلاح”.

وشهدت المسيرات صدامات عنيفة أحيانا في مدن عدة بينها باريس ونانت (غرب) وليون (شرق). ففي العاصمة تكثفت أعمال العنف مع وصول المسيرة. واستخدم مئات الأشخاص الألعاب النارية ضد قوات الأمن التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وتم توقيف 540 شخصا بينهم 305 في باريس خلال المظاهرات فيما أصيب 406 من عناصر الشرطة والدرك بجروح وفق وزير الداخلية جيرالد دارمانان.

وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من الاحتجاجات، يبدو المتظاهرون مصممين أكثر من أي وقت مضى على سحب قانون الإصلاح. ويتركز الغضب خصوصا حول رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، وهو إجراء تعتبره النقابات والمتظاهرون “ظالما” خصوصا للنساء اللواتي يعلمن في مهن صعبة.

وقبل 1 مايو/أيار، صادق المجلس الدستوري على القسم الأساسي من الإصلاح وقد صدر. إلا أن قرار الحكومة باللجوء في منتصف مارس/آذار إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح باعتماد نص بدون تصويت في البرلمان لتمرير هذا الإصلاح، أدى لتشدد واضح لحركة الاحتجاج وإلى عدة أيام من المظاهرات العنيفة في ربوع البلاد، ما ذكّر بحقبة الحركة الاحتجاجية “السترات الصفراء” عام 2018.
“أشعر بالغضب والتمرد والإذلال”

وقالت المتظاهرة لوسي آكر (42 عاما) في ستراسبورغ (شرق): “أشعر بالغضب والتمرد إزاء ازدراء هذه الحكومة”. وأضافت: “أشعر بالاشمئزاز من دخول إصلاح نظام التقاعد حيز التنفيذ. حتى إنني شعرت بنوع من الإذلال لأنه تم تجاهلنا إلى هذا الحد”.

هذا، ويبقى أمام النقابات الآن استحقاقان: الأول موعده يوم الأربعاء حين سيبت المجلس الدستوري بطلب ثان لإجراء استفتاء، والثاني وهو الأهم وموعده في 8 يونيو/حزيران حين ستنظر الجمعية الوطنية (البرلمان) في اقتراح قانون قدمته مجموعة نواب يمكن أن يشكل سببا ليوم جديد من المظاهرات.

وفي الانتظار، فإن التحدي سيكون أن تبقى الحركة الاحتجاجية موحدة فيما بدأت خلافات تظهر أمام دعوات الحكومة لاستئناف الحوار حول مواضيع أخرى مرتبطة بالعمل. فقد أعلن لوران بيرجيه أن “الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل” سوف “تذهب لإجراء مناقشات” مع رئيسة الوزراء إذا تمت دعوتها لذلك، فيما ذكّرت الأمينة العامة للاتحاد العمالي العام (سي جي تي) صوفي بينيه بأن النقابات اتفقت على اتخاذ قرار “معا”.

المصدر: فرانس 24